يتوقع ان تطلب شركة الطاقة الاميركية العملاقة "انرون"، التي تتخذ من مدينة هيوستن مقراً لها وترتبط باتفاقات عقود ومشاريع في عدد من الدول العربية، الحراسة القضائية من الدائنين في الايام القليلة المقبلة، في ما يعتبر واحدة من أكبر عمليات اشهار الافلاس في تاريخ الشركات في الولاياتالمتحدة. نيويورك، لندن - "الحياة"، رويترز- قال بعض الخبراء انه في حين مازالت الخيارات مفتوحة أما "انرون" فيما يتعلق بطلب الحماية من الدائنين، الا ان شركة الطاقة المتعثرة يمكنها تجنب اللجوء الى المحكمة عن طريق محادثات مباشرة مع الدائنين. وأضاف الخبراء ان الشركة، التي كانت من اكبر شركات تجارة الطاقة وتراجعت شركة "داينجي" عن تملكها، من المرجح ان تعمل بجهد لتصحيح اوضاعها المالية للحصول على موافقة المحكمة لضمان نجاتها بعد ان تطلب حمايتها من الدائنين بموجب قانون الافلاس الاميركي. ويوفر قانون الافلاس الاميركي الذي يعرف ب"الفصل 11" الحماية لشركة معينة من الدائنين لحين تصحيح اوضاعها المالية. ويتوقع ان تطلب "انرون" الحماية من الدائنين بعدما فشلت يوم الاربعاء الماضي محاولات انقاذ الشركة، التي تعتبر اكبر شركة في العالم الغربي للتجارة في الكهرباء والغاز، من الازمة التي عصفت بها نتيجة للديون الهائلة التي تراكمت عليها. وبدأ سقوط "انرون" قبل ستة اسابيع باعلانها خسائر تبلغ 638 مليون دولار في الربع الثالث من السنة الجارية. وصدرت اعلانات من الشركة تضمنت اعترافاً بانها بالغت في اعلان حجم ارباحها بنحو 600 مليون دولار منذ عام 1997 ولم تسجل ديوناً طائلة في دفاترها. وسرعان ما فقد المستثمرون ثقتهم في شركة كانت قيمتها تقدر بنحو 80 بليون دولار حتى عام مضى تقريباً، وأصبحت لا تتجاوز القيمة السوقية لاسهم الشركة 450 مليون دولار. وما ساعد في التعجيل بانهيارها تحقيق اجرته السلطات الاميركية في معاملاتها المشبوهة خارج الموازنة والاستقالة المفاجئة لمديرها التنفيذي في آب اغسطس الماضي ولمديرها المالي في تشرين الاول أكتوبر الماضي. وتعمل "انرون" من خلال اكثر من 40 شركة في مختلف انحاء العالم ويبلغ عدد العاملين فيها 21 الفاً. وقال خبراء ان بامكان الشركة تجنب طلب اشهار افلاسها اذا لم يتقدم اي من الدائنين للمطالبة بديونه فوراً، وقد يوفر لها ذلك الوقت الذي تحتاجه بشدة لتصحيح اوضاعها بعد الانهيار الذي شهدته في الفترة الاخيرة، اذ هوى سعر سهمها الى بضع سنتات من ذروته البالغة 90.56 دولار في اب أغسطس عام 2000. وأعلنت مؤسسة "ستاندرد آند بورز" شطب اسم "انرون" من المؤشر الرئيسي للمؤسسة. وخفضت شركات التصنيف الائتماني تصنيفها ل"انرون" التي تزيد ديونها على 17 بليون دولار. وقال لاين ام. لوبوكي استاذ قانون الافلاس في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس: "اشهار الافلاس عادة ما يكون رد فعل لاجراء لتحصيل الديون ... اذا لم يتقدم اي دائن باجراء يمكن لانرون الاستمرار في العمل". وقال بعض الخبراء ان الدائنين قد لا يتخذون اجراء ضد الشركة خوفاً من ان يقضي ذلك على اعمالها التجارية المسؤولة عن غالبية عائدات الشركة البالغة 101 بليون دولار في العام الماضي. ويعتبر مصرف "جي. بي مورغان تشيس" الاميركي و"كندا امبريال بنك اوف كومرس" الكندي و"ان. أي. بي" الاسترالي و"أي. بي. ان امرو" الهولندني و"كريدي ليونيه" الفرنسي و"آبي ناشنونال" البريطاني من اكبر الدائنين للشركة. وعلى رغم ان الشركة قد تتخلف عن السداد في الوقت الراهن، الا ان سجلها لا يشير الى تخلف عن السداد من قبل، ما قد يصعب على الدائنين المطالبة باسترداد ديونهم على الفور. وستفضل "انرون" بالتأكيد تجنب اشهار افلاسها وحمايتها من الدائنين وهو ما يخضعها لرقابة المحكمة. واذا امكنها كسب بعض الوقت سيكون بامكانها التوصل لاتفاق مع الدائنين لطلب ما يعرف باسم اشهار افلاس متفق عليه مسبقاً حيث يكون كبار الدائنين وملاك الاسهم متفقين على اجراءاته. وقالت مصادر ان "انرون" كلفت مجموعة "بلاكستون" المنافسة لها بمساعدتها على ادارة شؤونها. وقال الخبراء ان تعقيد عمليات "انرون" يجعل التكهن بخطواتها المحتملة صعباً للغاية. وهناك فرصة دائماً ان تجبر الشركة على التصفية وفقاً للفصل السابع من القانون الاميركي اذا لم تتمكن من تسوية اوضاعها المالية قبل التقدم بطلب اشهار الافلاس. وسعت البنوك والشركات التجارية الدائنة الى احصاء خسائرها من جراء انهيار "انرون" التي تمثل اعمالها 20 في المئة من تجارة الطاقة في الولاياتالمتحدة واوروبا. وعلى رغم ضخامة حجم الانهيار فان عالم تجارة الطاقة يتوقع ان يغطي بالكامل الثغرات التي نتجت عن افول نجم "انرون"لان العديد من الشركات وضع ترتيبات بديلة عندما بدأت حدة مشاكل "انرون" تتزايد. وفي لندن عينت شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" للمحاسبة مصفياً لشركة "انرون اوروبا" وعدد من شركاتها التابعة. وقالت شركة المحاسبة ان تعيينها جاء عقب تخفيض الجدارة الائتمانية لانرون أول من أمس واثر ذلك على قدرتها على ممارسة نشاطها. وأضافت ان مشترين محتملين بدأوا يبدون اهتمامهم ببعض عمليات الشركة في أوروبا بما في ذلك وحدة تجارة المعادن. وقالت ان مجموعة "انرون" أقامت شبكة معقدة على غير العادة من المصالح المتكاملة وسيستغرق تفهم ذلك من المصفين بعض الوقت. وفي مقر الشركة في هيوستن كشفت "انرون" انها قد لا تتمكن من صرف التوزيعات النقدية التي سبق الاعلان عنها للمساهمين عن بعض الاسهم التفضيلية. وفي اوروبا كافح بعض البورصات لابقاء الشركة على قيد الحياة في حين أوقفت بورصات أخرى تعاملاتها. وقالت "انرون ميتالز" لتجارة المعادن انه اعيد تشغيل شبكة "انرون اون لاين" الالكترونية التي يتم عبرها التداول على الشبكات في لندن بعد اغلاقها مساء الاربعاء الماضي. وقالت شركة لندن للمقاصة انها ستستمر في تخليص الصفقات التي تبرم في بورصة لندن للمعادن عن طريق شبكة "انرون". وفي أوسلو قالت بورصة "نورديك" للكهرباء انها استبعدت عمليات الشركة من انشطة التداول والمقاصة. وقال متعاملون في بورصة الطاقة "نايمكس" في نيويورك أول من أمس ان البورصة قيدت تعاملات "انرون" والشركات التابعة لها. ومنعت البورصة اعضاءها من ابرام اي صفقات لصالح "انرون" او أي شركة تابعة لها دون اذن خطي صريح من احدى شركات المقاصة في البورصة.