شكل رئيس الوزراء الاردني علي ابو الراغب امس حكومة جديدة كلفها الملك عبد الله الثاني اجراء اولى الانتخابات النيابية في عهده. وكانت الحكومة حلت مجلس النواب قبل سبعة اشهر وارجأت الانتخابات المقررة اصلا في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، من دون تحديد موعد جديد لها. وبدا من كتاب التكليف الملكي للحكومة ان العاهل الاردني حسم امر اجراء الانتخابات في موعد اقصاه الربع الاخير من العام الجاري، بغض النظر عن تطورات الاوضاع في الاراضي الفلسطينية وتأثيراتها المحتملة على توجهات الناخبين، هذه التطورات التي اعتبرت، على نطاق واسع، من اهم اسباب التأجيل، تفاديا للإستقطابات التي اثارت مخاوف من انتخاب برلمان راديكالي التوجه. وجاءت التشكيلة الوزارية الجديدة، التي من بين ابرز ملامحها استبعاد وزير الداخلية عوض خليفات ووزير الخارجية عبد الإله الخطيب، لتحقق قدرا اكبر من الانسجام والتوافق داخل الفريق الوزاري. وحل السفير في واشنطن مروان المعشر مكان الخطيب، الذي كان لقاؤه ونظيره العراقي ناجي صبري الحديثي امس آخر مهمة له في الحكومة المستقيلة. وعين قفطان المجالي، الذي يمثل شخصية توفيقية وزيرا للداخلية. وتتوقع بعض الاوساط السياسية ان يتم تعيين الخطيب وخليفات في مواقع اساسية اخرى في مراحل لاحقة. ويؤشر احتفاظ اعضاء الفريق الاقتصادي في الحكومة بمناصبهم الى التمسك بالسياسة الاقتصادية التي جنحت في الاشهر الاخيرة الى مبدأ الانفاق لتحريك الاقتصاد، حتى على حساب استنزاف احتياط العملات الاجنبية وزيادة العجز في الموازنة. ويبدو ان مؤيدي هذا الاتجاه يتوقعون تعويض المبالغ المقرر صرفها الى جانب مخصصات الموازنة، والتي تقدر بحوالي 300 مليون دولار اضافية، من عائدات خصخصة مؤسسات القطاع العام والمساعدات الخارجية غير الملتزم بها حتى الآن. وكان لافتا ان الملك عبد الله ركز في كتاب التكليف على ضرورة العمل على تعزيز الجبهة الداخلية من خلال تحقيق مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، بحسب الدستور الاردني، فضلا عن تشديده على التمسك بمبادىء الحرية والديموقراطية واحترام حقوق الانسان. وتأتي توجيهات الملك في هذا الخصوص بعد اصدار الحكومة السابقة سلسلة قوانين موقتة اعتبرت انها تحد من الديموقراطية، خصوصا قانون العقوبات الذي فرض قيودا اضافية على حرية التعبير. وكان اول تطبيق لهذا القانون توقيف رئيس تحرير صحيفة "المجد" الاسبوعية فهد الريماوي اول من امس لمدة 15 يوما بسبب نشره تقريرا عن قرب اجراء تغيير حكومي، ومقالة انتقد فيها اداء الحكومة ومؤسسات رسمية اخرى. ويرى مراقبون ان تأكيد الملك عبد الله على مبادىء الحرية والديموقراطية واحترام الرأي الآخر قد يكون مؤشرا الى بوادر تحول عن السياسة التي نفذتها الحكومة في المرحلة السابقة، وبخاصة في ضوء حسم مسألة اجراء الانتخابات التي يرجح ان تجري في ايلول سبتمبر المقبل. ويعتبر تعيين المعشر الذي يتمتع بإحترام كبير في عمانوواشنطن، جزءا من سياسة تستهدف تحقيق تفاهم افضل مع الادارة الاميركية في ما يخص مستقبل عملية السلام في المنطقة واستحقاقات الحرب الدولية على الارهاب.