سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مسلحون من عشائر فقدت أبناء لها في المدينة ينضمون الى "أبو سياف" وأعوانه مخالفين تعليمات شيوخهم . السلطات الأردنية تعمل لتجريد معان من الأسلحة وتعلن توقيف 127 مطلوباً من اصل 250 منذ بدء حملتها
ما تزال مدينة معان في جنوبالاردن تعيش حال طوارئ استثنائية لليوم الخامس على التوالي، بعدما اعتبرتها الحكومة منطقة خالية من السلاح، اذ واصلت امس القوات الخاصة من الجيش والشرطة مطاردة جماعة "التكفير والهجرة" السلفية المتشددة التي يتزعمها محمد الشلبي المعروف ب"ابو سياف" وسط تأكيد سكان المدينة ان العديد من ابناء العشائر التي قتل افراد فيها اثناء الاضطرابات انضموا الى الجماعة المسلحة، فيما ارتفعت حصيلة القتلى الى ثمانية اشخاص بينهم شرطيان. وقال سكان في معان ل"الحياة" ان "رجال العمليات الخاصة من الجيش والشرطة استأنفوا تعقب المطلوبين في احياء معان وجوارها، تحسباً من احتمالات فرار ابو سياف واعوانه الى مناطق المحاجر وأذرح القريبة من المدينة". وكشفوا ان "مسلحين من العشائر التي فقدت افراداً فيها انضموا الى ابو سياف واعوانه، بعدما تمردوا على تعليمات اصدرها شيوخ القبائل بعدم اعتبار ما يحدث في معان قضية نزاع بين الدولة والعشائر، بل مسألة امنية بحتة". وفيما رجح سكان ان "يكون ابو سياف ورفاقه قد نجحوا في الهرب خارج المدينة" اكد محافظ معان محمد بريكات في تصريحات نشرتها الصحف الاردنية امس ان "المعلومات تؤكد ان الزعيم السلفي ما يزال متحصناً داخل المدينة، ولم يفرّ خارجها". واكد السكان ان "العديد من قناصة الشرطة اعتلوا سطوح المنازل والاماكن المرتفعة لرصد حركة المطاردين في احياء الطور والاسكان" فيما خضعت معان بأكملها الى "حملة تمشيط واسعة لنزع الاسلحة من المواطنين" تنفيذاً للقرار الحكومي الذي اصدره مجلس الوزراء بعد جلسة طارئة ليل اول من امس. وصرح وزير الاعلام الاردني محمد العدوان ل"الحياة" بأن "قوات الامن تمكنت امس من القبض على العديد من المطلوبين الرئيسيين التابعين للعصابة المسلحة وواصلت تعقبها للمتورطين في قضايا جنائية" وفي مقدمهم ابو سياف، وامير الجماعة السلفية في معان مجدي عزامي، وعضوها البارز عمر البزايعة. وافادت وكالة الانباء الاردنية الرسمية "بترا" امس ان "قوات الامن القت القبض على ثلاثة من افراد العصابة والمطلوبين هم جمال عبكل ويوسف اخو عميرة وحمزة العصافيري بعد تعقبهم في منطقة في احدى المزارع، وضبطت بحوزتهم كميات كبيرة من الاسلحة الاوتوماتيكية والرشاشة والقنابل اليدوية ومواد تصنيع المتفجرات". وقالت ان "الثلاثة مطلوبون في قضايا تتعلق باحراق مركز امني ومقاومة رجال الشرطة". وبعدما شدد العدوان على ان "السلطات مصممة على تحويل معان منطقة خالية من الاسلحة". اوضح ان "هذا الاجراء الذي بدأ في مدينة العقبة الاقتصادية الخاصة جنوب منذ اشهر، سيتحول قريباً الى سياسة عامة للدولة، ليصار الى نزع الاسلحة في مناطق المملكة كافة، وتنظيم شروط حيازتها بموجب القانون". واكد مجدداً ان "الحملة الامنية ستستمر الى حين القاء القبض على المطلوبين جميعاً، وتجريد المدينة من السلاح" الذي يعتبر امتلاكه في هذه المنطقة العشائرية جزءاً من التقاليد الاجتماعية. ورأى مراقبون اردنيون ان التوجه الرسمي الى "نزع الاسلحة من المناطق العشائرية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين تدبير احترازي قبل التصعيد العسكري المكتمل على العراق، ويعكس في الوقت نفسه تصميم الدولة على تهيئة الاجواء الداخلية لاي اضطرابات امنية محتملة عند بدء العمليات على بغداد" ولفتوا الى ان "مثل هذا الاجراء سيقلل الكلفة الامنية المتوقعة في هذا الصدد". واعلن وزير الداخلية الاردني قفطان المجالي في بيان رسمي ان السلطات بدأت في ا جراءات امنية لتنفيذ سياسة حكومية جديدة اعتبرت "معان خالية من الاسلحة" واوضح ان "الاجهزة الامنية شرعت في جمع الاسلحة الاوتوماتيكية الرشاشة والقاذفة والبنادق العادية والمستخدمة في الصيد والمسدسات غير المرخصة الموجودة في حوزة المواطنين". ودعا الوزير سكان معان الى "تسليم سلاحهم الى مديرية شرطة المدينة، وعلى من يرغب منهم باقتناء مسدس تقديم طلب للحصول على رخصة قانونية". وشدد على ان الحكومة قررت "حظر حمل الاسلحة او تخزينها في هذه المدينة تحت طائلة المسؤولية القانونية". وقالت "بترا" ان "المواطنين امتثلوا لقرار الحكومة، وبدأوا تسليم اسلحتهم طواعية الى مديرية شرطة معان، وعبّروا عن رضاهم على هذه الخطوة، للتخلص من المعاناة التي سببتها العصابات المسلحة". وكانت السلطات اعلنت انها تمكنت من مصادرة كميات كبيرة من الاسلحة بينها رشاشات وقاذفات من طراز "آر بي جي" وقنابل يدوية ومفرقعات ومواد شديدة الانفجار، فضلاً عن مصنع صغير لتصنيع الاسلحة. وعزا مسؤولون اردنيون وجود الاسلحة بكثافة في معان الى "عمليات التهريب المتواصلة التي تستفيد من طبيعة المناخ الصحراوي"، واشاروا الى ان الاجهزة المختصة "احبطت في السنوات الماضية كثيراً من محاولات التهريب التي انطلقت من الاراضي السعودية والعراقية والسورية". واوضحوا ان "المهربين يجدون في المناطق العشائرية سوقاً رائجة لاسلحتهم المهرّبة". كما ان "المهربين يسعون الى بيع بعض قطع السلاح، ولا سيما الثقيلة، الى اشخاص يحاولون تهريبها مجدداً الى الاراضي الفلسطينية". وكشف مسؤول امني ل"الحياة" ان السلطات "اوقفت منذ بدء حملتها في المدينة 127 شخصاً من اصل 250 مطلوباً، بعضهم اعضاء في العصابة المسلحة، وآخرون متورطون في قضايا تهريب اسلحة ومخدرات واعمال تخريب مختلفة". واشار الى ان القبض اول من امس على ثلاثة من اعوان "ابو سياف" وهم الملا خميس ابو درويش الذي يعد من اكبر تجار الاسلحة وشقيقيه عصري واحمد ربما ساهم في تذليل العقبات امام اعتقال بقية المجموعة التي تستخدم المواطنين دروعاً بشرية لحمايتهم. وفيما لا تزال الرواية الرسمية تؤكد ان خمسة اشخاص بينهم شرطيان قتلوا في الاحداث، اكد احد شيوخ العشائر ل"الحياة" ان عدد القتلى من السكان "ارتفع الى ستة اشخاص، بعد مقتل مهندس كهربائي يعمل في مؤسسة حكومية يدعى بلال الدحيات وعمره 35 عاماً فجر امس" لتصل حصيلة القتلى بذلك الى ثمانية اشخاص. وافادت صحيفة "الرأي" اليومية التي تملك الحكومة غالبية اسهمها ان "جثامين ثلاثة من قتلى الاحداث هم عمر العقايلة واحمد ابو هلالة ومحمد كريشان دفنت في مقبرة المدينة، بهدوء وسط حضور ذويهم". سياسياً، بررت الحكومة رفضها وساطة المعارضة الاسلامية في التوصل الى حل لتهدئة الاوضاع في معان بأن "القضية ليست سياسية بل امنية" وشدد رئيس الوزراء الاردني علي ابو الراغب على ان "الدولة مصممة على اجتثاث العصابة الموجودة في معان من جذورها، وانها لن تقبل اية وساطة او مساومة عندما يتعلق الامر بالمصلحة الوطنية العليا والامن الوطني".