لندن - رويترز - لم تكن دول الشرق الاوسط مقصداً لقضاء الاجازات سوى لعدد من الزوار دون المعتاد وكانت العائدات اقل من المتوقع منذ هجمات 11 أيلول سبتمبر في الولاياتالمتحدة. وربما جاءت زيارة توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الخاصة لمصر استثناء من ذلك. واصابت هجمات 11 ايلول قطاع السياحة في الشرق الاوسط بقوة تكفي كي تخرج عن مسارها معدلات النمو الاقتصادي المستهدفة في كثير من دول المنطقة وتكفي لتشجيع الولاياتالمتحدة والمؤسسات المالية الدولية على البحث في تقديم مساعدات اقتصادية. واضطر كثير من دول المنطقة الى تقليص توقعاته من السياحة هذه السنة بأكثر من النصف بسبب الغاء الحجوزات. وقال محلل مقيم في القاهرة، مشيراً الى جهود الحكومة في التسويق والى التخفيض المتكرر لقيمة الجنيه خلال العام الماضي: "التحسن سيتحقق لكنه سيستغرق وقتاً طويلاً". واضاف: "سيكون لزيارة توني بلير كذلك تأثير مباشر في توجيه رسالة بان مصر مكان أمن للسياح". وقامت الصحف المصرية بتغطية جيدة لزيارة عائلة بلير لقضاء اجازة رأس السنة الجديدة. لكن التوقعات بحدوث اصلاح سريع تبدو ضئيلة على رغم ذلك. وتبين ارقام البنك المركزي المصري المنشورة في كانون الاول ديسمبر الماضي ان 372 الفاً زاروا الاهرام والمعابد الفرعونية في أيلول عام 2001 وهو انخفاض كبير مقارنة بعدد من زاروها في شهر آب أغسطس من العام نفسه والذي بلغ 500 الف و455 الفاً زاروها في ايلول عام 2000. كما قدم تقرير لوزارة السياحة المصرية في تشرين الاول أكتوبر الماضي صورة قاتمة، محذراً من ان مصر التي تعتمد بشدة على العملة الصعبة التي تجلبها السياحة قد تشهد انخفاضاً تراوح نسبته بين 30 و40 في المئة في عدد السياح على مدى 12 شهراً بعد هجمات ايلول. بل ان التحسن قد يأتي في وقت ابعد من ذلك، اذا كانت الفترة التالية على حرب الخليج في عام 1991 نموذجاً صالحا. وقال مسؤولون في الاتحاد الدولي للنقل الجوي في وقت سابق من هذا الشهر ان نمو حركة النقل الجوي على مستوى العالم تطلب سبعة شهور كي تبدأ في الزيادة بعد حرب الخليج وتطلب عودتها للاتجاهات الابعد مدى مرور اربعة شهور اخرى. ولا يبشر هذا الاطار الزمني بالخير لدول مثل المغرب وتونس تأمل في حدوث زيادة سريعة في اعداد السياح. وقال امين ابو غالب ويعمل محللاً مالياً في شركة "بي .ام. سي. اي" للوساطة في الرباط ان المسؤولين في المغرب يقولون انهم يتوقعون تحسناً مبكراً في شباط فبراير او بحلول نيسان أبريل المقبلين على الاقل. واضاف ان المسؤولين يتكلمون مؤكدين ان الازمة مجرد "سحابة صيف"، مشيراً الى انه غير مقتنع بذلك. وقال مسؤول في وزارة السياحة المغربية ان السياح "بلا ذاكرة عموماً" وسينسون الهجمات بحلول تموز يوليو وبداية النصف الثاني من السنة الجارية. وعلى رغم هذا قال محلل مغربي ان حصيلة السياحة قد تتراجع بنسبة تراوح بين عشرة و25 في المئة السنة الجارية لتصبح اقل من مبلغ 2.3 بليون دولار المتوقع لسنة 2001. كما يأمل المسؤولون في تونس ان يسمح حدوث انتعاش مع بداية موسم الذروة الذي يستمر في الفترة بين حزيران يونيو وآب أغسطس للحكومة بان تجني حصيلة قدرها 1.54 بليون دولار مثلما جنت في العام السابق. لكن اصحاب الفنادق ومديري شركات السياحة اقل تفاؤلاً من امكانية حدوث انتعاش، واشاروا الى الغاء نحو 30 في المئة من الحجوزات في الفنادق في الفترة بين كانون الثاني يناير الجاري وآذار مارس المقبل. وخفضت تونس توقعاتها لنمو عائدات السياحة باكثر من النصف الى سبعة في المئة بدلا من 15 في المئة في عام 2001 وهي ضربة كبيرة لقطاع يمثل المصدر الرئيسي للعملة الصعبة في الدولة وثاني اكبر قطاع استيعاباً للعمالة. ولا تعول غالبية الدول على احتمال ان ينسى السياح ببساطة احداث 11 ايلول. وبدأت حكومات الدول حملات اعلانية ويمتليء الانترنت بعروض وتخفيضات كبيرة بمناسبة الاجازات. وتعلن الفنادق التونسية للمرة الاولى في الصحف المحلية، مستهدفة بشدة "السياح المحليين". وينوي المجلس التنفيذي لمجلس وزراء السياحة العرب عقد اجتماع في القاهرة الاسبوع المقبل لمناقشة ما يمكن عمله لتنشيط السياحة. في هذه الاثناء تحركت مصر لمواجهة الانخفاض في دولارات السياحة وضمنت الحصول على قرضين من صندوق النقد العربي قيمتهما 152.5 مليون دولار بالاضافة الى 400 مليون جنيه 87 مليون دولار كمساعدة عاجلة من وكالة المعونة الاميركية. وعجز لبنان عن جذب سياح من غير العرب في العقود الاخيرة ساعده على الافلات من آثار احداث 11 ايلول وربما اصبح اكثر جاذبية لنوع معين من الزوار. وقال دانييل هاجر المدير العام لفندق "جفينور روتانا" المكون من 17 طابقاً والذي افتتح العام الماضي ان مواطني الخليج ادركوا مدى مشقة السفر للغرب وانهم سيأتون باعداد كبيرة. وركزت الفنادق اللبنانية على الخليج منذ عام 1990 ونهاية الحرب الاهلية حيث حالت ظروف الدولة دون جذبها السياح الاجانب.