واشنطن - رويترز - يستبعد ان ينهي التوصل الى "حل وسط" في الأممالمتحدة في شأن قرار يعزز صلاحيات المفتشين قبل عودتهم الى العراق، الصراع بين الولاياتالمتحدة والدول الكبرى الأخرى ازاء العمل العسكري المحتمل ومستقبل العراق. وشهدت الأسابيع الستة الماضية "مناورات" ديبلوماسية وضعت الولاياتالمتحدة وبريطانيا ضد فرنساوروسيا في "رقصة" بطيئة معقدة، لعبت فيها شرعية مجلس الأمن والأوضاع السياسية المحلية والمصالح القومية دوراً. وأفاد مسؤولون وديبلوماسيون ان هناك اجماعاً يتكون بين الدول الكبرى على قرار يقضي بعودة المفتشين واستئناف تفكيك اسلحة الدمار الشامل العراقية. واذا عرقلت بغداد هذه العملية سيناقش مجلس الأمن العواقب، ما سيفجر جدلاً جديداً حول طبيعة العمل العسكري المتوقع بقيادة الولاياتالمتحدة لإجبار العراق على الالتزام. وقال فيليب غوردون خبير الشؤون الأوروبية في معهد بروكينغز: "حتى اذا سمعنا غداً ان هناك اتفاقاً على قرار للأمم المتحدة، اعتقد ان هذا مجرد بداية عملية، ويمكن المرء ان يتخيل مزيداً من الخلافات والصعوبات". ويتعلق ذلك الى حد كبير بتحديد الى أي مدى يمكن ان يتدخل العراق في عمل مفتشي الأسلحة، وهل هذا السلوك سيجيز العمل العسكري ضده. وهناك مقدار كبير من التوقعات في شأن "مساومات" الأسابيع الأخيرة، لا سيما التي شملت المصالح الفرنسية والروسية في حقول النفط العراقية، اذا اندلعت حرب وأطيح الرئيس صدام حسين. مسؤول اميركي رفيع المستوى قال لوكالة "رويترز": "اذا ذهب المجتمع الدولي ونزع أسلحة العراق، فإن الذين سيشاركون في مثل هذه الجهود سيكون لهم نفوذ أوسع في مستقبل العراق، اكثر من الذين لا يشاركون". وقاومت فرنسا بقوة مطالبات أميركية بقرار دولي يضع شروطاً قاسية لعمل المفتشين ويعطي واشنطن خياراً واسعاً لتنفيذ عمل عسكري اذا منعهم صدام من أداء مهماتهم. وما زالت فرنسا التي انضمت اليها روسيا في معارضة مشروع القرار الاميركي - البريطاني المتشدد، تريد من المجلس ان يصوت قبل أي عمل عسكري ضد العراق. وتشعر باريس بالقلق من "متفجرات" خفية في القرار، يمكن واشنطن ان تستخدمها في شن حرب واطاحة صدام، لتعلن بعد ذلك ان الأممالمتحدة خوّلت اليها هذا العمل. لكن ضمان بقاء المجلس مشاركاً في القرار، ولو من الناحية النظرية، يؤمن وسيلة لكبح عمل اميركي منفرد، ويضمن استمرار تأثير فرنساوروسيا والصين التي اعتبر مسؤول اميركي بارز انها "لا تريد خروج الولاياتالمتحدة من نطاق مجلس الأمن لأنه من الوسائل" التي تمارس فيها هذه الدول السياسة العالمية. ورأى مسؤول آخر في الادارة الاميركية ان القضية الاساسية هي رغبة واشنطن في "ترك القرارات العسكرية المتعلقة بالعراق في أيدي القادة العسكريين، أي في أيدي تحالف تقوده الولاياتالمتحدة"، وهم الفرنسيون "يريدون ذلك، ولن نسمح لهم بأن يفعلوا ذلك". وفي الأيام الأخيرة ضغط الرئيس جورج بوش الذي شعر بالاحباط من اتساع المناقشات في الأممالمتحدة من أجل انهائها ملوّحاً بأن بلاده ستتخلى عن عملية الأممالمتحدة. لكن غوردون نبه الى ان كل ذلك "مناورات"، وكل جانب سيخسر اذا انهارت هذه العملية. كما ظهرت في النقاشات قضايا اخرى ذات أهمية قومية، وستظهر اكثر اذا تعززت احتمالات الحرب على العراق، ولفرنساوروسيا مصالح اقتصادية كبيرة في هذا البلد الذي يدين لباريس بمبلغ خمسة بلايين دولار ولموسكو بمبلغ يتراوح بين 8 بلايين و12 بليون دولار. وأشار ليون ارون الخبير في معهد المشاريع الاميركية ان الأموال كانت الدافع الأساسي لدى موسكو لمعارضة سياسة واشنطن إزاء بغداد، لافتاً الى رغبة روسيا في ضمانات لمصالحها في العراق اذا اطيح صدام، بما فيها العقود التي تتفاوض عليها شركاتها، وهذا "يجب ان تكون اميركا مستعدة لتقديمه".