واشنطن - أ ف ب - يستمر تدفق سيل المعلومات المتعلقة بقضية افلاس شركة "انرون" الاميركية العملاقة للطاقة، المتهمة بتصرفات "مثيرة للشكوك" في مجال المحاسبة كانت تهدف الى إخفاء الوضع المالي للشركة التي يشتبه الآن في انها أتلفت وثائق على رغم تحقيقات عدة جارية في الوقت الراهن. وقال المحامي وليام ليراش مساء اول من امس: "هذا تزوير كبير في المحاسبة، وقد ضبطوا الآن بجرم اتلاف الأدلة". واضاف ليراش الذي بدأ ملاحقات قضائية ضد "انرون" باسم قدامى المسؤولين والموظفين في المجموعة، في تصريح لشبكة "ان بي سي" للتلفزيون: "اعتقد انهم يواجهون مشكلة كبيرة". وكشفت المسؤولة السابقة في "انرون" مورين كاستينادا التي صرفت في منتصف كانون الثاني يناير الجاري، ان الشركة أتلفت وثائق في المحاسبة حتى الاسبوع الماضي على الاقل. ويعتبر هذا التصرف غير قانوني، لأن السلطات الفيديرالية بدأت منذ تشرين الاول اكتوبر الماضي تحقيقات عدة حول أنشطة المؤسسة. وأوضحت كاستينادا في مقابلات أجرتها معها شبكة "اي بي سي" للتلفزيون الاثنين والثلثاء ان "إتلاف الوثائق استمر في دائرة المحاسبة حتى صرفي ولا اعرف ما اذا كان ذلك مستمراً". وقالت مورين التي كانت موظفة كبيرة في جهاز التنمية الدولية ان بعض الوثائق التي أٌتلفت تتعلق بالمحاسبة. من جهتها، ردت إدارة "انرون" على هذه التصريحات بالقول في بيان اصدرته الاثنين الماضي: "منذ 25 تشرين الاول اكتوبر، أبلغت انرون موظفيها بصراحة تامة بضرورة الاحتفاظ بكل الوثائق والأدلة المادية. وقد أرسلت الشركة اربع رسائل الكترونية في هذا الصدد في 25 تشرين الاول 2001 وفي 14 كانون الثاني يناير 2002". وقال المحامي ليراش الذي يعرب عن القلق من احتمال إتلاف وثائق اخرى، انه سيطلب من السلطات القضائية في هيوستن تكساس حيث مقر الشركة، اتخاذ تدابير "للتأكد من ان هؤلاء الاشخاص يتصرفون بطريقة ملائمة". واقترح حتى امكان إرسال الشرطة الفيديرالية لحراسة المقر. وذكرت المجموعة ان عناصر من مكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي اي فتشوا مقر الشركة في هيوستن. واكد ناطق باسمها الثلثاء ان محققين من مكتب التحقيقات ووزارة العدل فتشوا المكاتب بعد الاتهامات التي أطلقتها مورين كاستينادا. من جهة اخرى، اكد محامو مساهمين في "انرون" ان المجموعة انشأت هيكليات غامضة ومعقدة لتضخيم رقم اعمالها وارباحها وإخفاء ديونها. وتفيد وثائق المحامين، ان إحدى أهم الهيكليات، شراكة تدعى "وايتوينغ" المؤلفة من "انرون" وقسم آخر لم يتحدد بعد، تثبت ان "انرون" شجعت مساهمين اجانب من دون ان تطلع المساهمين الحاليين على الاستحقاقات الموجودة. وقد انشئت "وايتوينغ" عام 1997. وفي 1999 قررت "انرون" فصل "وايتوينغ" عن حساباتها، عبر التنازل عن الاكثرية لمصلحة مستثمر غير معروف. وكان دور "وايتوينغ" يقضي بشراء مجموعة من المحطات الكهربائية وانابيب النفط والمشاريع المائية في الهند واسبانيا واميركا اللاتينية. وحمل افلاس الشركة الذي يعتبر اكبر افلاس في تاريخ الولاياتالمتحدة، السلطات الفيديرالية والكونغرس، على فتح سلسلة من التحقيقات. فقد بدأت اللجنة الاميركية لعمليات البورصة تحقيقا جنائياً في التاسع من كانون الثاني يناير الجاري، في الوقت الذي بدأت عشر لجان نيابية تحقيقاتها الخاصة. وستبدأ اليوم الخميس في الكونغرس جلسات استماع حول الفضيحة المالية للبحث في دور شركة "أرثر اندرسن" للتدقيق في حسابات "انرون". وسيستجوب النواب ديفيد دانكن احد ابرز الشركاء في "اندرسن" . من جهته، سيستجوب مجلس الشيوخ مسؤولين قدامى في لجنة الرقابة على البورصة للبحث في وسائل اصلاح صناديق التقاعد المرتبطة برأس مال المجموعة. وقد خسر اكثر من نصف الموظفين في "انرون" رواتبهم التقاعدية التي تناهز 1.2 بليون دولار عبر استثمارها في أسهم الشركة. وتأتي المعلومات الاخيرة عن إتلاف وثائق بعد التسريبات التي استهدفت الاسبوع الماضي لجنة "أرثر اندرسن". وغرقت "أرثر اندرسن" احدى اكبر خمس شركات للتدقيق في الحسابات في العالم في الفضيحة الناجمة عن افلاس "انرون"، بعدما اعترف احد مسؤوليها بأنه أتلف عمداً وثائق عائدة ل"انرون" . وقد استدعي هذا المسؤول ديفيد دانكن الذي كان يشرف على لجنة التدقيق في حسابات "انرون" والذي فصل من وظيفته، الى الادلاء بشهادته اليوم الخميس امام لجنة فرعية للتحقيق في الكونغرس. ووضعت "انرون" التي تجاوز رقم اعمالها 100 بليون دولار تحت حماية قانون الافلاس في 2 كانون الاول ديسمبر الماضي. وقد أدت هذه الكارثة المالية الى افلاس عدد من المستثمرين والموظفين الذين استثمروا أموالهم التقاعدية في أسهم للشركة، مما أربك ادارة الرئيس جورج بوش بسبب علاقات الصداقة التي تربطه برئيس "انرون"، كينيث لاي.