شكك وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد في نجاح مهمة فرق التفتيش في العراق، فيما اعتبرت مستشارة الرئيس جورج بوش لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس ان القرار 1441 ليس خدعة لجعل الهجوم على العراق ممكناً، مشددة على ان "التهديد ضروري لحمل النظام العراقي على التعاون". في غضون ذلك، أصدرت منظمة طبية تقريراً، قدم أرقاماً ضخمة لتكلفة الحرب المحتملة على العراق، بشرياً ومالياً، وتوقعت مقتل نصف مليون شخص محذرة من ارتفاع الرقم الى أربعة ملايين في حال استخدمت أسلحة نووية. وأوضحت وثيقة للمنظمة شارك في اعدادها خبراء من انحاء العالم، ان تكلفة الحرب واعادة إعمار ما ستدمره قد تصل الى 200 بليون دولار. واشنطن، لندن، اوسلو - أ ف ب، رويترز - شكك وزير الدفاع الاميركي أمس بنجاح عمليات التفتيش المرتقبة في إزالة الأسلحة العراقية المحظورة، مؤكداً ان الجهاز العسكري الاميركي "قادر تماماً" على اطاحة نظام الرئيس صدام حسين. وقال في اجتماع دولي لرجال الأعمال مساء الاثنين: "سيكون من الصعب جداً على المفتشين ان يعثروا على أي شيء". وأضاف ان النظام العراقي وزع الأسلحة المحظورة "بدفنها وقتل مواطنيه الذين حددوا لمفتشي الأسلحة مواقعها". ورداً على سؤال عن احتمال وقوع خسائر في صفوف القوات الاميركية في حال ضرب العراق، قال رامسفيلد: "لا شك في ذلك، اذا رأى رئيس الولاياتالمتحدة ضرورة، فإن القوة ضرورية ضد العراق والقوات الاميركية قادرة تماماً على تغيير هذا النظام والعثور على تلك الأسلحة وتدميرها". ورأى ان حكومة جديدة في العراق "يجب ان تعكس التشكيلة العرقية في البلاد"، لافتاً الى ان تغيير النظام "سيؤدي الى ازدهار اقتصادي كبير، ليس في العراق وحده، بل في دول مجاورة مثل تركيا والأردن". ليس خدعة وأشارت كوندوليزا رايس مستشارة بوش لشؤون الأمن القومي الى ان القرار الذي تبناه مجلس الأمن ليس خدعة لجعل الهجوم على العراق اكثر احتمالاً، مشددة على ان "التهديد ضروري" لحمل بغداد على "الامتثال". واعتبرت في مقابلة مع اذاعة "ان بي ار" أن "هذا القرار لا يقربنا من الحرب، ولكن علينا ابقاء المسدس مصوباً نحو رأس النظام العراقي، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتوصل الى حمله على التعاون". وزادت ان على صدام الامتثال للقرار "بلا لبس أو تحفظ" وإلا سيواجه عملاً عسكرياً لإنهاء نظامه. ورداً على سؤال عن تأثير الموقف الأخير لجامعة الدولة العربية الداعي الى احترام القرار 1441 قالت رايس: "لا يستطيع أحد، لا الجامعة العربية ولا أي شخص آخر انقاذه النظام العراقي اذا حاول الآن ان يفعل ما فعله في السنوات الماضية: الخداع، واخفاء مشاريعه". وأضافت ان "سبب فكرة التشجيع على تغيير النظام هو ان أحداً لم يفكر في ان هذا النظام يتصرف بطريقة تحمله على احترام التزاماته. وأمامه الآن فرصة أخيرة". وفي لندن، قال خبراء في مجال الطب امس ان الحرب على العراق قد تتحول الى صراع نووي يسفر عن سقوط حوالى أربعة ملايين قتيل، وعن تداعيات صحية وبيئية مدمرة. وذكروا ان عدد القتلى حتى من دون وجود أسلحة نووية، قد يصل الى نصف مليون، وقد تندلع حرب أهلية في العراق أو تحدث مجاعات أو تنتشر أوبئة، وتندلع حرائق في حقول النفط و"ربما تستدرج المنطقة كلها الى الصراع". وأشارت منظمة "ميداكت" العالمية للصحة الى احتمال نزح كثيرين، وحصول انهيار اقتصادي في العراق، أو ارتفاع اسعار النفط ما قد يسبب أزمة اقتصادية عالمية. وقالت جيل ريف مساعدة مدير المنظمة التي تضم أطباء وممرضات وخبراء صحة وتنتمي الى مجموعة "الأطباء الدوليون لمنع الحرب النووية" وهي حاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 1985 ان "ضمان نزع أسلحة العراق لا يتطلب حرباً، ونبذل آخر جهد لجعل الناس يرون المنطق والتفكير في العواقب". وفي تقرير عن تداعيات الحرب، حذرت المجموعة من ان أي صراع ضد الرئيس صدام حسين يرجح ان يستمر، وتقدر تكاليفه بنحو 200 بليون دولار، ويخلف دماراً في العراق. وأضافت ان "الهدف الاميركي في تغيير القيادة في بغداد يقابله هدف صدام في البقاء، لذلك فإن القول بشن حملة قصيرة ودقيقة هو على الأرجح من باب التفاؤل". واستند تقرير "ميداكت" الذي جاء بعنوان "الخسائر الهائلة" الى بيانات حرب الخليج وصراعات مشابهة، ومعلومات من مصادر سياسية والى تصور هجمات جوية على المنشآت الحكومية والعسكرية في العراق، يعقبها زحف القوات البرية للسيطرة على المناطق المنتجة للنفط وشمال العراق، ثم مزيد من الهجمات البرية والجوية للاستيلاء على بغداد. ويحذر التقرير من ان صدام قد ينتقم بإضرام النار في حقول النفط أو استخدام اسلحة كيماوية أو جرثومية أو اشعاعية، أو شن هجوم على حقول نفط خليجية أو المراكز المدنية في دول خليجية. واضافت ريف: "ستحدث خسائر واسعة للبيئة في العراق ومن المحتمل ايضاً في الدول المجاورة، ستضرم النار في حقول النفط ما سيؤدي الى تسرب بقع نفطية وانبعاث دخان سام. وستدمر تحركات القوات والألغام الأرضية الاقتصاد الهش". وتابعت ان اللاجئين الفارين سيموتون بأعداد كبيرة، وسيشكلون مزيداً من الضغوط على الدول المجاورة، ويرجح ان تتطلب عمليات الاغاثة بلايين الدولارات. ويحذر التقرير من ان أي صراع جديد سيكون اكثر تدميراً من حرب الخليج، وسيعاني الشعب العراقي بشدة. وتقدر "ميداكت" نفقات الأسلحة والاحتلال والإغاثة وإعادة الإعمار بما يصل الى مئتي بليون دولار. ويمكن لمثل هذا المبلغ ان يغطي الاحتياجات الصحية لفقراء العالم على مدى أربع سنوات. بوتين واثق من قبول العراق القرار 1441 وفي أوسلو أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس عن اعتقاده بأن العراق سيوافق في النهاية على القرار 1441، داعياً الدول العربية الى الضغط على صدام لقبوله. وفي مؤتمر صحافي عقده مع المستشار الالماني غيرهارد شرودر، قبل دقائق من صدور توصية المجلس الوطني البرلمان العراقي برفض القرار، اكد بوتين ان صدام وحده يعرف اي قرار سيتخذه في النهاية و"نتصور ان بغداد ستنتهز هذه الفرصة لتجنب مواجهة عسكرية". واوضح ان لديه انطباعاً بأن القرار "لقي قبولاً جيداً" لدى الشعب العراقي. وعبر الرئيس الروسي عن أمله بأن تعلن الدول الأخرى العربية وجهة نظرها في القرار و"تمارس بعض الضغوط على العراق". وكان شرودر اعتبر ان قرار الاممالمتحدة 1441 حول نزع سلاح العراق "فرصة لحل سلمي" للمسألة العراقية، وقال في ختام لقاء مع رئيس الوزراء النروجي كييل ماغني بوندفيك اول من امس: "من الضروري ان يتدخل مفتشو الاسلحة في اسرع وقت وان يطبق قرار مجلس الأمن بحرفيته، ونستغل هذه الفرصة من اجل التوصل الى حل سلمي للمشكلة في هذه المنطقة". وكرر شرودر ان بلاده لن تشارك في عملية عسكرية ضد العراق. واعلن بوندفيك انه لم يفاجأ برفض لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان العراقي القرار 1441، وقال: "في العراق، صدام هو الذي يقرر. انا مرتاح الى القرار الجديد، والمجموعة الدولية تعطي العراق فرصة جيدة لتنفيذ التزاماته وحل المشكلة بطريقة سلمية".