بدأ وزير الخارجية التونسي حبيب بن يحيى أمس زيارة رسمية لفرنسا، هي الأولى منذ سنوات. وأجرى محادثات منفصلة مع نظيره هوبير فيدرين ووزير التعاون شارل جوسلان. ورأس بن يحيى وفيدرين أمس الجلسة الافتتاحية للجنة العليا المشتركة التي تعطلت اجتماعاتها منذ نحو سنتين بسبب "الخضات" التي مرت فيها العلاقات الثنائية على خلفية انتقادات وجهها الإعلام الفرنسي ومنظمات غير حكومية لأوضاع حقوق الانسان في تونس. إلا أن بن يحيى أكد في تصريح ل"الحياة" الشهر الماضي إن تلك الانتقادات لم تؤثر في سير التعاون على كل الصعد خصوصاً الاقتصادي، مستدلاً بكون فرنسا ما زالت تتبوأ المركز الأول بين شركاء تونس الخارجيين. وتم الاجتماع الأخير للجنة العليا في تونس مطلع العام ألفين في حضور فيدرين وبن يحيى، إلا أن العلاقات تدهورت لاحقاً ووصل التوتر إلى حد اعلان الحزب الاشتراكي الحاكم في فرنسا تجميد العلاقات مع التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم في تونس في حزيران يونيو من العام نفسه، مما أدى الى رد قوي من "الدستوري" الذي اتهم "الاشتراكي" بالحنين الى "العهد الاستعماري". وعادت العلاقات الى التحسن التدريجي مع زيارة وزير التعاون جوسلان لتونس الربيع الماضي وتعيين الوزيرة السابقة فائزة الكافي سفيرة جديدة لدى باريس بعد فراغ استمر ما يقارب سنة. إلا أن التطبيع السياسي تلقى دفعة قوية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر الماضي مع زيارة فيدرين لتونس حيث أجرى محادثات مع كبار المسؤولين أسفرت عن اتفاق على معاودة اجتماعات اللجان المشتركة. وتكرس التطبيع مع عقد اجتماع اللجنة الأمنية المشتركة برئاسة وزيري الداخلية في البلدين عبدالله الكعبي ودانيال فايون في تونس الربيع الماضي، بعد جمود استمر فترة طويلة. ثم أتت زيارة الرئيس جاك شيراك لتونس، في اطار جولته المغاربية الأخيرة، لتشكل اطاراً للاعلان عن معاودة اجتماعات اللجنة العليا. ويمكن القول ان العلاقات السياسية المتقلبة لم تحل دون استمرار التعاون المالي والفني والسياحي إذ تجاوز عدد السياح الفرنسيين الذين زاروا تونس العام الماضي المليون سائح. ويعتقد مراقبون مطلعون بأن الانعطاف الذي تمر فيه العلاقات بين الحكومتين لم ينه الضيق المعلن للمسؤولين التونسيين من المنظمات غير الحكومية وأجهزة الإعلام الفرنسية التي تظهر تعاطفاً قوياً مع نشطاء حقوق الانسان في تونس، خصوصاً لدى إندلاع أزمة بين وزارة الداخلية ورابطة حقوق الانسان العام الماضي.