رحبت القوى السودانية بحذر بمذكرة التفاهم التي وقعتها الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" في نيروبي والتي أرجأت حسم القضايا الخلافية في قسمة السلطة والثروة الى كانون الأول يناير، وطالبت باشراكها في العملية السلمية. واقترح زعيم حزب الأمة المعارض السيد الصادق المهدي في القاهرة صيغة لمعالجة الخلاف في شأن رئاسة السودان يتضمن استمرار الرئيس عمر البشير لمدة سنتين ثم اقامة ائتلاف يدير البلاد لمدة سنتين ثم اجراء انتخابات حرة يحكم الحزب الفائز فيها السودان خلال السنتين الباقيتين من الفترة الانتقالية. عقد وفدا الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" لقاء أمس مع الرئيس الكيني دانيال اراب موي الذي تقود بلاده اللجنة الخماسية في الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا ايغاد المعنية بحلف السلام السوداني. واطلع موي على تفاصيل مذكرة التفاهم، وحض الطرفين على "تقديم تنازلات حقيقية واتخاذ قرارات صعبة" حتى تكون جولة التفاوض المقبلة حاسمة لإقرار اتفاق سلام شامل ينهي 19 عاماً من الحرب الاهلية. واعتبر المذكرة تقدماً و"خطوة في الاتجاه الصحيح". ونفى الناطق باسم الوفد سيد الخطيب ان تكون الجولة فشلت، لكنه اعترف بأن ما تحقق "أقل مما كان متوقعاً"، موضحاً ان قضية الرئاسة لم تكن مطروحة للنقاش. ورأى ان قانون "سلام السودان" الاميركي "أوهم الحركة الشعبية بأن الخرطوم ستوقع على أي اتفاق، ولكن لم يتحقق لها ذلك الوهم". واعتبرت "الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي يتزعمها الدكتور جون قرنق أن مذكرة التفاهم لم تحسم الخلاف في شأن مؤسسة الرئاسة والعاصمة القومية وتوزيع عائدات النفط. ورأت ان "المذكرة مهمة وأقرت مشاركة القوى السياسية الأخرى في حكومة الوحدة الوطنية". وقال الناطق باسم الحركة ياسر عرمان ان "الوفد الحكومي وجد صعوبة في قبول اقتراح الوسطاء منح نيابة الرئيس للحركة بسبب مشاكل داخل النظام". وقال ان هذا الموضوع "من القضايا العالقة المؤجلة الى الجولة المقبلة"، لكنه أوضح "أن الطرفين اتفقا على ان تصدر قرارات المؤسسة الرئاسية باتفاق الطرفين الموقعين على الاتفاق". واكد ان حركته متمسكة بخلو العاصمة من قوانين الشريعة الاسلامية. واعتبر ان مذكرة التفاهم "قدمت اضافات جديدة"، لكنه أقر بأنها "محدودة". وفي القاهرة أ ف ب قدم زعيم حزب الامة السوداني الصادق المهدي خطة لحل المشاكل المتعلقة بتقاسم السلطة بين الخرطوم والمتمردين الجنوبيين، وقال خلال لقاء مع وسائل الاعلام الاجنبية مساء الاثنين ان تقاسم السلطة بشكل دوري بين البشير وقرنق "ظالم وغير واقعي طوال الفترة الانتقالية" التي نص عليها بروتوكول مشاكوس". واقترح المهدي ان تكون "السنتان الاوليان من السنوات الست آخر سنتين من ولاية البشير". وطالب المهدي، في خلال السنتين التاليتين، بإقامة "ائتلاف بين الطرفين، ومشاركة رمزية من الاحزاب الاخرى، لمعالجة اثار الحرب". كما دعا الى "اقرار دستور جديد في الفترة ذاتها واجراء اصلاحات تشريعية لازالة القوانين القمعية". وطالب باجراء "انتخابات حرة بعد سنتين من اجل منح الشعب الحرية في اختيار حكامه". ورحب حزب الأمة بتمديد الهدنة واقرار اجراء انتخابات حرة وتشكيل حكومة وطنية خلال الفترة الانتقالية واشراك القوى السياسية في اعداد الدستور. وقال نائب الأمين العام للحزب الاتحادي الديموقراطي سيد أحمد الحسين ان اجراء انتخابات في ظل حكومة وحدة وطنية كان ينبغي ان يسبق الدخول في مفاوضات السلام بدلاً من الشروع في قسمة السلطة والثروة. وانتقد "ايغاد" وشركائها بشدة واتهمها بالانحياز الى جانب الجنوبيين والسعي الى تقسيم البلاد، مشيراً الى ان مناطق في غرب السودان وشرقه ستطالب بحق تقرير المصير وليس الجنوب وحده. وأفاد مسؤول الشؤون القانونية في حزب المؤتمر الشعبي محمد الحسن الأمين بأن حزبه يرحب بإطلاق الحريات واجراء انتخابات حرة في ظل حكومة وحدة وطنية. ودعا الى اشراك كل القوى السياسية في حكم البلاد وتحديد مصيرها ورسم مستقبلها من دون عزل. وأبدى تحفظات على "ما كان يجري في مشاكوس من مساومات في قسمة السلطة". ورحبت وزارة الخارجية الاميركية بتوقيع مذكرة التفاهم ووصفتها بأنها "أنباء طيبة". وامتدح مساعد وزير الخارجية للشؤون الافريقية والتر كانستينر "التقدم الذي تحقق في المحادثات". وأوضح ان "المناقشات الاميركية مع الحكومة المصرية في شأن السودان كانت ايجابية للغاية، والمصريين قدموا دعماً كاملاً ونحن نثمن هذا التأييد".