اعلنت وزارة الصحة الروسية امس، ارتفاع عدد الضحايا في صفوف الرهائن اثر هجوم القوات الروسية بغاز للاعصاب على مسرح موسكو، من 90 الى 118 قتيلاً، لم يعرف عدد الذين قضوا منهم نتيجة التسمم بالغاز. ونقلت صحف روسية عن مشاركين في العملية ان التخطيط لها جرى قبل بدء الخاطفين في قتل رهائن وان القوات الروسية توقعت مقتل 150 رهينة. موسكو، عمان، لندن - "الحياة"، أ ف ب، رويترز، أ ب - اعلنت وزارة الصحة الروسية امس، مقتل 118 من الرهائن اثر الهجوم على مسرح موسكو لانهاء ازمة احتجاز الرهائن، بحسبما افادت وكالة انباء "انترفاكس". ولم تحدد السلطات عدد الرهائن الذين قتلوا خلال الهجوم على مسرح دار الثقافة واولئك الذين قضوا لاحقاً في المستشفيات. ولم تعلن القوات الروسية الخاصة نوعية الغاز المشل الذي استخدمته وتسبب بالعديد من حالات التسمم في صفوف الرهائن الذين يزيد عددهم على 700. وقتل أيضاً معظم المسلحين الشيشان الخمسين. التسمم بالغاز وافادت محطة "ان تي في" التلفزيونية الروسية امس، ان اثنين من الرهائن توفوا بسبب التسمم بالغاز الذي قالت روسيا انه ضمن "الوسائل الخاصة" لشل حركة الخاطفين. واضافت: "يقول الاطباء ان سبب الوفاة هو الغاز الذي استخدم خلال الهجوم على المسرح". وافادت تقارير ان القتيلين امرأة هولندية وفتاة كازاخستانية في الثالثة عشرة من العمر كانت مع والدتها في المسرح. وقال التلفزيون ان وزارتي الخارجية في كازاخستان وهولندا أكدتا الوفاة. واكد ناطق باسم الخارجية الهولندية وفاة الامرأة، ولكنه قال ان سبب الوفاة غير واضح وان هولندا في انتظار تأكيد من موسكو في هذا الشأن. وقالت وسائل اعلام محلية ان عدد الوفيات قد يتضاعف في الايام المقبلة، نظراً الى ان كثيرين في حال اعياء شديد من الاثار السيئة للغاز. البحث عن الناجين وانهمك اقارب الرهائن في البحث عنهم في المستشفيات. ونقلت محطات التلفزيون مشاهد مؤثرة لهؤلاء يحاولون تفقد اقاربهم من بعيد حين اطل بعض الرهائن من نوافذ العنابر، من دون السماح للجانبين باللقاء. وعلق مستشفى الطوارئ الرئيسي في موسكو لائحة باسماء الناجين على احد ابوابه، فيما طلب اقارب من حراس المستشفى رقم 13 في موسكو معلومات عن ذويهم. وقالت اذاعة "ايخو موسكوفي" ان "رهائن سابقين وجدوا انفسهم معتقلين تقريباً" في المستشفيات. الهجوم وتوقع ضحايا واعلن احد المشاركين في الهجوم الروسي على المسرح لصحيفة محلية ان القوات الخاصة خططت للهجوم قبل انتهاء مهلة الانذار او بدء قتل الرهائن. وقال خبراء امنيون شاركوا في التخطيط للعملية لصحيفة "موسكوفسكي كومسومليت" ان القوات الروسية كانت تتوقع ان يصل عدد الضحايا من الرهائن الى 150 قتيلاً. وافاد احد عناصر القوات الخاصة للصحيفة: "في نظرنا، كل شيء جرى بحسب المخطط. والامر الاهم هو اننا ربحنا الحرب النفسية". واضاف: "عمدنا الى تسريب معلومات بأن التدخل سيحصل في الساعة الثالثة فجراً. وكان المتمردون مستنفرين، لكن لم يحصل هجوم، فبدأوا باطلاق النار. وحينئذ حصل رد فعل طبيعي، خففوا من مستوى تيقظهم. وفي الساعة الخامسة بدأنا الهجوم". روايات رهائن وروت مراسلة وكالة "انترفاكس" التي كانت بين الرهائن تفاصيل الاحداث التي سبقت بدء هجوم القوات الروسية والتي بدأت مع مجيء رجل من الخارج تمكن من الدخول الى القاعة قائلاً انه يبحث عن ابنه. وتتطابق افادة اولغا تشيرنياك مع المعلومات التي تم تلقيها قبل الهجوم حول اصابة رهينتين ومقتل اثنين. واضافت: "قالوا لنا ان كل شيء ملغم، المداخل والمخارج، ودخل رجل الى القاعة التي كان يحتجز فيها الرهائن. كان ملطخاً بالدم وقال انه يبحث عن ابنه. واعتقد انه هو الذي قتل. لقد قال انه تمكن من خرق الطوق الامني وانه كان يبحث عن ابنه". واضافت ان "محتجزي الرهائن بدأوا بالصراخ: اشر لنا الى ابنك فليقف! لكن لم يعثر عليه. لقد حاولنا حمايته عبر القول لهم انه قد يكون تم الافراج عن ابنه، وقاموا بضربه بقوة واخرجوه من القاعة واعتقدنا انذاك انهم قتلوه". وتابعت: "اصيب شاب كان في الصفوف الخلفية للمسرح بنوبة عصبية وقام برمي زجاجة ثم بدأ بالركض عبر المقاعد في اتجاه المخرج صارخاً: امي لم اعد اعرف ما افعل. واطلقوا النار عليه لكنهم اصابوا رهينتين اخريين كانا جالسين بهدوء في مقاعدهما. واصيب شاب برصاصة في عينه، وكان ينزف بشدة". وقالت: "واصيبت شابة اخرى على ما يبدو برصاصة في جنبها. وكانوا يحاولون تهدئتنا قائلين ان كل شيء سيسير على ما يرام. لكن الناس كانوا يصرخون: انه ينزف بشدة انقذوه، فردوا محتجزو الرهائن: اتفقنا مع سلطاتكم، وسيقدمون المساعدة". وتابعت روايتها قائلة: "حين شممنا رائحة الغاز ادركنا ان الهجوم سيبدأ. وبعد ذلك لم اعد اذكر شيئاً، لقد استعدت وعيي في المستشفى". كذلك روى متعامل مع وكالة "فرانس برس" كان في عداد الرهائن ان المجموعة الشيشانية هددت بقطع رؤوس الرهائن اذا لم يتم التجاوب مع مطالبها. وقال اوليغ زيوغونوف 23 عاماً الذي يخضع للمراقبة الطبية في المستشفى ان "وحدة الكوماندوس قالت للرهائن الموجودين في المسرح: اذا تابعت السلطات الروسية ازعاجنا فسنقطع رؤوس البعض منكم". من جهة اخرى، قال اوليغ زيوغونوف انه لم ير "اي جسد مصاب بالرصاص" لدى اجلاء الرهائن من المسرح بعد الهجوم الذي نفذته القوات الروسية السبت. واضاف: "في قاعة المسرح كان هناك عشرات الاشخاص الغائبين عن الوعي الذين مددهم رجال الاغاثة ارضاً. كنت اسير بين الاجساد. ولم ار اي جسد نازف مصاب بالرصاص". انتقادات في الاردن وانتقد حزب جبهة العمل الاسلامي الاردني امس، الطريقة التي عالجت بها روسيا قضية الرهائن ودعت موسكو الى حل الازمة من طريق منح الشعب الشيشاني حق تقرير المصير. واعتبر الحزب الذي يعد الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين في بيان، ان "السلطات الروسية اساءت تقدير الموقف في تعاملها مع قضية الرهائن، وكان الاولى بها معالجة القضية بمزيد من الحكمة والحرص على عدم اراقة الدماء"، لتجنب "المجزرة" التي تمت على ايدي القوات الخاصة الروسية. واعرب الحزب عن "الاسف لهذه الحادثة المروعة"، وطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ب"العمل على معالجة اسباب القضية الشيشانية عبر الاقرار بحق تقرير المصير للشعب الشيشاني وتفهم تطلعاته نحو الاستقلال اسوة ببقية الاثنيات العرقية التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي السابق". وشدد حزب جبهة العمل في المقابل على "حرصه على استقرار الدولة الروسية وثباتها في مواجهة الغطرسة الاميركية وادعائها بالتفرد ببقية العالم"، كما اشاد ب"الموقف الروسي الرافض للسياسة الاميركية الشاذة". ويذكر ان الاردن يضم اكثر من 15 الف شخص من اصول شيشانية. بوتين خرج قوياً؟ واعتبرت الصحف البريطانية امس، ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خرج قوياً من ازمة الرهائن في موسكو. واعتبرت اللجوء الى القوة الوسيلة الوحيدة لحلها. وكتبت "صنداي تايمز" يمين وسط : "لم يكن من خيار آخر سوى اللجوء الى اسوأ الحلول، مهما بدت عواقبه مريعة". ومن جانبها، كتبت "ذي ميل اون صنداي" يمين ان "المساومة مع محتجزي الرهائن كان من شأنها تعريض آلاف الاشخاص في المستقبل للمخاطر نفسها وتشجيع محتجزي رهائن اخرين على تكرار التكتيك نفسه". واضافت ان بوتين سيخرج "اقوى مما قبل". وكتبت "صنداي تلغراف" يمين ان الحدث الدامي "عزز، ازاء الخارج، تصميم بوتين، على ان يبرهن ان مواجهة روسيا للمتمردين تشكل جزءاً من الحرب الدولية على الارهاب". ويذكر ان قائد الخاطفين هو موفسار باراييف ابن شقيق زعيم الحرب الشيشاني آربي باراييف الذي قتل العام الماضي في عملية تبنتها القوات الروسية. وكان آربي باراييف خطف ثلاثة بريطانيين ونيوزيلاندياً في الشيشان، وعثر عليهم مقطوعي الرأس في كانون الاول ديسمبر 1998.