يتجه اداء الاقتصاد المغربي الى تحقيق نمو في اجمالي الناتج المحلي يبلغ نحو 4.5 في المئة بنهاية 2002، بتراجع نحو 2 في المئة عن اداء العام الماضي الذي شهد نمواً بلغ 6.5 في المئة، واعتبر الأفضل من نوعه منذ عام 1998. جاء في تقرير أصدرته مديرية التوقعات الاقتصادية في وزارة المال أمس، ان الاقتصاد المغربي تضرر كثيراً من مضاعفات أحداث 11 أيلول سبتمبر، على رغم التحسن الذي طال قطاعات الزراعة والصادرات المعدنية، خصوصاً الفوسفات ومشتقاته. وقد خسر الاقتصاد المغربي من جراء الوضع الدولي جزءاً مهماً من عائدات السياحة التي تراجعت بنسبة 12.2 في المئة في النصف الاول من العام الجاري. كما شحت الاستثمارات والتدفقات الخارجية نتيجة تراجع الاستثمار الاجنبي الى المنطقة العربية واستمرار حال الاضطراب في أسواق المال الدولية، ما يحول دون معاودة الرباط طلب قروض جديدة. وحسب معدي التقرير، الذي يتزامن مع الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية التي طمأنت الفاعلين الاقتصاديين الى امكان مواصلة الحكومة الحالية إصلاحات اقتصادية وقانونية منتظرة، فان العام الجاري كان امتحاناً صعباً للاقتصاد المغربي الذي اعتمد فيه على قدراته الذاتية في الوقت الذي حان موعد تطبيق بعض بنود اتفاقية الشراكة الاوروبية التي أفقدت الجمارك عائدات تقدر بنحو 200 مليون دولار. وقال التقرير ان معظم القطاعات الانتاجية سيحقق نتائج جيدة بنهاية العام الجاري، خصوصاً قطاع الزراعة الذي زادت نتائجه بنسبة 7 في المئة بعد فترة طويلة من الجفاف تراجعت خلاله الصادرات الغذائية الى الأسواق الاوروبية. كما تحسنت الصادرات المعدنية والصناعية بنسبة 11 في المئة، وصادرات الأسماك بنسبة 27 في المئة، ما أدى الى تراجع عجز الميزان التجاري نحو 21 في المئة، لتصل تغطية الواردات بالصادرات الى 73 في المئة. وعلى المستوى الداخلي، زاد الطلب على قطاع المباني والعقارات، وارتفعت مبيعات الاسمنت بنسبة 5.3 في المئة، فيما زادت مبيعات الأجهزة الالكترونية والسيارات الجديدة بنسبة 7 في المئة على رغم تراجع الطلب على القروض المصرفية بواقع 7.3 في المئة وارتفاع الديون الهالكة الى نحو 3.7 بليون دولار. واعتبر التقرير ان ارتفاع الطلب الداخلي على الاستهلاك رافقه تحسن مماثل في مجال فرص العمل التي زادت نصف نقطة في المدن، بينما تراجعت بنسبة 0.3 في المئة في الأرياف. وانخفضت نسب البطالة لدى الشباب الى 17 في المئة من 19.7 في المئة العام الماضي. وأكد التقرير الذي بنى توقعاته على نتائج النصف الاول من العام الجاري، ان السياحة سجلت أكبر الخسائر، حيث فقدت ربع عائداتها منذ أحداث 11 أيلول الى 1.1 بليون دولار. وكانت حققت 2.7 بليون دولار من الايرادات في عام 2001. وتراجع عدد السياح الاميركيين بنحو 37 في المئة والاوربيين بنسبة 11 في المئة، فيما لم يعوض السياح العرب الا جزءاً هزيلاً من خسائر السياحة المغربية التي تراهن على مضاعفة الدخل الفردي الى 2500 دولار من مداخيل السياحة بنهاية العقد الجاري. وعلى رغم تراجع الليالي السياحية بنسبة 21 في المئة، الا ان الاستثمارات السياحية واصلت نموها خصوصاً في مدن اغادير ومراكش. ورأى مراقبون في المؤشرات الاقتصادية الجديدة دعماً للأحزاب الكبيرة التي فازت في الانتخابات الاشتراكي - الاستقلال - الاحرار واحتمال اعادة تشكيل حكومة جديدة وفق نفس التصورات القائمة على التزامات المغرب الدولية في مجال المناطق التجارية الحرة وتسريع وتيرة الاصلاح المحلي بتبني المزيد من الانفتاح والتحرير. ويجري الحديث عن امكان مواصلة رئيس الوزراء الاشتراكي، عبدالرحمن اليوسفي، قيادة حكومة جديدة لمدة سنتين لاستكمال بعض الاصلاحات الاجرائية، وتوقيع اتفاقية المنطقة التجارية الحرة مع الولاياتالمتحدة السنة المقبلة، وابرام خطة دعم استراتيجية مع البنك الدولي، وتقليص القروض الخارجية الى 10 بلايين دولار من 14 بليون دولار حالياً.