لا تزال الإنترنت بالنسبة الى السوريين "سحراً" لا بد من فك طلاسمه ومعرفة ماهيته وكيفية التعاطي معه للحاق بالركب العالمي وتلافي اضراره "الصحية". وتعقد ندوات ومؤتمرات كان آخرها مؤتمر الشباب والإنترنت للبحث في كل المواضيع التي تتعلق بهذه التكنولوجيا الوافدة حديثاً الى البلاد. وتعتبر سورية من الدول المتأخرة في استخدام تقنية الإنترنت. ولا يتجاوز عدد المشتركين فيها ستين ألفاً. ومن المتوقع ان يؤدي دخول القطاع الخاص في توفير خدمة الإنترنت بعد ان حصلت بعض الشركات على ترخيص من "المؤسسة العامة للاتصالات"، الى زيادة عدد المستخدمين. ويتفاءل البعض بوصول الرقم الى المليون. ويؤخذ على الشبكات الحاسوبية في سورية انها بمعظمها شبكات محلية. ويستخدم الخط الواحد وسطياً 7،3 مستخدمين. وتجرى الاستعدادات حالياً للبدء بمشروع خدماتي كبير على شبكة الإنترنت يدعى "بوابة سورية". يمثل موقعاً متكاملاً لجميع الخدمات التي يحتاجها المواطن. وسيعتمد النص العربي والصيغة التفاعلية بما يتيح لكل مواطن ان يصل الى معلومات كافية عن حاجاته اليومية بدءاً بالأرقام الهاتفية وانتهاء بنتائج الامتحانات. وشبه مكتبة ودليلاً لجميع الخدمات العامة. والهدف الأساسي للمشروع "الدخول في مجال الاستثمار الأمثل لشبكة الإنترنت واعتمادها كمنصة انطلاق لتسهيل آلية العمل اليومي، والتخفيف من حركة العمل الروتيني اليومي لبعض المؤسسات، وبالتالي الانتقال بالجهد البشري الى مستوى المبادرة والإبداع". وقال الباحث حسين ابراهيم: "ان البوابة العامة ستحوي بوابات لمختلف المحافظات السورية. وعلى سبيل المثال، فمتطلبات سكان دمشق تختلف عن متطلبات سكان دير الزور، سواء من حيث الأعمال الزراعية أم الصناعية ام السياحية. التقنية الرقمية بالأرقام وتواجه سورية كغيرها من دول العالم الثالث تحديات استراتيجية تتمثل بموجة التقنية العالية. ويعتبر معدل النمو السكني في سورية من اسرع المعدلات في العالم. ويبلغ عدد العاملين في الدولة وفقاً لأرقام رسمية نحو 954799 عاملاً. بينما بلغ عدد العاملين الذين يتقنون العمل على نظم التشغيل وبرامج تحرير النصوص والجداول الإلكترونية 28164 عاملاً اي ما نسبته 95،2 في المئة من مجموع العاملين في الدولة. وتقدر حاجة المؤسسة الى تدريب العاملين على استخدام نظام التشغيل وبرامج تحرير النصوص والجداول الإلكترونية 86798 عاملاً اي ما نسبته 091.9 في المئة من العاملين في الدولة. كما تحتاج مؤسسات الدولة الى تدريب 23702 عامل على استخدام برامج اختصاصية واستثمارها اي ما نسبته 482،2 في المئة من مجموع العاملين في الدولة. ووفقاً للإحصاءات تتوزع النسبة الأكبر لاستخدام الحاسوب في مجال النظم الإدارية والمحاسبة 63 في المئة، فيما يلاحظ تدني نسبة المؤسسات المستخدمة لتكنولوجيا المعلومات في مجال نظم المعلومات والبحث عن المعلومات الى 32 في المئة. ويتوافر لدى 6 في المئة من المؤسسات خطط للتدريب خارج سورية. ويعتمد 59،6 في المئة فقط من المؤسسات على استخدام خبراء اجانب. وفي "مؤتمر الشباب والإنترنت" لاحظ بعض المشاركين ان عدد المواقع السورية لا يتناسب مطلقاً مع نموذجها الثقافي والحضاري ولا ينم عن اهتمام بشبكة الإنترنت بل يعني احياناً مجرد "رفع العتب". وينظر الى المواقع التي انشأها سوريون في بلاد الغربة على انها نماذج مهمة سواء من حيث المستوى الفني ام من حيث لغة التخاطب مع الآخر. والى الآن لا يتجاوز عدد المواقع السورية على الإنترنت 294 موقعاً لم تعتمد في غالبيتها مقومات النشر الإلكتروني، وكانت في معظمها عبارة عن بروشور اعلاني نسخ كما هو على الشبكة. وتعاني صناعة البرمجيات الخاصة بالإنترنت في سورية الكثير من المشكلات منها غياب التشريع الخاص بهذه المهنة وبالتالي عدم امكان الترخيص لشركة تعمل في مجال تطوير البرمجيات وارتفاع الضرائب عليها التي تصل الى 40 في المئة. ويقول ابراهيم ان سورية تعامل الشركات العاملة في مجال تطوير البرمجيات كأي شركة تجارية، فهي ملزمة بدفع رسم طابع يبلغ مليون ليرة سورية، اي ما يعادل نحو 20 ألف دولار اميركي عند الإشهار والعمل في مكان يحمل صفة تجارية الأمر الذي يفرض كلفة مرتفعة اضافة الى غياب تشريع واضح يحمي حقوق الملكية الفردية لشركات تطوير البرمجيات او لشركات الدراسات ولا يسمح حتى الآن لشركات تطوير البرمجيات بعرض برمجياتها او تقديم خدماتها البرمجية عبر الإنترنت وذلك على رغم اهمية ذلك لأعمال التصدير. ويؤكد ابراهيم ان المشكلة الأهم التي تواجه الحكومة السورية حالياً تتمثل في هجرة الكوادر العاملة في تطوير البرمجيات الى دول الخليج والدول الآسيوية وأوروبا وأميركا وعدم وجود سياسة لتشجيع الإنفاق في مجال البحث العلمي المتعلق بالمنتجات المعرفية. وأدت هذه المشكلات الى اقتصار نشاطات معظم شركات تطوير البرمجيات على تطوير برمجيات من النوع المحدود المتطلبات والمستوى الفني وهي غالباً البرمجيات الفردية ذات الأسس النظرية البسيطة كبرامج المحاسبة والمستودعات. وكان المشروع التجريبي للإنترنت بدأ في سورية بطاقة 520 مشتركاً فقط وشمل المؤسسات الحكومية في نهاية عام 1996، ولا توفر "الجمعية العلمية للمعلوماتية" جهداً في تأهيل المجتمع للوصول الى خطوات متقدمة في مجال استثمار الإنترنت والمعلوماتية. وطرحت وزارة المواصلات اخيراً فكرة الحاسوب الشعبي بتمويل من مصرف التسليف الشعبي الحكومي الذي تعهد بتوفير قروض سهلة السداد بقيمة 500 دولار اميركي للراغبين في شراء كومبيوترات ذلك ان الأرقام تشير الى خفض كبير في عدد اجهزة الكومبيوتر في سورية، اذ يبلغ عددها حالياً نحو 330 ألف جهاز اي بمعدل جهاز لكل ثماني عائلات عدد سكان سورية نحو 19 مليوناً، ومتوسط افراد الأسرة سبعة اشخاص.