الناصرة - "الحياة" بعد ان اخفقت اسرائيل في اخفاء خيبتها من فشل مخططها في عزل الرئيس ياسر عرفات واضطرارها الى الانصياع للأوامر الاميركية بسحب جيشها من محيط مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، يبذل اقطابها وفي مقدمهم وزراء حزب العمل المحسوب على يسار الوسط، جهوداً على الساحة الدولية لاستثناء عرفات من التحركات التي تشهدها المنطقة هذه الأيام لاختراق الجمود في الشرق الأوسط واعادة طرفي النزاع الى طاولة المفاوضات. ولم يخف هؤلاء قلقهم مما وصفوه بتعاظم شعبية عرفات بعد رفع الحصار، مرددين في الوقت ذاته ان ذلك موقت. تماهياً مع سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي أوفد الأمين العام لحكومته جدعون ساعر الى الدنمارك لإقناع زعماء الدولة التي ترأس حالياً الاتحاد الأوروبي بضرورة تحييد الرئيس ياسر عرفات، طالب زعيم حزب "العمل" وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر منسق الشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد خافيير سولانا اثناء لقائهما أمس بالكف عن "محاولات أوروبا الرامية الى محاورة عرفات"، زاعماً ان مثل هذا الحوار يعرقل الاصلاحات المنوي ادخالها على السلطة الفلسطينية. واتهم الرئيس الفلسطيني بالعمل على اعاقة التطورات الاستراتيجية في الجانب الفلسطيني "التي تتسم بالسعي لاستئناف المفاوضات بعدما أدرك انه لن يحقق شيئاً عن طريق الارهاب". وقال ان عرفات يستغل استعادة شعبيته بعد فشل اسرائيل في محاصرته لعرقلة هذه التطورات وعملية محاسبة النفس التي يجريها الفلسطينيون "لكنه لن يكون قادراً على عرقلة الاصلاحات". وفي وقت لاحق، التقى سولانا مستشار الرئيس عرفات لشؤون الامن القومي محمد دحلان لمناقشة الاوضاع الامنية والسياسية في المنطقة. وقال دحلان للصحافيين: "هذا اللقاء جاء من اجل التحضير للقاء المقرر بين سولانا وعرفات في رام الله الاثنين" والذي يهدف الى "متابعة الاوضاع ميدانيا والاجراءات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني" والاصلاحات، مشيرا الى ان "اسرائيل تعترض على اجراء مثل هذه اللقاءات بين الرئيس والموفدين الاوروبيين". وقال سولانا من جهته انه التقى دحلان ليستمع منه الى "تقويمه للاوضاع وما يمكن ان يتخذ مستقبلا واستمعت الى الكثير من دحلان وسأساعد بقدر الامكان وانا هنا من اجل المساعدة دائما". واضاف: "انا واثق ان اللجنة الرباعية جدية في تنفيذ ما قررته وانا على اتصال دائم مع صديقي كولن باول ونعمل دائماً سوية". وفي ما يتعلق بدعوة وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر الى مقاطعة الرئيس الفلسطيني، قال سولانا: "لم يقل بن اليعيزر ذلك لي مباشرة وانما في الاعلام". من جهته، قال رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الجنرال موشيه يعالون ان الرئيس الفلسطيني شرع اخيراً بتغيير لهجته وتليينها، من خلال التصريح بأنه يجب عدم استهداف اسرائيليين داخل "الخط الأخضر"، مضيفاً ان الشارع الفلسطيني يشهد بعد رفع الحصار عن "المقاطعة" تغييرات داخلية "ذات مغزى" تنبغي مراقبتها. أما منسق شؤون جيش الاحتلال عاموس غلعاد فقال لإذاعة الجيش ان ثمة انخفاضاً في حجم نشاطات حركة "فتح" العسكرية "في اعقاب محاسبة الذات التي يجريها الفلسطينيون" وادراكهم ان "الارهاب" لم يحقق شيئاً، لكنه اتهم السلطة الفلسطينية بعدم فعل شيء لمنع حركة "حماس" من مواصلة "عملياتها الارهابية". وعلى صعيد محاولات اعادة الاسرائيليين والفلسطينيين الى المسار التفاوضي نقلت صحيفة "هآرتس" ان اعضاء "الرباعية الدولية" يسعون الى بلورة "خريطة طرق" تضع مطالب محددة للفلسطينيين والاسرائيليين وآليات واضحة لتنفيذها بمراقبة دولية. وزادت ان وزير الخارجية شمعون بيريز سيبحث مع ممثلي الرباعية في الاقتراح الذي قدموه في 17 ايلول سبتمبر حول التسوية المرحلية للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي. وأضافت ان شارون،على رغم تفويضه بيريز اجراء اتصالات مع المبعوثين الدوليين ومع مسؤولين فلسطينيين، لا يتوخى اي تقدم كما انه يستبعد ان يحمل مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز الذي يصل الى المنطقة قريباً "معادلة سحرية" جديدة. ونقلت الصحيفة عن محافل سياسية رفيعة قولها ان زيارة بيرنز ستوضح هل تسعى الولاياتالمتحدة الى بلورة مبادرة عملية لدفع المسار التفاوضي أم انها ترغب في "كسب الوقت" الى حين بدء الهجوم على العراق والتظاهر فقط بأنها تتدخل في النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي. وتتباين مواقف شارون ووزير خارجيته حيال اقتراح الرباعية الدولية للتسوية، اذ اعلن الأول قبوله أجزاءاً منه، فيما يرى ان الأخرى "غير عملية". وبالمقابل يرى بيرنز في الاقتراح فرصة سياسية ينبغي على اسرائيل عدم تفويتها، بل تبنيها وان من شأن موقف كهذا ان يحسن صورة اسرائيل في المجتمع الدولي والإيحاء بأنها تريد اختراق الجمود ولديها خطة سياسية "ما تحول الكرة الى الملعب الفلسطيني". عريقات يلتقي فدوفين من جانبه، طالب وزير الحكم المحلي الفلسطيني صائب عريقات اللجنة الرباعية بوضع خطة شاملة بآليات تنفيذ واضحة وجداول زمنية محددة لتطبيق قرارات مجلس الامن الاخيرة. واكد بيان تلقته "فرانس برس" ان عريقات قال بعد لقائه في مقره في اريحا المبعوث الروسي للشرق الاوسط اندريه فدوفين دعوته الى تطبيق قرارات مجلس الامن الاخيرة 1402 و1403 و1405 و1435". وشدد على "ضرورة اعادة عملية السلام الى مسارها الطبيعي لتنفيذ القرارين الدوليين 242 و338 اي انهاء الاحتلال الاسرائيلي وانسحاب القوات الاسرائيلية الى حدود الرابع من حزيران عام 1967 بما فيها القدس الشريف وحل قضية اللاجئين استنادا للقرار 194". شارون وأموال السلطة الى ذلك، ابلغ شارون اعضاء حكومته بأنه سيبحث خلال زيارته الوشيكة الى واشنطن مصير الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية من العائدات الجمركية والضرائب التي تبلغ بليوني شيكل اكثر من نصف بليون دولار والتي تحتجزها اسرائيل منذ عامين، مضيفاً انه يشترط تحويل أي جزء من هذه الاموال بانشاء آلية اميركية لمراقبة صرفها.