علمت "الحياة" من مصادر مأذونة ان المغرب قرر ارجاء مناقصة دولية لإنشاء شبكة ثانية للهاتف الثابت كان مقرراً طرحها غداً الاثنين لاختيار الشركات الدولية التي ستتنافس على الحصول على رخص جديدة للهاتف السلكي. وكان يتوقع بدء تنفيذ المشروع في آذار مارس المقبل بهدف انشاء مليوني خط جديد بحلول سنة 2004. وقالت المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، إن "خلافات عميقة حول من سيكون له حق إعلان عروض منح تراخيص الهاتف الثابت وقعت في آخر ساعة بين وكالة تقنين الاتصالات، التي كانت تتولى في السابق إعلان مثل هذه المناقصات، وبين الحكومة التي طلبت ارجاء المشروع إلى حين إصدار قانون جديد للاتصالات يصادق عليه البرلمان". وحسب المصادر نفسها، فإن الخلاف مرشح للتصعيد في الأيام والأسابيع المقبلة ومن شأنه تأجيل تسليم تراخيص جديدة للهاتف الثابت سنتين على الأقل. وقالت: "هناك أطراف في الحكومة الاشتراكية تعارض تحرير قطاع الاتصالات في الوقت الراهن وتقترح التريث وعدم التسرع". وكان مقرراً تحرير قطاعات الاتصالات والنقل الدولي والطاقة والتأمينات سنة 2002 طبقاً لالتزام سابق مع منظمة التجارة الدولية. وهدد المدير العام لوكالة تقنين الاتصالات مصطفى التراب بتقديم استقالته من منصبه، إذا لم يتحقق مشروع الهاتف الثابت الذي قال إنه جاهز للتنفيذ وكلف الوكالة أموالاً انفقتها على الدراسة ومن شأن انجازه توسيع المنافسة وخفض الكلفة ووصول عدد من الخدمات الحديثة، مثل الانترنت، إلى المناطق النائية. وشغل التراب سابقاً منصب مدير مكتب المؤتمر الاقتصادي لشمال افريقيا والشرق الأوسط في واشنطن في منتصف التسعينات. وتسعى وكالة تقنين الاتصالات إلى دخول شركات جديدة لقطاع الهاتف الثابت على غرار ما حدث في الهاتف النقال الذي مكن من انشاء 5.3 مليون خط في غضون سنتين. ومن جهته، قال المسؤول الحكومي عن تقنيات الاتصال ناصر حجي، إنه من الصعب منح رخص جديدة في غياب قوانين منظمة للقطاع. وتعهد باستصدار قانون من البرلمان خلال السنة الجارية. وشككت مصادر اقتصادية مستقلة في إمكان صدور قانون جديد للاتصالات في المغرب خلال السنة المقبلة بسبب ضخامة المشروع وتعارض المواقف. واعتبرت المصادر أن تأجيل اطلاق شبكة جديدة للهاتف الثابت سيزيد من احتكار "شركة اتصالات المغرب" لخدمات الاتصالات السلكية وخصوصاً الانترنت وسيعرقل خطط توسع تلك الخدمات ويحد من تنافسية الشركات المغربية في الخارج. وقال الرئيس السابق لاتحاد رجال الاعمال عبدالرحمن الحجوني الرئيس الحالي لحزب القوات المواطنة في برنامج مباشر على الهواء القناة الثانية شاركت فيه "الحياة" مساء اول من امس انه "لو دخلت شركات جديدة الى قطاع الاتصالات في المغرب وكانت هناك منافسة على غرار الهاتف النقال لكان ثمن فاتورة الهاتف الثابت يقل مرتين عن سعره الحالي". واعتبر الحجوني ان "عملية فتح رأس مال اتصالات المغرب كانت ناجحة تجارياً ومكّنت المغرب من تحقيق مداخيل مهمة ولكنها فشلت اقتصادياً، لذلك تتأخر حالياً عملية بيع رخص الهاتف الثابت". واعتبرت مصادر مستقلة ان بعض الاطراف في الحكومة لا تبدي حماسة كافية لمشروع الخط الثاني للهاتف الثابت بسبب عدم تضمنه لايرادات مالية مباشرة. وكان بيع 35 في المئة من رأس مال "اتصالات المغرب" ادرّ على الخزانة 2.3 بليون دولار استخدمت في تمويل عجز الموازنة. وانتقد رجال الاعمال هذه الطريقة، وقال الحجوني: "عوضاً عن اعتماد الموازنة على مداخيل سريعة من التخصيص يفضل اقامة برنامج على مدى خمس سنوات بإمكانه جلب ما بين 15 الى 20 بليون دولار يستخدمها المغرب في التنمية واقامة المشاريع لتحقيق وثبة اكبر". وتشكل قضية التخصيص واحدة من المواضيع الساخنة حالياً في المغرب قبل اشهر من انتخابات اشتراعية مقررة الصيف المقبل. وتتوجه انتقادات لطرق صرف عائدات بيع الشركات العامة الى القطاع الخاص. وكان التخصيص درّ على المغرب نحو خمسة بلايين دولار منذ اطلاق برنامجه عام 1993.