عقد زعيم حزب العدالة والتنمية التركي رجب طيب أردوغان في روما أمس، اجتماعًا مع رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو بيرلوسكوني وعدد آخر من المسؤولين مثل رئيس مجلس النواب وقادة المعارضة اليسارية الإيطالية. وجاءت هذه الزيارة في مقدمة جولة أوروبية تشمل كلاً من أثينا ومدريد وبروكسيل حيث يلتقي رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي. وعلى رغم عدم امتلاكه أي صفة رسمية، حظي رجب طيّب أردوغان في إيطاليا باستقبال رسمي بمستوى رؤساء الحكومات، واستقبله بيرلوسكوني في مقر رئاسة الحكومة بقصر كيجي وحضر اللقاء نائب رئيس الحكومة جانفرانكو فيني وعدد من الوزراء. وكان سيلفيو بيرلوسكوني أعلن في وقت سابق من الأسبوع الماضي أن بلاده "لن تألو جهدًا في مساعدة تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي". ولم يخف أردوغان أهمية ملف ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى حزبه، إذ كان قرار الاتحاد الأوروبي بإرجاء الإعلان عن ضم تركيا إلى صفوفه، القشة التي قصمت ظهر الطبقة السياسية التركية القديمة، إلا أنه وعلى رغم فوزه الساحق في انتخابات الاسبوع الماضي فإن أردوغان يدرك أن عليه، وعلى الحكومة التي ستتولى مهمات الحكم في أنقره، أن تقدم للشعب التركي ما طال انتظاره طويلاً. وأعلن الزعيم التركي لدى وصوله إلى روما أن "قضية انضمام تركيا الكامل إلى الاتحاد سيكون في مقدمة جدول أعمال لقائي مع بيرلوسكوني". من جهة أخرى، بدا أن أردوغان يدرك أن الاتحاد الأوروبي ليس راغبًا في عزل تركيا أو إقصائها من دائرة الدول المرشحة، لذا فإنه وضع على بساط البحث ليس "شهادة حسن السلوك والسيرة" لحزبه، بل المصالح الأوروبية، والغربية في شكل عام في تركيا. وإلى جانب ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإن ما يشغل بال أردوغان هو إقناع الزعامات الإوروبية في أن حزبه لن يقلب موازين القوى في الدولة العلمانية التركية، وربما كانت حركته في وقف يوم الصيام لدى لقائه بيرلوسكوني وقبوله دعوة الرئيس الإيطالي لمأدبة الغداء، تأكيدًا على عدم كونه من ممثلي التيار المحافظ. ويعوّل أردوغان على دعم إيطاليا كثيرًا ويأتي اختياره لها كمحطة أولى لجولته الأوروبية فيما كان أعلن في وقت سابق من الأسبوع الماضي أنها ستكون المحطة الثانية بعد أثينا، ويُعتقد أنه استمع من بيرلوسكوني إلى مطالبات عدة في ما يختص بحقوق الإنسان والحريات الخاصة بالشعب الكردي وبالذات زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي طالبت مجموعة برلمانية إيطالية مكوّنة من جميع الأحزاب الإيطالية رئيس الحكومة الإيطالية بأن يطالب أردوغان ب"تخفيف ظروف الحبس الانفرادي المفروض عليه وإنهاء تلك الظروف والسماح بلجنة تتعرف على ظروفه الصحية". مزيد من الاتصالات وإلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الدنماركي أندرس فوغ راسموسن أن أردوغان سيزور كوبنهاغن في نهاية الشهر الجاري، للدعوة إلى انضمام بلاده إلى الاتحاد الاوروبي. وقال راسموسن الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الاوروبي حاليًا، أن أردوغان "أعرب عن رغبته في لقائي وقبلت طبعًا اللقاء". وأعلن مصدر رسمي في بروكسيل أمس، أن الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للسياسة الخارجية خافيير سولانا سيتوجه إلى أنقره للقاء أردوغان. وقالت كريستينا غالاش الناطقة باسم سولانا إن المحادثات ستركز في شكل خاص على "وضع اللمسات الاخيرة على الاتفاقات الدائمة بين الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي" إلى جانب التطورات المتعلقة بجزيرة قبرص. قبرص على صعيد آخر، أعلن وزير الخارجية الاميركي كولن باول عن ارتياحه لردود الفعل الاولى على خطة الاممالمتحدة للسلام في قبرص. وقال باول في ختام اجتماع مع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في واشنطن اول من امس، ان "الردود الاولية من الجانبين اليوناني والتركي كما وصلت من كل الاطراف في هذه القضية الصعبة، كانت مشجعة على ما اعتقد". وأضاف: "هذه مبادرة مهمة وآمل في ان ينكب الطرفان على دراستها بعناية". وأكد وجود "كثير من الصعوبات التي تواجهنا، لكن من المهم ان يغتنم الطرفان هذه الفرصة" للتوصل الى تسوية سلمية. وكان انان عرض الاثنين الماضي، خطة سلام تهدف الى تسوية قضية جزيرة قبرص المقسمة منذ 28 عاماً بين القبارصة اليونانيين والاتراك، عبر اقامة كونفيديرالية اشبه بالنموذج السويسري، يمكن انضمامها الى الاتحاد الاوروبي. وسلمت الوثيقة التي تقع في 150 صفحة، في وقت واحد الى كل من الرئيس القبرصي غلافكوس كليريدس وموفد للزعيم القبرصي التركي رؤوف دنكطاش الذي خضع لعملية في القلب وما زال في المستشفى في نيويورك منذ الشهر الماضي.