طلب المصرف المركزي المغربي من المصارف التجارية ومصارف الاعمال في المغرب العمل على زيادة احتياطاتها النقدية لمواجهة الارتفاع المسجل في حجم الديون الهالكة او المتعذر تحصيلها من الشركات والزبائن والمقدرة بنحو اربعة بلايين دولار، تحسباً لأي أزمة قد تطال النظام المصرفي الذي يواجه للعام الثالث على التوالي تراجعاً في العائدات والارباح. واقترح المصرف المركزي صيغاً عدة على المصارف تشمل اعتماد اجراءات احترازية جديدة وتشديد الرقابة على العمليات الائتمانية بانتظار صدور تشريع جديد من البرلمان يحل محل قانون 1993 الذي رفع المراقبة المركزية على القروض التجارية. وتواجه المصارف المغربية ازمة تحصيل قروض كانت تعاقدت عليها في فترات سابقة ولم تستطع تحصيلها، في وقت تراجع هامش ارباح المصارف بانخفاض معدلات الفائدة المرجعية. وتقدر تلك الاموال الهالكة بنحو 20 في المئة من اجمالي القروض الممنوحة العام الماضي والمقدرة بنحو 18 بليون دولار. ويأتي "القرض العقاري والسياحي" في مقدم المصارف التي تعاني نقصاً حاداً في السيولة ومن ناحية حجم الديون الهالكة، ويليه "القرض الزراعي" و"البنك الوطني للانماء الاقتصادي" و"الشركة المغربية للايداع والقرض"، وجميعها مصارف تابعة للقطاع العام. وقال تقرير للمصرف المركزي إن الأموال المتعثرة ارتفعت بنسبة ستة في المئة في النصف الاول من السنة الجارية الى 37 بليون درهم، مشيراً الى انها مرشحة للارتفاع بسبب المشاكل التي تعانيها قطاعات اقتصادية عدة نتيجة تراجع الطلب الخارجي. وكانت المصارف المغربية لجأت الى صيغة زيادة حجم القروض لتعويض الخسائر المسجلة في بورصة الدار البيضاء، التي خسرت نصف قيمة اسهمها، واستخدمت حملات اعلانية لحض الزبائن على الاقتراض بعد توافر سيولة ضخمة من الودائع فاقت 27 بليون دولار. وقالت مصادر مالية ان بعض المصارف مثل "العقاري والسياحي" لن تستطيع استرجاع أموالها كافة بسبب عدم وجود ضمانات عينية او ائتمانية، ما يتطلب تضامن النظام المصرفي لتفادي تفشي الأزمة وانعكاساتها على قطاعات استراتيجية مثل السياحة والبناء والعقار. وكانت الخزانة العامة والنظام المصرفي وجمعية المساهمين ضخت نحو 600 مليون دولار في "العقاري والسياحي"، لكن تلك الاموال لم تكن كافية لاستعادة النشاط في وقت يقدر اجمالي خسائر المصرف بنحو 1,4 بليون دولار. وعلى رغم ان الملف معروض على محكمة العدل الخاصة، الا ان استعادة الاموال تبدو امراً صعباً وربما مستحيلاً بسبب خروج جزء منها الى خارج البلاد، واختفاء بعض المقترضين الكبار او افلاس مشاريعهم او وجود جزء من الاموال المتعثرة في ذمة شخصيات سياسية نافذة. ويتوقع المراقبون ان تؤدي عملية تحصيل جزء من الديون الى اغلاق بعض الشركات الصغرى والمتوسطة وتوقف بعض الانشطة الاقتصادية بسبب العجز الذي تواجهه تلك الشركات، وهو الخيار الذي ستحاول الحكومة الجديدة تجنبه لاسباب اقتصادية واجتماعية، ما سيجعلها تضخ اموالاً جديدة في مصارف الاعمال العامة تقتطع من موازنة الاستثمار.