رفضت الحكومة اليمنية طلباً أميركياً لتسليم اثنين من المتهمين بالضلوع في مخطط الهجوم على المدمرة "يو اس اس كول" في ميناء عدن قبل عامين للمثول أمام القضاء الأميركي شاهدين. وانتهت لجنة خاصة شكلها الرئيس علي عبدالله صالح من علماء وفقهاء من حوار دام أسابيع مع عناصر إسلامية متشددة ممن تحتجزهم الأجهزة الأمنية للاشتباه في انتمائهم إلى تنظيم "القاعدة" وآخرين خارج السجون ل"تغيير مفاهيمهم المتشددة"، وتمهيداً لاطلاق معظم المعتقلين الإسلاميين بعد الاعتداء على المدمرة وهجمات 11 أيلول سبتمبر العام الماضي على نيويوركوواشنطن. ووقع الإسلاميون على وثيقة "تعهدوا فيها اطاعة ولي الأمر في العسر وفي اليسر"، مقابل اطلاق المعتقلين الذين لم تثبت ادانتهم وتحويل الآخرين على القضاء. أكدت مصادر يمنية ل"الحياة" أن واشنطن اقتنعت أخيراً بوجهة النظر اليمنية في المتهمين في قضية المدمرة، ووافقت على أن يتولى القضاء اليمني محاكمة المعتقلين حضورياً والفارين غيابياً. وقالت هذه المصادر ان الحكومة اليمنية أبلغت واشنطن رفضها تسليم اثنين من المتهمين الرئيسيين في قضية المدمرة، سواء بصفة شهود أو متهمين للمثول أمام القضاء الأميركي، لأنه مخالف للدستور والقوانين اليمنية النافذة التي تمنع السلطات تسليم أي مواطن لأي جهة أو دولة أجنبية مهما كانت المبررات. وأشارت المصادر نفسها إلى أن المتهمين المطلوبين للمثول أمام القضاء الأميركي هما على رأس قائمة المتهمين في تفجير المدمرة، وتتوافر ضدهما أدلة. ولم تكشف المصادر عن هوية المتهمين، غير أنها أكدت أن الوقائع ضد 13 آخرين ضعيفة وغير مقنعة بتورطهم بصورة مباشرة في العملية. وتوقعت أن تبدأ محاكمة المتهمين في غضون أسابيع في عدن. ولفتت إلى أن حصول الحكومة اليمنية على موافقة أميركية على قرار القضاء اليمني اغلاق ملف القضية بعد عامين من التحقيقات والجدل بين الجانبين اليمني والأميركي، في إطار التعاون الثنائي في الجوانب الأمنية والعسكرية والمعلوماتية الاستخبارية لمكافحة الإرهاب، في ضوء الالتزامات التي قدمتها الحكومة اليمنية، بما يكفل تخفيف الضغوط الأميركية والدولية على اليمن.، خصوصاً أن صنعاء نجحت في اقناع واشنطن بأنها ضحية للإرهاب وتعاني من تبعاته، ومنها حادث الهجوم على ناقلة النفط الفرنسية قبالة الشواطئ الشرقية المحاذية لمحافظة حضرموت والتي قررت السلطات اليمنية أنه عمل ارهابي مدبر. حوار مع المعتقلين إلى ذلك، أكد ل"الحياة" القاضي حمود الهتار عضو المحكمة العليا الذي يرأس لجنة العلماء التي كلفها الرئيس علي صالح الاتصال بالمعتقلين الإسلاميين بأن مهمة اللجنة تتمثل في الحوار مع العناصر الاسلامية العائدة من افغانستان، داخل السجون وخارجها، ممن يحملون افكار ونهج تنظيم "القاعدة"، مشيراً الى حرص القيادة اليمنية على اتباع كل الوسائل المتاحة لمحاربة التطرف وتصحيح الوعي لمفاهيم الدين الاسلامي وتعاليمه. وقال القاضي الهتار أن اهداف الحوار مع هذه العناصر، تتمثل في تجسيد سماحة الاسلام ومحاربة التطرف بأشكاله وصوره، والتزام الدستور والقوانين النافذة، وحماية الحقوق التي كفلها الاسلام لغير المسلمين في المجتمع الاسلامي، واحترام المعاهدات القائمة بين الجمهورية اليمنية والدول غير الاسلامية، وحماية شعارات ومصالح تلك الدول وفاء للعهد وترسيخ الأمن والاستقرار وتأمين من يدخل اراضيها بإذن من السلطات المختصة سواء كانوا ديبلوماسيين أو خبراء أو سياحاً أو عمالاً من غير المسلمين". واضاف القاضي ان "جميع السجناء وعددهم 104 على ذمة قضية المدمرة كول وبعد احداث 11 ايلول سبتمبر وقعوا على بيان تضمن نتائج ما تم الاتفاق عليه مع لجنة العلماء من دون اكراه، وانما بقناعة كاملة". منوهاً بأن "عدم تعرض المعتقلين لأي نوع من التعذيب على أيدي المحققين أو رجال الأمن ساعد في نجاح مهمة اللجنة". وسيتخذ الرئيس اليمني "القرار المناسب حيال هذه العناصر في ضوء النتائج التي توصلت اليها اللجنة وستعرض عليه لاحقاً".وأشار الى ان البيان الذي وقع عليه المعتقلون جميعاً "اكد نتائج الحوار مع العلماء بالاتفاق الكامل حولها وتضمن وجوب طاعة ولي الامر الرئيس علي عبدالله صالح في العسر واليسر… الى ان ان يروا كفراً بواحاً وبأمر مجمع عليه… والالتزام بالدستور والقوانين النافذة، بما فيها قانون الاحزاب والتنظيمات السياسية الذي يحظر تأسيس اي حزب على اساس تشكيلات عسكرية. والمحافظة على امن الجمهورية اليمنية واستقرارها والابتعاد عن كل عمل يخل بأمنها او باستقرارها. واحترام حقوق اهل الذمة والمعاهدين والمستأمنين ومنها حرمة دمائهم واموالهم واعراضهم، وعدم المساس بسفارات ومصالح الدول التي تربطها معاهدات مع اليمن، ما دام العهد قائماً ويعتبر الاذن بدخول البلاد اماناً حتى يلغى بقرار من السلطة المختصة". وخلص القاضي الهتار الى توضيح مطلب المعتقلين "موجهة الى صالح في البيان الذي وقعوا عليه وهي: "احالة ملف المتهمين بقضية المدمرة "كول" على القضاء ليكون له القول الفصل، واطلاق كل المعتقلين الذين لا تتوفر ضدهم ادلة تجيز محاكمتهم، واحالة الآخرين على القضاء، ووقف الملاحقات الامنية ضد اقاربهم او اصدقائهم خارج السجون، واتخاذ قرار بعدم استمرار الاعتقالات من دون سند قانوني او شرعي" مؤكداً ان صالح وعد بالنظر في قضاياهم ومطالبهم.