واصل مجلس الشيوخ الاميركي أمس مناقشاته حول العراق، على رغم استمرار الانقسام في صفوف الديموقراطيين الذين يشكلون الغالبية فان زعيمهم توم داشل اعرب عن الامل في الاقتراع اعتبارا من اليوم على مشروع القانون الذي يجيز للرئيس جورج بوش استعمال القوة ضد بغداد. وبدأ مجلس النواب ايضا مناقشات في مشروع القانون ذاته ويتوقع ان يتبناه بغالبية كبيرة اليوم. وصعدت الادارة الاميركية الضغط لاقناع الكونغرس باقرار المشروع الذي اعدته، وأرجأ وزير الخارجية كولن باول زيارة مقررة لاميركا الجنوبية للتفرغ لدعم الجهود لتمرير القرار، فيما اعتبر مدير وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي جورج تينيت في رسالة الى الكونغرس ان احتمال ان يبدأ الرئيس العراقي صدام حسين هجوما على الولاياتالمتحدة من دون استفزاز "ضعيف جدا، لكنه اذا تعرض لهجوم فان احتمال الرد باستخدام اسلحة كيماوية يتعزز". وأكد مسؤول دفاعي اميركي كبير أن العراقيين مدربون على خداع المفتشين في مجال ازالة الاسلحة. واشنطن، فينيكس، لندن - أ ف ب، رويترز - قال زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ توم داشل للصحافيين "أملي كبير بأن يتم التصويت على مشروع القانون صباح الخميس". واضاف: "أميل الى دعم هذا النص ... في الوقت المناسب"، مشيرا مع ذلك الى ان الديموقراطيين "سيواصلون سعيهم لتحسينه". اما السناتور جوزف ليبرمان فقال ان اعضاء مجلس الشيوخ "سيصوتون في نهاية المناقشات على قرار متوازن ومسؤول"، موضحا ان "الحرب ستكون الخيار الاخير". واوضح انه ستكون في حوزة الرئيس الاميركي "سلطة قيادة تحالف عسكري دولي اذا لم تكن هناك خيارات اخرى لنزع اسلحة صدام حسين"، مضيفا ان "الوسيلة الأمثل لصنع السلام هي الاستعداد للحرب". وصرح مختص في مجال الاستخبارات في وزارة الدفاع الاميركية بان العراقيين مدربون على خداع المفتشين في مجال ازالة الاسلحة. وقال جون يوريشكو الذي عرض على صحافيين صورا التقطت بالاقمار الاصطناعية لمنشآت عراقية يمكن ان تحتوي على برامج للتسلح: "نعتقد انهم خبراء في مجال استباق نظام للتفتيش ودربوا عددا كبيرا من الاشخاص على طريقة عرقلة" زيارات المفتشين. ورأى انهم "طوروا تقنيات متقدمة لاستخدام مزدوج عسكري ومدني للمنشآت واخفائها في مناطق سكنية، اي انهم يتحسنون يوميا". واكد انهم نجحوا في الماضي في خداع المفتشين بتنظيف المباني بسرعة وتسليمهم بيانات خاطئة واغراقهم بوثائق لا علاقة لها بالمسألة. باول يرجئ جولته وفي تطور آخر، قال مسؤولون ان وزير الخارجية كولن باول أرجأ خططه الرامية لزيارة هندوراس ونيكاراغوا هذا الاسبوع بسبب الحملة الاميركية على العراق. وقال المتحدث باسم الوزارة ريتشارد باوتشر أن الوزير أرجأ الزيارة "نظرا لحاجته للبقاء في واشنطن والعمل مع الكونغرس ومجلس الامن". واكد الرئيس جورج بوش مجددا رغبته الحازمة في انهاء "التهديد العراقي"، لكنه خفف من لهجته بالاشارة الى ان العمل العسكري هو "الخيار الاخير". واكد في زيارة الى نوكسفيل تينيسي، جنوب ان "الخيار العسكري هو خياري الاخير". تينيت يحذر الكونغرس من علاقات بغداد و"القاعدة" وجه مدير وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي جورج تينيت رسالة الى رئيسي لجنتي الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب بوب غراهام فلوريداجنوب شرق وبيتر غوس فلوريدا، حذر فيها من ان الرئيس العراقي صدام حسين يمكن ان يلجأ الى الارهاب ضد الولاياتالمتحدة اذا رأى انه لم يعد قادرا على تجنب هجوم اميركي. وقال "يبدو ان بغداد تمتنع حاليا عن شن هجمات ارهابية بأسلحتها التقليدية او الكيمياوية او البيولوجية، لكن اذا رأى صدام ان هجوما اميركيا على بلاده بات حتميا، فقد يصبح اكثر ميلا للجوء الى اعمال ارهابية". واضاف تينيت في رسالته التي نشرت ليل الثلثاء ان "صدام قد يقرر عندئذ بمساعدة المجموعات الارهابية الاسلامية شن هجمات باسلحة الدمار الشامل ضد الولاياتالمتحدة". وقال ان احتمال ان يشن العراق هجوما على الولاياتالمتحدة "ضئيل في المستقبل القريب" في غياب تدخل عسكري اميركي، "لكن اذا تعرض العراق لهجوم من القوات الاميركية فان احتمالات ان يستخدم اسلحة الدمار الشامل ستكون مرتفعة جدا". وزعمت وكالة الاستخبارات المركزية انها تملك "معلومات موثوقة تدل على ان قادة تنظيم القاعدة سعوا الى اجراء اتصالات مع العراق". وتابع تينيت ان العراق "قدم تدريبات لاعضاء في القاعدة لانتاج سموم وغازات ولصنع قنابل تقليدية". خبراء امام الكونغرس: الهجوم سيثير غضب العرب وابلغ خبراء لجنة فرعية في الكونغرس ان اي هجوم اميركي على العراق سيثير موجة من الغضب ضد الولاياتالمتحدة في العالم العربي قد تجبر الحكومات على اتخاذ اجراءات قمعية للاحتفاظ بسيطرتها على الامور. وقال دانييل برومبرغ الاستاذ في جامعة جورجتاون "علينا ان ندرك ان اي حرب تقودها الولاياتالمتحدة لإطاحة صدام حسين من المؤكد ان تعمق مشاعر الاستياء من اميركا حتى لو هيأت مثل هذه الحرب الساحة لاقامة نظام حكم يتسم بالاستقرار في العراق". واضاف امام اللجنة الفرعية للامن القومي والعلاقات الدولية وشؤون قدامى المحاربين في مجلس النواب ان اي هجوم تقوده الولاياتالمتحدة على العراق من شأنه ان يثير احتجاجات عنيفة في انحاء العالم العربي تجبر الحكومات العربية على ان تصبح اكثر استبدادا. وعرض جون زغبي الذي يدير مؤسسة لاستطلاعات الرأي نتائج استطلاع اجري اخيرا في خمس دول عربية ولم يجد في أي منها تأييدا يذكر لشن هجوم اميركي على العراق، وانما معارضة شديدة لمثل هذا الهجوم. وقال زغبي ان استطلاعه وجد اعجابا عاما بين العرب بالعلم والتكنولوجيا والديموقراطية والمنتجات الاميركية الصنع، ومعارضة شديدة للسياسة الاميركية ازاء الفلسطينيين. وقال السفير كريستوفر روس منسق شؤون الديبلوماسية الشعبية في وزارة الخارجيةوسفير الولاياتالمتحدة السابق في سورية ان وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الحكومات العربية "كثيرا ما تنخرط في اشاعة صور نمطية سلبية ومعلومات مضللة عن الولاياتالمتحدة والغرب. وهناك ايضا اعتقاد عام بان الولاياتالمتحدة غير اخلاقية ومعادية للدين وللمسلمين". الجيش الاميركي يستطيع نشر فرق مدرعة خلال ايام قرب العراق وقالت مديرة العلاقات العامة في قيادة النقل البحري مارج هولتس امس، ان الجيش الاميركي يستطيع نشر فرق مدرعة خلال ايام من اصدار امر بشن هجوم على العراق باستخدام ترسانات ضخمة محمولة بحرا موجودة بالفعل على مسافة قريبة من الخليج. واضافت انه يمكن للجيش استدعاء 17 سفينة حربية محملة بالدبابات والمدفعية الثقيلة المتنوعة والذخيرة المتمركزة قرب القاعدة البحرية البريطانية في دييغو غارسيا في المحيط الهندي. وقالت إن هذه السفن تستطيع بلوغ الشواطئ العراقية التي تبعد نحو 4500 كيلومتر خلال خمسة او ستة ايام. واحتاجت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها لستة اشهر بعد غزو الكويت لجمع المعدات العسكرية الكافية قبل بدء معركة "عاصفة الصحراء". الى ذلك أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان الوزارة ستستضيف مجموعة من شخصيات المعارضة العراقية هذا الشهر، لمناقشة تعزيز قطاع النفط والغاز في العراق بعد اطاحة الرئيس صدام حسين. وقال المسؤول لوكالة "رويترز": "النفط والغاز هما المحرك الطبيعي لإعادة بناء العراق". وأشار الى أن توصيات من مجموعة خبراء الطاقة للمعارضة العراقية في شأن أفضل السبل لاصلاح قطاع النفط والغاز الطبيعي للعراق، ستقدم الى حكومة انتقالية في هذا البلد.