لم تحسم الدورة الأولى للانتخابات النيابية في البحرين الأولى منذ العام 1975، ملامح "معركة" عودة الحياة النيابية إلى البلد، على رغم تقدم الإسلاميين من خلال فوزهم ب13 مقعداً. وما زال 21 مقعداً شاغراً من أصل أربعين، ما يعني أن نصف المعركة مؤجل إلى الخميس المقبل، موعد الدورة الثانية. تلك كانت المفاجأة مع إعلان النتائج الرسمية فجر أمس، بعد ليل شهدت فيه شوارع المنامة مسيرات ابتهاج بعودة البرلمان. وفيما أعلن رسمياً أن نسبة الإقبال على الاقتراع بلغت نحو 53 في المئة، في ظل مقاطعة تفاوتت التقديرات في تحديد حجمها، تحدث المقاطعون عن "ضغوط حكومية"، معتبرين أن نسبة الإقبال على التصويت هي "دون أربعين في المئة". وعزوا إلى أنفسهم "الفضل في التزام الجميع الاسلوب الديموقراطي" في المقاطعة أو المشاركة "من دون ضغط أو ترهيب" أو أعمال عنف. أما حظوظ المرأة فاعتبرت أفضل مما كانت عليه في الانتخابات البلدية التي لم تفز فيها أي مرشحة، إذ تبين أن مرشحتين ستخوضان الدورة الثانية الخميس. وعلى رغم توقعات سابقة بمعركة انتخابية "باردة" في ظل مقاطعة أربع جمعيات سياسية الاقتراع، ودعوتها المواطنين إلى الامتناع عن التصويت، اكتسب التنافس حرارة حين بدا أن عدداً كبيراً نسبياً من الدوائر سيعيد فتح مراكز الاقتراع. واللافت أن 5 دوائر من أصل 8 في العاصمة ونصف الدوائر ال8 في المحرق و5 من أصل 9 في المحافظة الشمالية ما زالت تنتظر الفائز، وأن مرشحين من توجه واحد سيكونون "خصوماً". أصدرت الجمعيات البحرينية المقاطعة للانتخابات، وعددها 4 من أصل 12 جمعية في البحرين، بياناً في وقت متقدم ليل الخميس، استهلته بوصف يوم الاقتراع أول من أمس بأنه "حدث تاريخي كبير". لكنها ذكّرت بقرارها مبررة اياه ب"الاشكالية الدستورية" اثر تعديل الدستور و"عدم استجابة" اقتراحات قدمتها لمعالجة المسألة. وعزا البيان "سير الانتخابات البرلمانية في شكل حضاري وآمن" إلى "التزام الجمعيات المقاطعة الدعوة التي وجهتها بضرورة التزام الجميع الأسلوب الديموقراطي والحضاري في احترام الرأي الآخر، وترك الحرية للجميع لاتخاذ قراراته من دون ضغط أو اكراه أو ترهيب". لكن الجمعيات الأربع أشارت إلى "ممارسة أجهزة الحكومة ضغوطاً على الناخبين لاجبارهم على المشاركة في الانتخابات"، و"فتح مراكز انتخابية اضافية وبث الاشاعات واستغلال مواقع الانترنت والهواتف النقالة". كما تحدثت عن الناخبين الذين "اضطروا لرمي أوراق بيضاء في صناديق الاقتراع"، وكذلك "منع أي جهة اشراف خارجية من مراقبة الانتخاب في صورة مستقلة". وخلصت إلى أن ما اعتبرته "حقائق" بينها نسب المشاركة في التصويت "جاءت لتؤكد صدقية" المقاطعين، وشددت على "عدم اقتناع قطاعات واسعة بالقاعدة التشريعية" التي استند إليها الاقتراع وهي دستور عام 2002 "متوافقة على المطالبة بالعودة إلى مكتسبات دستور 1973". ولاحظت أن "نسب المشاركة في الانتخابات هي دون أربعين في المئة، كما كثرت الأوراق البيض في صناديق الاقتراع نتيجة أساليب الضغط بختم الجواز جواز سفر الناخب ما أدى إلى زيادة نسبتها لتصل إلى عشرة في المئة من اجمالي أوراق الناخبين، كما ادرجت الكتل الانتخابية للدوائر التي فازت بالتزكية مع أصوات المشاركين" في الاقتراع. وفي تصريحات الى "الحياة"، قال رئيس جمعية الوفاق الوطني الاسلامي أبرز الجمعيات المقاطعة الشيخ علي سلمان امس: "ابارك للنواب الذين فازوا والذين ترشحوا للدورة الثانية، كما نبارك للملك اجراء انتخابات، وان اختلفنا على التعديلات الدستورية وما انبثق منها". وأشار الى ان نسبة الاقبال على التصويت لم تتعد أربعين في المئة من اجمالي الناخبين، وخطأ احتساب ثلاث دوائر باعتبارها صوتت مئة في المئة، علماً ان مرشحين كانوا فازوا فيها بالتزكية، وكان يجب حذفها من التعداد الكلي للمقترعين ومن نسبة التصويت، بموجب المعايير الدولية". وقدّر الأوراق البيض بنحو "10 - 15 في المئة في محافظات ثلاث هي العاصمة والوسطى والشمالية" بسبب ما وصفه ب"فرض التصويت على العسكريين وختم الجواز وخطوات حكومية اخرى ما دفع بفئة غير مقتنعة بالاقتراع الى اللجوء الى الورقة البيضاء". لكنه نبه الى ان جمعية الوفاق ستتمسك ب"الحوار وسنكون ايجابيين حيال أي تعاط ايجابي من المجلس النيابي في القضايا التي تشكل مطالب ملحة للمواطنين، على رغم ان امكانات هذا المجلس محدودة جداً". وكانت الدكتورة سبيكة النجار الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الانسان التي راقبت عملية الاقتراع عبر مندوبين في المراكز، اكدت ل"الحياة" امس انها تلقت تقارير عن مقاطعة شبه شاملة للتصويت في القرى الشمالية، خصوصاً سترة، لكنها اشارت الى احتمال ان يكون مواطنون اقترعوا في المراكز العامة 15 في المحاظات الخمس. ولاحظت ان "التجاوزات ظلت محدودة عموماً، وهي من قبل المرشحين أكثر مما سجل من تجاوزات حكومية"، مشيرة في هذا الاطار الى "شكوك في احتساب 3 دوائر حسمت سلفاً" قبل التصويت وفاز فيها ثلاثة بالتزكية، "فإذا كان في الدائرة عشرة آلاف ناخب احتسبوا" ضمن نسبة الإقبال على الصناديق. واستدركت ان الجمعية "ستعلن كل الخروق في مؤتمر صحافي تعدّ له". وشددت على ان المرأة "حققت تقدماً" على رغم عدم فوز اي من المرشحات الثماني في الدورة الأولى، وانتقال لطيفة القعود المحافظة الجنوبية وفوزية الرويعي المحافظة الشمالية الى المنافسة في الدورة الثانية، علماً ان القعود نالت 1204 أصوات فيما نالت زميلتها 691 صوتاً. وكشفت سبيكة النجار ان قلة من المرشحين وأنصارهم التزمت وقف الحملات الانتخابية ضمن المهلة القانونية، أي قبل 24 ساعة من التصويت، في حين اكدت الجمعية البحرينية لحقوق الانسان "استمرار الحملات حتى اغلاق مراكز الاقتراع". كما سجلت "توزيع منشورات دعائية قرب المراكز" أول من امس ورسائل هاتفية تحض المواطنين على التصويت.