منذ نعومة أظفارها ومروراً بمرحلتي المراهقة والشباب تتشرب الفتاة فكرة الحرية بحسب ما تراها البيئة الاجتماعية التي تحيط بها. فمفهوم المصطلح يختلف من فتاة الى أخرى، إذ ان هناك من تريد الحرية لكن مع ضرورة تقييدها بعادات وتقاليد، وهناك من تطالب بها كاملة كما تعطى للشاب تماماً، وبين هذا الرأي وذاك تتباين وجهات النظر حول موضوع حرية الفتاة تبعاً للتنشئة والوسط الاجتماعي والثقافي. وبما ان الفتاة الجامعية تعد أكثر انفتاحاً على المجتمع والعلاقات المتبادلة فيه من خلال اختلاطها مع زملائها وزميلاتها من بلدان وأديان مختلفة ودخولها في جو أكثر انفتاحاً من البيت والمدرسة، سألنا عدداً من طالبات الجامعة حول حريتهن بعد دخولهن الجامعة وهل هي متوافقة مع متطلباتهن؟ أم أنه ينبغي اعطاء الفتاة مزيداً من الحرية لتستطيع ان تحقق طموحاتها وتحقق ذاتها كما تريد. تقول ميس العائدي 22 عاماً - طالبة أدب عربي ان "الحرية في حد ذاتها مسؤولية بغض النظر عن نوعها، وإذا كانت الفتاة تستطيع تحمل المسؤولية وجديرة بالثقة لا بد من اعطائها الحرية من دون قيود، مع المحافظة على الأخلاق والمبادئ الكريمة كي لا تسيء الى نفسها، لأن كثيرات يعتقدن ان الحرية هي فعل أي شيء سواء كان مقبولاً أو منبوذاً مع تجاهل عادات المجتمع وتقاليده، ما يدفع كثيرين الى الاعتقاد أن حرية الفتاة يجب ان تكون محدودة جداً أو معدومة. وللأسف هذا ما يحدث فعلاً في مجتمعنا على رغم الانفتاح الذي نعيشه، فنحن في الجامعة يجب أن نتعامل بحذر شديد مع الآخرين وهناك نشاطات كثيرة مفتوحة للشاب ومحظورة علينا". وتعتبر منال عيسى 23 عاماً - طالبة في علم الاجتماع: "اننا نعيش في مجتمع يرفع شعارات تطالب بحرية المرأة وتحررها، لكن هذا كله يبقى كما يقال كلاماً على ورق. فالأهل يفرقون بين الذكور والإناث منذ الطفولة وهذا يؤدي بالطبع الى التفرقة بينهم حين يصبحون في سن المراهقة والشباب. فحرية الشاب مطلقة، أما بالنسبة الى الفتاة فهي نسبية ومحدودة جداً، ونحن نعيش في مجتمع شرقي يظلم الفتاة بعاداته وتقاليده السيئة... وأنا على رغم دخولي الجامعة الا انني لم أنل الحرية التي أستحقها كشابة تعدت مرحلة المراهقة وأصبحت على مقدار كافٍ من الوعي والنضج يؤهلانها لاتخاذ قراراتها بحرية واستقلالية وعلى سبيل المثال فالحرية المتاحة لأخي مختلفة كلياً عن تلك المتاحة لي، فهو يتصرف كما يحلو له داخل البيت أو خارجه ومسموح له ان يقيم علاقات مع فتيات في الجامعة أو غيرها ويعلن عنها أمام الجميع من دون خوف ويخرج من المنزل كما يحلو له، أما أنا فيجب أن يكون برنامج الدوام الجامعي في متناول يد والدي وعليّ الذهاب والعودة على الوقت تماماً، والصداقة مع زملائي الشبان في الجامعة ممنوعة وزياراتي لصديقاتي عليها ألف رقيب، فإذا كانت هذه الأشياء ممنوعة أين هي حريتي كفتاة جامعية متعلمة". أما ثناء محمد 22 عاماً - طالبة في كلية الاقتصاد فتقول: "أنا أتمتع بمقدار لا بأس به من الحرية حتى قبل دخولي الجامعة وراضية بها لأنها تتوافق مع ميولي واتجاهاتي. فعائلتي لا تفرق بين الشاب والفتاة وفي المقابل أحاول أن أكون دائماً مسؤولة عن تصرفاتي داخل الجامعة أو خارجها. فنحن نعيش في مجتمع لا يرحم الفتاة إن أخطأت حتى وإن كنت أعيش مع أسرة متفهمة. وكون أسرتي منحتني هذه الحرية التي تمنحها أقلة من الأسر الشرقية لبناتها يتوجب عليّ أن أكون جديرة بالثقة وأهلاً للحصول على المزيد منها، لأن الحرية يجب ان تكون لها حدود من الاحترام وعدم إيذاء الغير ومراعاة التقاليد والدين". وتقول أماني بدر 20 عاماً - طالبة أدب انكليزي: "قد يوحي مظهري المتحرر ولباسي أنني فتاة تملك حرية لا حدود لها، إلا أنني أعتقد أن حريتي شيء مستحيل. فأنا أعاني القيود التي تفرضها عليّ والدتي. قبل دخولي الجامعة كانت تتحكم والدتي بكل شيء في حياتي: صديقاتي يجب أن اختارهن كما تحب ولا يجب أن أعطي رقم الهاتف لهن، وزيارتي لصديقاتي ممنوعة، وبعد دخولي الجامعة طلبت أمي من أقاربي الذين يدرسون معي في مراقبتي ونقل أخباري اليها اينما ذهبت، حتى صرت أشعر انني مراقبة في شكل دائم ومستمر، وأشعر بأنني سأنفجر من شدة القيود المفروضة عليّ. فأين هي حقوقي كإنسانة أولاً لديها رغبات وميول وكفتاة جامعية تريد بناء مستقبلها وتحقيق استقلاليتها". وترى سمر الخطيب 21 عاماً - كلية الحقوق: "اننا نعيش في مجتمع شرقي والحرية الزائدة للجنسين فيه غير مطلوبة، لأن هناك سياجاً من العادات والتقاليد التي يتمسك بها المجتمع الشرقي والتي تحدّ من حرية الفتاة كثيراً سواء كانت متعلمة أو غير متعلمة. وعلى رغم ان هناك بعض المجتمعات العربية التي تتمتع فتياتها بمقدار كبير من الحرية نتيجة الاحتكاك الدائم بالدول الأوروبية الا انها في المقابل تلقى نقداً لاذعاً ونفوراً كبيراً من الدول العربية الأخرى الملتزمة، لأنها شاذة عن عادات المجتمع العربي الذي نعيش فيه. وأنا كفتاة جامعية أحاول استخدام حريتي في شكل مسؤول لأن الحرية المسؤولة هي التي تعني حقوقاً بجانب التزامات لا حرية هوجاء أنانية مزعجة للآخرين".