وقعت الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق في مدينة مشاكوس الكينية أمس، مذكرة تفاهم تقرر عودتهما الى التفاوض ووقف القتال وجميع الاعمال العدائية بينهما في جميع أنحاء البلاد وطوال فترة التفاوض حتى 31 كانون الاول ديسمبر المقبل. نجح وسطاء "الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا إيغاد وشركاؤهم الغربيون في الحصول على توقيع الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" على هدنة في كل مناطق البلاد، بعد خلافات ومعارك قادت الى انفضاض الجولة الثانية من المفاوضات في الثاني من الشهر الماضي من دون التوصل الى اتفاق سلام. ويعتبر هذا الاتفاق الاول من نوعه في تاريخ الحرب السودانية المستمرة منذ العام 1983. ونصت مذكرة التفاهم التي حصلت "الحياة" على نسخة منها على أن "تستأنف المفاوضات يوم 15 الشهر أمس، من حيث توقفت في مشاكوس في الثاني من الشهر الماضي تحت رعاية إيغاد ووفقا لبروتوكول مشاكوس الموقع في 20 تموز يوليو الماضي وجدول الاعمال المتفق عليه". وأضاف الاتفاق الذي وقع عليه وزير الدولة في مستشارية السلام السودانية ادريس محمد عبدالقادر وممثل "الحركة الشعبية" و "الجيش الشعبي لتحرير السودان" نيال دينغ نيال والمبعوث الخاص لمجموعة "ايغاد" ممثل المندوبين الجنرال الكيني لازارو سيمبويو، أن الطرفين "إتفقا على المحافظة على أجواء مثمرة طوال فترة التفاوض والى حين معالجة كل نقاط الخلاف. والتزمت الاطراف بالعمل لدى توقيع مذكرة التفاهم على المحافظة على فترة هدوء أثناء التفاوض ووقف الاعمال العدائية في كل مناطق السودان، ويشمل ذلك قوات الطرفين والقوات المتحالفة معهما والميليشيات المرتبطة بهما. لكن هذه المذكرة لا تؤثر على حق اي من الطرفين في اتخاذ اي عمل شرعي في الدفاع عن النفس ضد اي عمل عدائي من طرف أو قوة غير المشار اليها اعلاه". وشرحت المذكرة "وقف الاعمال العدائية" الوارد فيها موضحة إنه "يشمل بقاء القوات في مواقعها لحظة سريان وقف النار، والامتناع عن اي عمل عدائي، ووقف زرع الالغام، والامتناع عن احتلال مناطق جديدة، ووقف تزويد المناطق باسلحة وذخائر، والامتناع عن اي اعمال عنف ضد السكان المدنيين، وتجميد الحرب الاعلامية والدعاية ضد بعضهما". وفي اشارة الى عدم حصول اتفاق في شأن الآلية المشرفة على تنفيذ وقف النار، أفادت المذكرة أن "الطرفين طلبا من الوسطاء اقامة قناة اتصال بينهما لتسهيل تطبيق وقف الاعمال العدائية، والمساعدة في التحقق من اي شكاوى، وتسهيل تبادل المعلومات في شأن التزود مواد غير عسكرية وتنقلات القوات". ووعد الطرفان ب"اجراء المحادثات بحسن نية من اجل اختتامها في اقرب وقت ممكن". واشارت المذكرة في نقطتها الاخيرة الى أنها "تصبح سارية بحلول الساعة 12 ظهرا بتوقيت السودان المحلي، يوم 17 تشرين الاول أكتوبر 2002، وتظل سارية الى حين اختتام المفاوضات، ولمدة لا تتعدى 31 كانون الاول ديسمبر 2002". وأوضحت المذكرة إنه "يمكن تجديدها بموافقة الطرفين بهدف الانتهاء من المحادثات في اي قضية تكون معلقة". وقال سومبيو للصحافيين في نيروبي أمس رويترز، إن "وقف القتال سيسري اعتبارا من 17 الشهر والهدنة ستستمر طوال مدة المحادثات والتي من الممكن ان تمتد حتى نهاية العام".وتهدف المحادثات الى التوصل لوقف دائم لاطلاق النار في اطول حرب اهلية بأفريقيا وينتظر أن تبدأ رسميا اليوم وتستمر نحو خمسة اسابيع الا ان الوسطاء يقولون انهم يتوقعون تجديدها حتى نهاية العام على الاقل اذا اقتضت الضرورة. وانهارت المفاوضات مطلع الشهر الماضي بعد استيلاء "الحركة الشعبية" على مدينة توريت. وتصاعد القتال في جنوب السودان ثم انتقل. لكن عندما استعادت الخرطوم توريت في الاسبوع الماضي اذعن المتمردون لطلب الحكومة توقيع هدنة قبل استئناف مفاوضات السلام. وقال الناطق باسم الحركة سامسون كواجي في نيروبي أمس، "هذه المرة الاولى التي نوقع فيها على وقف لاطلاق النار. وقع الجانبان الاتفاق حتى يتسنى استمرار المحادثات". وحققت الجولة الاولى من المحادثات التي اجريت في تموز انفراجة كبيرة. ووافقت الخرطوم خلالها على اجراء استفتاء في شأن انفصال الجنوب وعدم تطبيق الشريعة الاسلامية فيه.