فجرت ليبيا أمس أزمة ديبلوماسية بطلبها رسمياً الانسحاب من الجامعة العربية. وفي حين أعلن وزير الخارجية المصري السيد أحمد ماهر ان الليبيين قدّموا الطلب تعبيراً "عن ضيقهم تجاه الموقف العربي العام"، أعلن الأمين العام للجامعة السيد عمرو موسى انه سيتوجه الى طرابلس فوراً لإقناع القيادة الليبية بالتراجع عن موقفها. نقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية أمس عن مصدر مسؤول في اللجنة الشعبية العامة للوحدة الافريقية تصريحه بأن الجماهيرية العظمى قدمت رسمياً طلباً للانسحاب من الجامعة العربية، من دون ذكر الاسباب. وأوضح مصدر رسمي في هذه الوزارة ل"فرانس برس" ان "مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية في القاهرة، السيد عبد المنعم الهوني، سلم مذكرة بهذا الصدد الى السفير هشام بدر، مدير مكتب الامين العام عمرو موسى". وقال المصدر الذي فضل عدم كشف اسمه ان ليبيا تؤكد في المذكرة "عزمها على الانسحاب من الجامعة"، من دون ان يوضح الاسباب. وفي حين أعلن الأمين العام للجامعة السيد عمرو موسى الذي اختتم أمس زيارة للبرتغال، انه سيتوجه خلال ساعات الى طرابلس لمناقشة الأمر مع العقيد معمر القذافي وأمين اللجنة الشعبية للوحدة الافريقية الدكتور علي عبدالسلام التريكي، تسارعت الاتصالات العربية مع طرابلس لإقناعها بالعدول عن قرارها. ونوقش الطلب الليبي في اتصالات هاتفية جرت بين التريكي وكل من وزيري الخارجية المصري السيد احمد ماهر واللبناني السيد محمود حمود. وصرح ماهر الى الصحافيين بأنه تلقى اتصالاً من التريكي الذي ابلغه ان القرار "تعبير عن ضيقهم في ليبيا تجاه الموقف العربي العام". وأوضح "ان مثل هذا الطلب لا يصبح نافذ المفعول إلا بعد مرور عام على التقدم به فعلياً طبقا لميثاق الجامعة". وأضاف "انه على ثقة بأن ليبيا وبعد ان عبرت بهذا الاسلوب عن ضيقها ستسهم مع اشقائها العرب في العمل على تجاوز هذا الموقف العربي واستمرار الجهود المشتركة من أجل ان تتخطى الأمة العربية هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها". وتابع "انه واثق من ان العقيد القذافي بحسه العربي والتزامه العربي اراد ان يعبر بهذا الموقف عن رأي. واتصور ان هذا الرأي سيؤخذ في الاعتبار وستستمر ليبيا في المساهمة في العمل العربي المشترك". وكان أ ف ب الزعيم الليبي معمر القذافي هدد أكثر من مرة بالانسحاب من الجامعة العربية آخرها فى الثاني من اذار مارس الماضي قبل القمة العربية فى بيروت. وانتقد القذافي المبادرة العربية للسلام في الشرق الاوسط، واحتج على اهمال الجامعة العربية مشروع السلام المعروف ب"الكتاب الأبيض" الذى كان عرضه قبل عام في القمة العربية في عمان. وكانت مقترحات القذافي تقضي بإقامة السلام مع اسرائيل ودعوتها للانضمام الى الجامعة العربية في مقابل ثلاثة شروط من بينها خصوصاً عودة اللاجئين الفلسطينيين. وغداة هذه التصريحات زار الامين العام للجامعة ليبيا لاقناع القذافي بالعدول عن الانسحاب منها والمشاركة فى القمة العربية. وهددت ليبيا عام 1998 بالانسحاب من الجامعة، منتقدة موقفها "الانهزامي" في شأن الحظر المفروض على العراق. وعاد القذافي آنذاك عن قراره بعد زيارة قام بها الى ليبيا الامين العام السابق للجامعة العربية عصمت عبد المجيد. وفي الذكرى الثالثة والثلاثين للثورة، في الاول من ايلول سبتمبر الماضي، اكد الزعيم الليبي "ان ليبيا لا تستطيع التعلق بعواطفها مع العرب الذين مزقتهم العولمة ومشروع برشلونة" حول الشراكة مع اوروبا. وأضاف "ان الجامعة العربية لا معنى لها، ذليلة وفاشلة ولا تسوي شيئاً، اذن وجودنا في الاتحاد الافريقي اصبح ضرورة حتمية". وفي 23 تموز يوليو، انتقد القذافي في القاهرة العرب بسبب "تصديقهم" الولاياتالمتحدة، موضحاً انهم "لن يكسبوا شيئاً اذا انتهجوا سياسة التنازلات"، بعدما وصف التهديدات الاميركية للعراق بأنها "تشكل غاية الجنون وهي خارج المنطق ولا احد يقبلها في العالم ولا يوجد ما يبررها فهي استعراض للقوة". وكشفت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" أن نائب المندوبية الليبية في الجامعة عبدالرحمن ابو القاسم سلم الى مكتب موسى امس طلباً بوقف نشاط الجماهيرية في الامانة العامة للجامعة من دون ابداء الاسباب. وأشارت المصادر الى انتقادات طرابلس لأداء الجامعة في ملفات لوكربي، وعملية السلام، والعراق، والسودان. وأوضحت أن ليبيا "تُبرّيء ذمتها اذا وُجّهت ضربة عسكرية اميركية الى العراق".