ربط البنك الدولي منح المغرب تمويلاً بقيمة 65 مليون دولار بوضع الرباط برنامجاً زمنياً محدداً لتحرير قطاع الاتصالات بالكامل، وخصوصاً ما يتعلق بانشاء شبكة ثانية للهاتف الثابث وفتح خدمات الانترنت امام شركات خدمات الانترنت الدولية، وذلك خلال النصف الاول من السنة الجارية. وانفجر خلاف بين وكالة تقنين الاتصالات والحكومة في شأن الموضوع وهدد مسؤولو الوكالة بتقديم استقالتهم اذا لم يسمح للوكالة بالاستمرار في تنظيم القطاع وادارة شؤون المنافسة التي يواجهها. وقالت مصادر مطلعة ان البنك الدولي اعتبر تأجيل فتح شبكة ثانية للهاتف الثابث تراجعاً عن التزامات سابقة للحكومة وضياعاً لفرصة تحديث وتوسيع قطاع الاتصالات في المغرب وخفض الكلفة وتأهيل الاقتصاد المحلي للمنافسة الدولية. ويحتاج تحرير القطاع الى عرض قوانين جديدة على البرلمان للمصادقة عليها. وكان متوقعاً ان تتوافر في المغرب ثلاث شبكات للهاتف النقال ومثلها للهاتف الثابث خلال الفترة 2003 -2004، على ان تنخفض كلفة الاتصالات وخصوصاً الدولية منها الى النصف وان يتضاعف عدد المشتركين في الشبكة الثابثة وان يزداد عدد مستخدمي الانترنت الى خمسة ملايين. واعتبر البنك الدولي ان المغرب حقق اكبر تطور في مجال الهاتف النقال في شمال افريقيا في الاعوام القليلة الماضية ويحتاج الى جهود اضافية في مجال الهاتف الثابث الذي يراوح مكانه حول 1,5 مليون مشترك. وأرجأت الرباط مناقصة دولية للهاتف الثابث كانت ستعلن عنها قبل نهاية العام الماضي. وانفجر عقب ذلك خلاف حاد بين وكالة تقنين الاتصالات ووزارة تقنيات الاتصال امتدت تداعياته الى واشنطن. وهدد المدير العام للوكالة مصطفى التراب مطلع هذا الاسبوع بتقديم استقالته مع كامل فريقه بدعوى "التضييق" الذي تتعرض له الوكالة من قبل الحكومة والتي اتهمتها الوكالة بمحاباة شركة "اتصالات المغرب" على حساب المنافسة والابقاء على الاحتكار في خدمات الهاتف الثابث والانترنت. واعتبرت الحكومة من جهتها ان الوكالة تريد تسريع وتيرة تحرير قطاع الاتصالات قبل وضع قوانين كافية لتنظيم القطاع تحتاج الى وقت اضافي لاقرارها في البرلمان. وكان التراب مصراً حتى أول من أمس على الاستقالة من الوكالة والالتحاق بالعمل في البنك الدولي في واشنطن حيث كان مسؤولاً عن مكتب المؤتمر الاقتصادي لشمال افريقيا والشرق الاوسط الذي رافق اتفاقات اوسلو الفلسطينية - الاسرايئلية في منتصف التسعينات. وكانت "رسالة استفسار" حول قطاع الاتصالات في المغرب، بعث بها البنك الدولي الى الحكومة، تسربت الى الاعلام المغربي الاسبوع الماضي واثارت ضجة سياسية تطلبت تحقيقاً من رئاسة الوزراء حول الجهة التي سربت الرسالة الى الصحافة. واعتبر بعض الاطراف استفسار البنك الدولي بمثابثة دعم لموقف وكالة تقنين الاتصالات في المغرب وتقوية لوجهة نظرها في وقت تلح فيه اطراف داخل الحكومة على ابقاء الوكالة تحت سلطتها المالية والادارية. وكانت الوكالة التي أسسها الملك الراحل الحسن الثاني عام 1998 تولت اعداد الجوانب التقنية والفنية والمالية لتخصيص قطاع الاتصالات الذي ادر على المغرب نحو اربعة بلايين دولار منذ صيف عام 1999. وبسبب الموارد التي حصل عليها المغرب من تحرير الهاتف النقال ستة ملايين مشترك وبيع 35 في المئة من رأس مال "اتصالات المغرب"، زادت شهية المتدخلين المختلفين للتحكم في القطاع الذي ساهمت عائداته في تمويل جزء كبير من الاستثمارات العامة عبر صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وجاء في مذكرة، ارفقها البنك الدولي برسالته الى الحكومة المغربية، ان تمويل بناء شبكة جديدة للهاتف الثالث في المناطق النائية يحتاج الى تحرير القطاع ودخول شركات جديدة بسبب ارتفاع تكالف البنى التحتية. وسيكون من شأن التحرير والمنافسة خفض كلفة المكالمات الدولية الثابتة، والتي تمثل 25 في المئة من اجمالي الايرادات، ما يساعد على تحقيق فائض اضافي لدعم اسعار المكالمات المحلية التي يمكن ادماج كلفتها في رسوم الاشتراك الشهرية. ويعتقد البنك الدولي ان دول العالم الثالث كافة وخصوصاً العربية منها ستواجه على المدى المتوسط مشكلة نمو الهاتف النقال على حساب الهاتف الثابث ما لم تسرع في تحرير قطاع الاتصالات. كما يعتقد البنك انه يتوجب على مقدمي خدمات الاتصالات الاساسيين الاستثمار في الهاتف الثابث على مدى الاعوام المقبلة لتمكين فئة عريضة من السكان الاستفادة من خدمات الانترنت والدخول الى عالم المعرفة الذي تتيحه تكنولوجيات الاتصالات الجديدة. ويحتاج المغرب الى استثمارات لا تقل عن ستة بلايين دولار لتطوير خدمات الهاتف الثابث على امتداد العقد الجاري وصولاً الى نسبة مشابهة للهاتف النقال والتي وصلت الى 17 في المئة من مجموع السكان.