الناصرة - "الحياة" - لم يخف كبار المسؤولين الاسرائىليين، السياسيين والعسكريين، ذهولهم وصدمتهم من نبأ القاء القبض على شبكة تجسس لحساب "حزب الله" اللبناني ضمت عشرة جنود في الاحتياط وتزعمها ضابط كبير برتبة مقدم عرف بعلاقاته الوطيدة بأركان الدولة الاسرائىلية وقادة اجهزتها العسكرية والامنية. وأبرزت وسائل الاعلام الاسرائىلية كون المعتقلين من البدو من مواطني اسرائىل. وعلى رغم تأكيد جهاز الاستخبارات العامة شاباك ان دوافع الموقوفين لم تكن ايديولوجية انما طمعاً بالمال وانه لم تكن لنشاطهم علاقة بأسر "حزب الله" ثلاثة جنود اسرائىليين قبل اكثر من عامين، ربطت تعليقات من الصحافيين بين القضية وما وصفته ب"تزايد التطرف القومي في اوساط فلسطينيي 1948". واعتبرت التعليقات ان نجاح "حزب الله" في تجنيد اعضاء الشبكة والضابط الكبير الذي فتح ابواب بيته لقادة اركان الجيش، يعتبر اختراقاً غير مسبوق للمؤسسة الامنية الاسرائىلية وتطوراً نوعياً في مقدرات الحزب الاستخباراتية. وكتب المعلق العسكري في صحيفة "معاريف" يقول: "ان "حزب الله"، وليس الفلسطينيون او ايران كما يرى قائد اركان الجيش الجنرال موشيه يعالون، هو اسوأ اعداء اسرائىل وأكثرهم خطراً". ونقلت اذاعة الجيش عن مصدر امني رفيع المستوى اعتقاده بأن المعلومات الاستخباراتية التي نقلها اعضاء شبكة التجسس، في مقابل مئات آلاف الدولارات وكميات هائلة من المخدرات، ارشدت "حزب الله" في عملياته ضد جنود الجيش الاسرائىلي على الحدود اللبنانية. وتابعت ان الجيش مطالب الآن باستخلاص العبر من فشله في الكشف عن الشبكة خلال نشاطها الذي دام عاماً ونصف عام كما انه مطالب بوضع حد "للاختراق السهل" للحدود اللبنانية حيث تتم صفقات بيع المخدرات من دون رقابة جدية. ودان المتحدث بلسان الجيش "الواقعة غير العادية وسائر المحاولات التي تستهدف إلحاق الاذى بأمن المواطنين والجنود الاسرائىليين عبر نقل معلومات استخباراتية عن قوات الأمن ونشاطاتها الى العدو". وايزمان: إنه صديقي وحرص المسؤولون الاسرائىليون على تكرار "الترتيلة" المعهودة بعدم تعميم تهمة الخيانة على عموم المواطنين البدو وتسابقوا في امتداح "اخلاص البدو لاسرائىل"، مشيرين الى تطوعهم في الجيش وفي وحدات خاصة لتقصي الاثر ومقتل الكثر منهم "دفاعاً عن امن اسرائىل" كما قال الرئىس الاسرائىلي موشيه كتساف، احد الذين ربطتهم علاقات صداقة بالمتهم الرئىسي، مضيفاً انها قضية بالغة الخطورة لأن احد الضالعين فيها ضابط كبير. ودافع وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر عن "الطائفة البدوية"، مشيداً بدورها في الحفاظ على أمن الدولة قائلاً انه في حال ثبتت صحة التهمة بحق الضابط "الذي عانقه قبل فترة وجيزة" فإنه سيعتبر عمله "كبوة خطيرة". وسارعت عائلة الضابط التي نفت الشبهات واعتبرتها فرية دموية، الى بث صور التقطت له مع رئىس اركان الجيش الجنرال موشيه يعالون وسلفيه شاؤول موفاز وليبكين شاحاك والقائد السابق للمنطقة الشمالية غابي اشكنازي الذي ورد اسمه ضمن من رصد الضابط المعتقل تحركاته ليسر بها الى "حزب الله"، إضافة الى صور مع قادة سياسيين آخرين. كما اشارت وسائل الاعلام العبرية الى ان الرئىس الاسرائىلي السابق عزرا وايزمان تحدث عن صديقه الضابط في كتابه الذي نشره اخيراً. وعلى رغم دعوات المسؤولين الى التريث في اصدار الاحكام الى حين بت المحاكم الاسرائىلية في لوائح الاتهام سارعت كبريات الصحف العبرية الى اصدار حكمها. وجاء عنوان صحيفة "معاريف" كلمة واحدة "الخيانة"، بينما عنونت "يديعوت احرونوت" "خيانة ضابط". ونشرت جميع الصحف التهم الموجهة للضابط وسائر اعضاء الشبكة، لكن صحيفة "يديعوت احرونوت" اوردت لائحة بأسماء اسرائىليين دينوا سابقاً في قضايا تجسس وجميعهم من اليهود. وذكّرت صحيفة "معاريف" بحادثة ادانة ضابط شركسي بالتجسس والحكم عليه بالسجن 18 عاماً تبين بعد ان قضى سبعاً منها، انه بريء من التهمة. ونقل المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت احرونوت" عن الشرطة الاسرائىلية زعمها انها اشتبهت منذ 15 عاماً بالضابط البدوي بالاتجار بالمخدرات لكن القيادة العسكرية حالت دون التحقيق معه. وأضاف المراسل ان الاستخبارات العسكرية الاسرائىلية كانت اول من استخدمت المجرمين وتجار المخدرات لجمع معلومات استخباراتية "نظراً الى مقدرتهم على الوصول الى مناطق واسعة، حتى في الدول التي تسيطر عليها الاجهزة الامنية مثل لبنان". وزاد انه في حال ثبتت التهم الموجهة فإن ذلك يعني ان "حزب الله" استفاد هو ايضاً من هذه "الحيلة" لكن في الاتجاه المعاكس اي باستخدامه تجار مخدرات اسرائىليين نشطوا على جانبي الحدود واستقوا معلومات عن الجيش الاسرائىلي. وكتب المعلق العسكري في "معاريف" يو آف ليمور يقول: "ان "حزب الله" اثبت انه عدو ذكي وقاس عرف كيف يستغل المشكلات التي تعصف بالمجتمع الاسرائىلي الديموقراطي لأغراض الارهاب". وأضاف: "ان ثمة مؤشرات الى محاولات مماثلة اخرى تندرج، إضافة الى تسلحه السريع بوسائل قتالية وبايديولوجيا متطرفة، ضمن تحقيق هدفه المعلن القضاء على اسرائىل". الحافز الايديولوجي ورفض ابرز كتبة الاعمدة في الصحيفة بن كسبيت حصر القضية في "أعضاء الشبكة" وربط بينها وبين "31 تنظيماً ارهابياً لعرب اسرائىل" كشفت عنها الاستخبارات العامة في العام الاخير. وكتب ان اسرائىل تجلس على قنبلة موقوتة سمعت دقاتها صباح اليوم، مضيفاً "ان الحافز ليس مادياً فقط إنما ايديولوجي ايضاً"، وزاد "ان حلف الدم بين اليهود والبدو قد ينفرط شيئاً فشيئاً ودم الجنود الاسرائىليين يباع لكل من يدفع مالاً اكثر". الى ذلك قدمت النيابة العسكرية الى محكمة عسكرية في تل ابيب مساء اول من امس لائحة اتهام ضد الضابط الكبير نسبت اليه تهم "الخيانة في زمن الحرب" والاتجار بالمخدرات ونقل معلومات حساسة جداً وسرية عن انتشار الجيش الاسرائىلي على الحدود اللبنانية وعن تحركات كبار قادته. وقدمت اجهزة الامن الى محكمة الناصرة لوائح اتهام ضد اربعة من المعتقلين، وجميعهم ابناء عائلة واحدة من قرية الزرازير البدوية في قضاء الناصرة، وجهت اليهم تهم مساعدة العدو في حال حرب والتخابر مع عميل اجنبي والتخطيط لارتكاب جرائم والمتاجرة بالسموم الخطيرة. واعتبر محامو المعتقلين التهم باطلة وان القضية كلها ليست سوى "مؤامرة حيكت ضدهم".