بعد ساعات على حسم الرئيس جورج بوش "معركة" قرار الكونغرس الذي خوّل إليه صلاحية استخدام القوة ضد العراق، في حال فشل الجهود الديبلوماسية، طغى جدل حول خطة أميركية ل"احتلال العراق" نشرت بعض ملامحها صحيفة "نيويورك تايمز". وأقر البيت الأبيض بأنه يريد لهذا البلد تجربة إدارة مماثلة للتجربة الأفغانية، بعد انهيار حكم "طالبان"، كما اعترف بأن إدارة بوش ستحتفظ في العراق ب"الوجود الضروري للسلام والأمن" بعد إطاحة نظام الرئيس صدام حسين. ونفى الناطق باسم البيت الأبيض أن يكون ذلك احتلالاً. وقال: "أميركا لا تذهب إلى هناك كي تغادر فوراً، ونريد نقل السلطة إلى العراقيين سريعاً". وأعلن أن حكومة في بغداد تلتزم الأعراف الدولية ستكون في وضع يسمح لها ببيع مزيد من النفط. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" أفادت أن إدارة بوش تضع خطة لاحتلال العراق بعد إطاحة صدام، تتضمن قيام حكومة عسكرية يوجهها الأميركيون، ومحاكمة القادة العراقيين كمجرمي حرب. وتشير "الخطة" إلى فترة انتقالية تراوح بين بضعة شهور وبضع سنوات قبل تنصيب حكومة مدنية. وفيما كشِف عن طلب البحرية الأميركية سفينتين لنقل المزيد من الأسلحة والآليات إلى الشرق الأوسط، فشل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في اقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمساندة الخيار العسكري ضد العراق. وشدد بوتين على رفضه "المساومة"، مشدداً على أن محادثاته مع بلير ليست "بازاراً شرقياً"، في حين أبدى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تفهماً ل"نهج من مرحلتين" في التعامل مع بغداد. وأعلن العاهل الأردني الملك عبدالله أن "الأسرة الهاشمية لا تطمع في العودة إلى العراق"، في وقت باشرت سورية اجراءات لايواء "مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين". وبعدما حصنت الإدارة الأميركية موقفها من العراق بقرار الكونغرس، توجهت إلى مجلس الأمن باصرار على أسس مشروع القرار الأميركي، مع هامش من الليونة على بعض عناصره. راجع ص 3 و4 وطرح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان مفهومه للحلول الوسط، فتحدث في كامبريدج عن رغبة الدول الأعضاء في "اسلوب المرحلتين من ايفاد المفتشين إلى بغداد، فإذا واجهوا مشاكل يمكن العودة إلى الأممالمتحدة لتبني قرار ثانٍ". وقال إن هناك اقتراحاً بأن يتضمن القرار الأول عبارة تنص على أنه "في حال فشل العراق في التعاون يجب استخدام كل الوسائل الضرورية، وهذه عبارة تعني استخدام القوة العسكرية". وشدد أنان على ضرورة "تعزيز نظام التفتيش" مع مطالبة العراق بالامتثال، ولجنة التفتيش انموفيك بتقديم تقرير إلى مجلس الأمن في حال عدم امتثاله و"إذا فشل في الامتثال، اظن ان المجلس سيشير إلى العواقب التي على العراق أن يواجهها". وسارع الأمين العام أمس إلى الاجتماع برئيس مجلس الأمن وسفراء بريطانياوفرنسا وروسيا بعد التوصيت في الكونغرس الذي "فاجأنا لأنه جاء باكراً أكثر مما توقعنا"، كما قالت مصادر الأمانة العامة. وتجاوب مجلس الأمن مع حركة عدم الانحياز التي طلبت عقد جلسة علنية كي تشارك بحث مسألة العراق، ويتوقع انعقاد الجلسة مطلع الأسبوع المقبل، فيما بقيت مواقف فرنسا وروسيا والصين متباعدة عن الموقف الأميركي الذي تتحفظ بريطانيا عن بعض عناصره. وحذرت مصادر غربية من الاسراع إلى توقع موافقة الدول الأربع على صيغة "توافق" تسربها واشنطن، تركز على كلمة "العواقب" بدلاً من "الاجراءات الضرورية". وقالت إن مثل هذا "الحل الوسط" لن يرضي الدول التي تصر على قرارين لمجلس الأمن، يحذر أولهما من عواقب فشل العراق في الامتثال من دون أن يتضمن تلقائية استخدام القوة التي تريدها الولاياتالمتحدة. ووصفت المصادر مواقف الإدارة الأميركية بأنها مازالت "متصلبة". وبرز عامل جديد هو "خطة الاحتلال" التي يريدها بعض رموز الإدارة، وقالت مصادر الدول الخمس الدائمة العضوية: "إذا اعطت الأممالمتحدة صلاحية عسكرية من نوع أو آخر، لا بد أن يكون لها دور ما في اليوم التالي". وزادت أن "الولاياتالمتحدة أيضاً تريد ذلك لأنها تسعى إلى اشراك الآخرين في تحمل العبء". إلى ذلك، أكد سفير العراق لدى الأممالمتحدة محمد الدوري أن الحكومة العراقية ترغب في "عودة المفتشين في أسرع وقت ممكن". وأكد الدوري أنها ردت على رسالة رئيس لجنة التفتيش هانز بليكس. وقال: "اعتقد أن ردنا ايجابي. اننا نتفق مع فحوى رسالة بليكس". وحصلت "الحياة" على نص الرسالة التي بعث بها مدير ديوان الرئاسة العراقي عامر السعدي رداً على رسالتي بليكس والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي. وأكد السعدي استعداد بغداد لاستقبال المفتشين في 19 الشهر الجاري، مشيراً ضمناً إلى رغبة في الاحتفاظ ب"مذكرة التفاهم" الموقعة مع أنان. كما لفت إلى عدم التمكن من ضمان سلامة "العمليات الجوية للمفتشين" في منطقتي الحظر الجوي شمال العراق وجنوبه. على صعيد آخر أ ف ب، نفذ جنود قوة حفظ السلام التابعة لحلف الأطلسي في البوسنة أمس عملية تفتيش مفاجئة لمصنع عسكري لصرب البوسنة، يشتبه في بيعه معدات عسكرية للعراق. ونفى ناطق باسم الحلف أن يكون تفتيش منشأة "اوراو" التي تقع في باييلينا 105 كيلومترات شمال شرقي ساراييفو عملية دهم.