أكد وزير الري السوري محمد رضوان مارتيني أنه لم يعد هناك أي مانع قانوني من إعادة النظر في اقتسام مياه نهر الفرات مع تركيا، إذ أنه من المفروض أن تكون حصة سورية والعراق مستقبلاً أكبر من الحصة الموقتة حالياً والتي تقدر بنحو 500 متر مكعب/ ثانية، لافتاً إلى أن العجز المائي في سورية يقدر بنحو 7.811 مليون متر مكعب. وقال في لقاء مع "الحياة" ان انهيار سد زيزون لم يؤثر في المخزون المائي في سورية، وإنما أثر في الموسم الزراعي، اذ لم يتمكن الفلاحون من اتمام الموسم الزراعي في هذه السنة، مشيراً الى أن عدد السدود المنفذة في سورية يبلغ 156 سداً بين كبير ومتوسط وصغير، بتخزين اجمالي قدره 64.18 بليون متر مكعب. وفي ما يأتي نص الحديث: كيف تنظرون إلى واقع المياه في سورية؟ - يمكن النظر إلى واقع المياه من زاويتين، الأولى تتعلق بالعامل الطبيعي نتيجة الموقع الجغرافي، والآخر العامل البشري، اذ تقع سورية في منطقة شبه جافة، اذ تشكل الأراضي الجافة 70 في المئة من مجمل مساحة سورية، وتتميز الأمطار بالتذبذب من ناحية الكم والكيف الذي يؤثر بشكل كبير في مواردنا المائية، سواء السطحية أو الجوفية من سنة مائية إلى أخرى، وحتى من فصل إلى آخر ضمن السنة المائية الواحدة. أما بالنسبة إلى العامل البشري، فلقد كانت الطموحات أكبر من الأمانات المائية المتاحة حتى تاريخه. كما أن الموارد المائية في سورية تتألف من مياه وطنية داخلية تنبع وتجري ضمن حدودنا السياسية ومن مياه دولية مشتركة مع دول الجوار، وتم تنظيم بعضها عن طريق السدود في سورية والدول المجاورة، واننا نتطلع مستقبلاً إلى زيادة مواردنا من هذه المياه الدولية وفق أحكام القوانين الدولية. هل يوجد قلق حقيقي يراود الدولة من مشكلة المياه؟ - من أجل فهم مشكلة المياه في سورية لا بد من التطرق إلى مواردنا المائية في الوقت الراهن والمستقبل والتي تتألف من مياه وطنية ودولية. وبما أن مياهنا الوطنية تتعلق إلى حد كبير بالهطول المطري والتبخر الحاصلين في كل سنة مائية، وبما أنه يوجد نمو سكاني يحتم علينا تأمين مياه الشرب والصناعة وزيادة مساحة الأراضي المروية لتغطية الاحتياج إلى الغذاء، فإننا نحاول جاهدين المحافظة على الموارد المائية بشتى الطرق، خصوصاً المياه الجوفية التي تعتبر مخزوناً استراتيجياً عن طريق اصدار القرارات الناظمة لترشيد استخدامات هذه المياه، خصوصاً المياه الجوفية، كي تتعافى إلى مناسيب مقبولة، إضافة إلى المثابرة على اقتسام المياه الدولية مع الدول المجاورة والتي تشكل أكثر من 55 في المئة من مواردنا المائية بشكل منصف ومعقول وفق أحكام قانون المياه الدولي. ما هو النتاج الحقيقي والفعلي لمصادر المياه سنوياً في سورية، وهل يوجد عجز مائي يمكن أن يتحول إلى أزمة في السنوات المقبلة؟ - نظراً إلى أن الموارد المائية الداخلية تتعلق بالهطول المطري والتبخر الحاصلين في كل سنة مائية، فإنه يتحتم علينا أولاً معرفة هذه الهطولات محسومة منها كميات التبخر، وأن دراسة هذا الموضوع تعتمد على القياسات المائية السطحية والجوفية في كل الأحواض المائية السبعة التي تتألف منها سورية، فإذا اعتبرنا الاحتمال الاحصائي الوسطي 50 في المئة، فإن الموارد المائية الجوفية هي 5633 مليون متر مكعب في السنة والسطحية 4296 مليون متر مكعب في السنة، أي ما مجموعه 9929 مليون متر مكعب في السنة. وفي السنوات الجافة فإن الهطول المطري يكون أقل، وبالتالي اجمالي الموارد المائية أيضاً وذلك بسبب أن التبخر أكبر بكثير مما هو عليه في السنوات الرطبة، ما ينعكس سلباً على الموارد المائية الداخلية السطحية أو الجوفية، حيث تصبح الموارد المائية الداخلية في سنة جافة، باحتمال 75 في المئة، 6662 مليون متر مكعب في السنة فقط. وإذا اضفنا إلى وسطي الموارد المائية الداخلية البالغة 9920 مليون متر مكعب في السنة الحصة الموقتة من مياه نهر الفرات البالغة 6627 مليون متر مكعب، يصبح اجمالي وسطي مواردنا المائية 16556 مليون متر مكعب. وإذا كان وسطا درجة التنظيم 86 في المئة في الأحواض المائية السبعة، فإن الموارد المائية المنظمة هي 14218 مليون متر مكعب، وإذا اضفنا رواجع الصرف الصحي والصناعي والزراعي، فيصبح المجموع 16754 مليون متر مكعب، في حين ان اجمالي الاستخدامات من المياه ري وشرب وصناعة وبخر هي 17566 مليون متر مكعب، وبالتالي يكون مقدار العجز المائي نحو 7.811 مليون متر مكعب في السنة، أي قريب من المتوسط باحتمال 50 في المئة. ما هي الاجراءات التي قامت بها الحكومة للتخفيف من العجز المائي؟ - الاستمرار في إعادة تأهيل شبكات الري وأنظمة التحكم والقياس ورفع كفاءة الري الحقلي بادخال أنظمة متقدمة تنقيط - رش. وإعادة النظر في المساحات المروية من المياه الجوفية والتشجيع على تطبيق الري بالرش والتنقيط والطلب من وزارة الزراعة إعادة النظر في مساحات الأراضي المزروعة بالمحاصيل الشرهة للمياه والتشجيع على زراعة محاصيل أقل استهلاكاً للمياه وعالية القيمة وتحديد استجرار المياه من الآبار ومنع حفر الآبار في كل أنحاء سورية، إلا بموافقتنا، حصراً وبناء المزيد من السدود ومشاريع حصاد المياه كلما أمكن ذلك. برأيكم، هل أثر انهيار سد زيزون على المخزون المائي في سورية، خصوصاً أن كميات كبيرة من المياه ضاعت؟ - لم يؤثر انهيار سد زيزون على المخزون المائي في سورية، وإنما أثر ذلك في الموسم الزراعي، اذ لم يتمكن الفلاحون من اتمام الموسم الزراعي في هذه السنة، وسيتم ذلك حتى إعادة تأهيل سد زيزون خلال السنتين المقبلتين في المنطقة المتضررة، وان حجم التخزين لهذا السد هو 71 مليون متر مكعب، بينما يبلغ اجمالي وسطي الواردات المائية في سنة قريبة من المتوسطة 16556 مليون متر مكعب في السنة. ما هو واقع السدود في سورية من ناحية عددها وحجم تخزينها حالياً، خصوصاً أن هناك معلومات تشير إلى تشققات في العديد منها ربما تؤدي إلى إعادة مأساة زيزون؟ - يبلغ عدد السدود المنفذة في سورية 156 سداً بين كبير ومتوسط وصغير، بتخزين اجمالي قدره 64.18 بليون متر مكعب. أما بالنسبة إلى وجود تشققات تؤدي إلى إعادة مأساة زيزون، فإنه تم تشكيل لجنة فنية رئيسية في الوزارة ولجان فرعية على مستوى الأحواض في المديريات العامة، حيث قدمت تقارير عن السدود كافة، ولم يتبين وجود شقوق تؤثر في سلامة السدود. هل حلت المشاكل العالقة بين سورية وتركيا حول تقاسم مياه الفرات؟ وما هو حجم الكمية التي تمررها تركيا إلى سورية سنوياً، وهل هي ضمن الحدود الطبيعية؟ هل أنتم متفائلون بمستقبل المياه أم أن هناك تخوف على المدى المنظور؟ - أبرمت سورية في تموز يوليو عام 1987 مع تركيا بروتوكولاً ينص على اقتسام مياه نهر الفرات بشكل موقت وفق ما يلي: خلال فترة ملء خزان سد اتاتورك وحتى التوزيع النهائي لمياه نهر الفرات بين البلدان المتشاطئة، يتعهد الجانب التركي أن يوفر معدلاً سنوياً يزيد على 500 متر مكعب/ ثانية عند الحدود السورية - التركية، وفي الحالات التي يكون فيها الجريان السنوي تحت مستوى 50 متر مكعب/ ثانية، فإن الجانب التركي يوافق على أن يعوض الفرق أثناء الشهر التالي. وفي نيسان ابريل عام 1989 تم الاتفاق مع العراق على أن تكون حصة سورية من المياه الواردة من تركيا على الحدود المشتركة في جرابلس 42 في المئة، ونسبة حصة العراق 56 في المئة منها، وتسلم له على الحدود السورية - العراقية. وبما أن القصد من بروتوكول 1987 تمكين الجارة والصديقة تركيا من ملء خزان اتاتورك خلال فترة زمنية معقولة، وبما أن ذلك قد حصل فلم يعد هناك أي مانع قانوني من إعادة النظر في اقتسام مياه نهر الفرات، إذ أنه من المفروض أن تكون حصة سورية والعراق أكبر من الحصة الموقتة حالياً، نظراً إلى انتهاء الظرف الاستثنائي ملء خزان اتاتورك الذي اقتضاه. أما بالنسبة إلى التفاؤل بمستقبل المياه أو التخوف على المدى المنظور، فإن مواردنا المائية الداخلية قليلة نسبياً، خصوصاً في السنوات الجافة، وكلنا أمل بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع كل من تركيا الجارة الكبرى والعراق الشقيق لاستكمال اقتسام مياه نهري الفرات ودجلة بشكل منصف ومعقول وانطلاقاً من مبدأ "لا ضرر ولا ضرار".