وصفت السلطة الفلسطينية التحصينات، التي تقيمها إسرائيل في قطاع غزة واعلنت اول من امس انها ستنفق ملايين الدولارات لبنائها، بأنها تشبه الجدار الذي تقيمه حاليا سلطات الاحتلال في الضفة الغربية ويعزلها عن مناطق 48. وقال العقيد خالد أبو العلا مسؤول الارتباط العسكري الفلسطيني في جنوب قطاع غزة ل"الحياة" أمس ان ما تفعله الدولة العبرية "أكبر دليل على ان جيش الاحتلال مستمر في عمليات القمع وحصار الشعب الفلسطيني المقيم في قطاع غزة". وأشار إلى "انهم شرعوا في بناء المواقع ونقاط المراقبة على طول الشريط الحدودي في مدينة رفح أخيراً". وكانت الدولة العبرية أعلنت أنها ستنفق 54 مليون دولار لبناء "جدار حماية" في مدينة رفح 40 كلم جنوب مدينة غزة. وقال الجنرال تسفي فوغل المسؤول عن المنطقة الجنوبية في إسرائيل التي يضع قطاع غزة في نطاقها حسب التقسيم الإسرائيلي في تصريح للإذاعة العامة الإسرائيلية ان "هذه المبالغ ستستخدم لتعزيز المواقع الكائنة على حدود الأراضي الإسرائيلية، لمنع عمليات تسلل الفلسطينيين، أو إطلاق النار على القرى الإسرائيلية" الواقعة داخل الخط الأخضر في مناطق 48. وأضاف فوغل ان الجيش سيبني "جداراً عالياً" بالقرب من مدينة رفح على الشريط الحدودي الفاصل بين فلسطين ومصر، موضحا ان هذه الأعمال ستستغرق سنتين. وتسيطر قوات الاحتلال الإسرائيلي على الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر البالغ طوله تسعة كيلو مترات ويمتد من شاطئ البحر المتوسط جنوب غربي القطاع، وحتى قرية الدهينية ومطار غزة الدولي جنوب شرقي القطاع. وأقيم الشريط في الخامس والعشرين من نيسان ابريل 1982 استنادا إلى ترسيم الحدود بين الدولة العبرية ومصر بموجب معاهدة كامب ديفيد للسلام الموقعة بين الدولتين عام 1979. وقال شهود ومصادر محلية ل"الحياة" ان قوات الاحتلال باشرت العمل في بناء "السور الواقي" في السادس عشر من الشهر الجاري قبل يوم واحد على ارتكاب هذه القوات مجزرة جديدة في حق المدنيين راح ضحيتها ستة مواطنين بينهم امرأتان وطفلان، قصفت الدبابات منازلهم الواقعة على بعد نحو 600 متر من بوابة صلاح الدين الواقعة على الشريط. وأشاروا إلى ان نحو ثلاثة آلاف فلسطيني هجروا منازلهم في "بلوك O" في مخيم يبنا المحاذي للشريط قرب بوابة صلاح الدين في أعقاب المجزرة التي أثارت الفزع في قلوبهم، خصوصا النساء والأطفال. ولفتوا إلى ان قوات الاحتلال بدأت منذ الأسبوع الماضي بوضع كتل حديد على شكل حرف U حرف يو بالإنكليزية مستقيم القاعدة يبلغ سمكه نحو 4 أمتار، في حين يصل ارتفاعه إلى نحو 15 متراً، وذلك على طول الشريط بدلا من قبالة بلوك O وفي اتجاه الشرق أي في اتجاه مخيم البرازيل وحي السلام اللذين شهدا مجازر متكررة وهدم منازل. وهدمت قوات الاحتلال منذ اندلاع الانتفاضة في أيلول سبتمبر 2000 أكثر من 400 منزل كليا، و ألحقت أضرارا بأكثر من 1500 منزل تقع لكنها على طول الشريط أو بمحاذاته، فضلا عن جرف مئات الدونمات الزراعية واقتلاع آلاف الأشجار. وقتلت القوات المتمركزة في موقع يطلق عليه الإسرائيليون اسم "ترميت"، يقع قرب البوابة، أكثر من 90 في المئة من شهداء مدينة رفح الأكثر فقرا في فلسطين والبالغ عددهم نحو 180 شهيدا. وقال الشهود ان قوات الاحتلال أحضرت إلى المكان رافعات ضخمة تقوم برفع وتثبيت الكتل الحديد الضخمة التي لا يعرف أحد كنهها حتى الآن، وتقوم بغرسها لمسافة ما داخل الأراضي، في ما يعتقد انه محاولة لعدم تمكين الفلسطينيين من البناء أو إعادة ترميم الأنفاق التي دمرتها قوات الاحتلال خلال العام الجاري. وتتهم الدولة العبرية الفلسطينيين بأنهم يستخدمون هذه الأنفاق في تهريب أسلحة وذخائر لمواجهة قواتها في المواجهات الدائرة منذ اكثر من عامين . وأشار الشهود إلى ان المنطقة العازلة التي أقامتها سلطات الاحتلال بمحاذاة الشريط وخط الهدنة الذي يفصل القطاع عن أراضى 48 يبلغ عرضها نحو 150 مترا. إلى ذلك، أعلنت القوى الوطنية والإسلامية في مدينة رفح أمس المناطق المحاذية للشريط الحدودي ، خصوصا بلوك "O" مناطق منكوبة نظراً إلى عمليات القتل والتدمير وهدم المنازل التي تنفذها قوات الاحتلال فيها، الأمر الذي يستدعي تقديم مساعدات مالية وعينية طارئة ودائمة لآلاف الفلسطينيين القاطنين في هذه المناطق من المدينة التي قسمها الشريط الحدودي إلى مدينتين فلسطينية وأخرى مصرية.