لا يزال السجال العربي حول قصيدة النثر قائماً منذ الستينات حين فتحت مجلة "شعر" أبوابها، نظرياً وابداعياً أمام هذا "النوع" الشعري الجديد الذي لم يكن مألوفاً في العالم العربي ولو ان بعض ملامحه كانت بدأت تلوح عبر ما سمي نثراً شعرياً أو شعراً منثوراً وسواهما. الا ان السجال الذي ما برح محتدماً ظل مقصوراً على المجال النظري أكثر مما ارتكز على نص قصيدة النثر نفسها وعلى بنيتها وطبيعتها. وان كان أدونيس سبّاقاً في تناول مفهوم هذه القصيدة في مقالته الشهيرة في مجلة "شعر" ربيع 1960 انطلاقاً من قراءته كتاب الناقدة الفرنسية سوزان برنار "قصيدة النثر الفرنسية" الصادر في العام 1958، فإن أنسي الحاج كان سبّاقاً الى كتابة قصيدة النثر في مفهومها التقني الصرف في ديوانه الأول "لن" الذي صدر في شتاء العام 1960. وغدت مقدمة "لن" أشبه ب"البيان" العربي الأول الذي يكرس قصيدة النثر كنوع شعري فريد ومختلف. لكنّ أنسي الحاج انطلق بدوره من المعطيات أو المقاييس التي استخلصتها الناقدة سوزان برنار وباتت تُختصر في هذا المثلث: الايجاز، الكثافة والمجانية. مقالة أدونيس التي حملت عنوان "في قصيدة النثر" اعتمدت التحليل الموضوعي والشرح والتفصيل، أما مقدمة "لن" فكانت أقرب الى النص الذاتي المفتون بأسئلته. انها المقدمة - البيان التي تعلن ولادة سلالة "اللعنة" الجديدة، سلالة "المصابين الذين خلقوا عالم الشعر الجديد". إلا ان الكلام عن قصيدة النثر حينذاك أسقط من الحسبان قصائد توفيق صايغ وجبرا ابراهيم جبرا ومحمد الماغوط علماً ان هؤلاء الشعراء سبقوا هذا السجال وكتبوا قصائد نثر ولكن على طريقة "الشعر الحرّ" في مفهومه الغربي وليس في المفهوم الذي عممته نازك الملائكة في مقالاتها حينذاك. وفي هذا القبيل يبدو هؤلاء الشعراء وخصوصاً محمد الماغوط سباقين الى تحرير القصيدة من الوزن والقافية ومن التفاعيل التي جعلتها نازك الملائكة عماد "القصيدة الحرة" كما فهمتها هي وبعض رفاقها من أمثال بدر شاكر السياب وعبدالوهاب البياتي وسواهما. وأصر جبرا في بعض مقالاته على ان "الشعر الحر" في مفهومه الغربي الانكليزي والفرنسي انما يمثله الصايغ والماغوط وجبرا نفسه. كان ينبغي انتظار "مختارات" عبدالقادر الجنابي * من "تراث قصيدة النثر الفرنسية والمقدمة التي وضعها لها حتى تتضح "قضية" قصيدة النثر لا نظرياً فحسب وانما انطلاقاً من القصيدة نفسها ومن مادتها أو تقنيتها. ولعل هذه "المختارات" التي جعلت من احدى جمل بودلير عنواناً لها وهو: "الأفعى بلا رأس ولا ذيل" تقدم مجموعة من نماذج هذه القصيدة كما كتبها روادها الفرنسيون بدءاً من أواسط القرن التاسع عشر وانتهاء ببعض الشعراء المعاصرين الذين كانت لهم فيها تجارب مهمة. لكن الجنابي لم يقصر مختاراته على القصيدة الفرنسية بل انتقى بعض النماذج العالمية التي أبدعها بعض الشعراء والروائيين. أما أهم ما قامت به هذه "المختارات" فهو وضعها النقاط على "الحروف" كما يقال واضاءتها "مزالق" هذه القصيدة أو متاهاتها وإجابتها على الأسئلة التي ما زالت تتوالى وخصوصاً في عالمنا العربي. تثبت هذه "المختارات" ان قصيدة النثر التي باتت جزءاً من التراث الشعري الفرنسي والغربي والتي كاد الشعراء في العالم ينسونها منفتحين على فضاء "النثر الحر" أو "الشعر الحر" ما زالت تحتاج الى المزيد من المقاربات النقدية والقراءات. ولعل هذا ما عوّل عليه مثلاً الناقد الفرنسي لوك دوكون حين تحدث في مطلع كتابه "قراءة قصيدة النثر" منشورات دونو، باريس عن "اشكالية" هذه القصيدة التي تشمل النقاد والشعراء حتى الآن على رغم مرور قرن ونصف قرن على انطلاقتها وعلى رغم تجاوزها أو "اهمالها" في فرنسا وخصوصاً في مرحلة الستينات. ولعلّ الانطباع الأول الذي يخالج من يقرأ "مختارات" الجنابي والمقدمة التي وضعها، وهي على اقتضابها، تحوي خلاصة أبرز المقاربات النقدية الفرنسية والأميركية، هو أن مسألة هذه القصيدة هي مسألة نسق أو "نوع" أو نظام يملك من الخصوصية والفرادة ما يجعله نسقاً أو نوعاً أو نظاماً قائماً بذاته ومنفصلاً عن بقية الأنساق والأنواع والأنظمة ولكن من غير استقلال تام. فقصيدة النثر هي المعترك الذي يلتقي فيه الشعر والنثر، الهدم والبناء، النظام والفوضى... وانطلاقاً من مقدمة الجنابي ومختاراته يتبين بوضوح ان شعراء قصيدة النثر الفرنسيين والعالمين والعرب لم يحصروا تجاربهم ضمن حقل هذه القصيدة بل كتبوها في مرحلة ما أو في مراحل ما، علاوة على كتابتهم إما الشعر الحرّ في معناه الغربي وإما النثر المحض في معانيه المتعددة. هكذا لا يبدو أدونيس الذي كان سباقاً في التنظير لهذه القصيدة عربياً، شاعر قصيدة نثر ولو كتب بعض القصائد النثرية. وهو لم يلبث لاحقاً ان اعترض على "نمطية" هذه القصيدة معتبراً ان ثورة الحداثة تقوم على الموقف والرؤيا قبل قيامها على المظهر أو الشكل. أما أنسي الحاج فلم يتوان عن الخروج على "مقاييس" قصيدة النثر التي تجلت تلقائياً في ديوانيه الأولين لن والرأس المقطوع مؤسساً قصيدة غنائية جديدة اعتمدت النفس الملحمي حيناً والايقاع المقتضب حيناً عطفاً على التداعي والتوتر والانصهار اللغويّ. ولعلّ الأجيال اللاحقة على اختلاف مشاربها شرعت في تطوير "القصيدة الحرة" في مفهومها النثري لا التفعيلي منفتحة على التحولات التي شهدها النثر وخصوصاً عبر ما سمي "النص المفتوح". لعل النماذج التي اختارها الجنابي سواء من الشعراء الفرنسيين والعالميين أم من بعض الروائيين تدل على ان قصيدة النثر في مفهومها العام تمثل ما يشبه خط التماس الذي يمكن أن يجاور بين الشعراء والناثرين. هكذا وردت ضمن المختارات قصيدة نثر للكاتب التشيكي فرانز كافكا وللروسي تورغينيف وللبريطاني اوسكار وايلد... مثلما وردت قصائد نثر لعدد كبير من الشعراء بدءاً ببودلير ومالارميه وانتهاء ببول ايلوار وهنري ميشو وسان جون بيرس واكتافيو باث وفيسوافا شيمبورسكا التي حازت جائزة نوبل قبل أعوام. هكذا تترسّخ قصيدة النثر حقاً بحسب ما وصفها بودلير في العام 1862 قائلاً: "معجزة نثر شعري، موسيقى من دون ايقاع أو قافية، فيه ما يكفي من المرونة والتقطع حتى ليتكيف مع حركات النفس الغنائية وتموجات أحلام اليقظة وانتفاضات الوعي...". وأصاب الجنابي جداً في جعله "بيان" بودلير النثري مفتتحاً للمختارات، فذلك "البيان" وهو عبارة عن رسالة وجهها بودلير الى صديقه ارسين هوساي يرسخ أول ملامح أو مقاييس قصيدة النثر فرنسياً وعالمياً. علماً ان بودلير نفسه كما هو شائع وكما يشير الجنابي في مقدمته، اعترف بأثر الشاعر ألويزيوس برتران عليه فهو كتب قصائده النثرية بعدما قرأ "غاسبار الليل"، هذا الديوان الذي يُعتبر حقاً أوّل دواوين قصيدة النثر في العالم. وربما منه استقى بودلير أوصاف قصيدة النثر وفي مقدمها صفة "الأفعى بلا رأس ولا ذيل" ثم صفة "الفانتازيا المتلوّية". ويقول بودلير عن تلك القصيدة أيضاً: "قطّعها أوصالاً عدة ترى أن لكل وصلة وجوداً مستقلاً". تاريخ وقضايا يتناول الجنابي قصيدة النثر الفرنسية تاريخاً وقضايا ثم يلقي ضوءاً على قصيدة النثر العالمية انطلاقاً من أثر القصيدة الفرنسية عليها. فالناشرون الفرنسيون كانوا سباقين في "تثوير النثر شعرياً" وأصبحوا منذ مطلع القرن التاسع عشر "شعراء فرنسا الحقيقيين" كما قال سباستيان مرسييه. ولعل صعود النثر الفرنسي تزامن مع صعود العقل المتمثل في فلسفة التنوير ولم يكن على بودلير فيما بعد الا ان يجعل هذه القصيدة بمثابة التعبير الأسمى عن كآبة باريس والنموذج الأحدث لالتقاء الشعري في ما هو عابر وزائل كما يعبّر الجنابي. ويستعرض الجنابي المراحل أو المحطات التي اجتازتها هذه القصيدة لاحقاً أي بعد بودلير. فالشاعر مالارميه جعلها أشبه بالنادرة التي تعبّر عن عالم آخر هو "عالم الصمت المشيّد داخل اللغة حيث المجد شمس الألفاظ". أما رامبو فهو "استشفها وسيلة مثلى للتعبير عن فوضى الأنا الداخلية ومشاريعها في خلخلة الحواس". على ان الشاعر لوتريامون "المصروع الرأس" جعل منها "سبيلاً شعرياً في الكشف عن شيء آخر لا علاقة له بكل ما كتب في التاريخ عن الشرّ". ولئن بدا النصف الثاني من القرن التاسع عشر منبتاً خصباً لقصيدة النثر وشعرائها فهي كادت تغيب أو تقع في النسيان طوال الربع الأول من القرن العشرين. وكان على الشاعرين الفرنسيين ماكس جاكوب وبيار ريفردي أن يعيدا احياءها عشية الحرب العالمية الثانية، سواء عبر البعد النظري أو الصنيع الشعري نفسه. ولعل ماكس جاكوب الشاعر اليهودي المرتد الى المسيحية كان في طليعة المنظّرين لهذه القصيدة وقد أسبغ عليها تعريفاً واضحاً وحدد استقلالها كنوع أدبي يملك قوانين واضحة وصادقة في "بيان" آخر كان عبارة عن مقدمة كتبها لديوانه "كأس الزار" في العام 1916. وحسناً فعل الجنابي في تعريب هذه المقدمة - البيان ونشرها على حدة ضمن ما سماه "ملحقاً" في ختام المختارات. وهذه المقدمة مثلها مثل رسالة بودلير ومقدمة موريس شابلان وسواها ستكون مرجعاً من المراجع التي ستنطلق منها سوزان برنار في العام 1958 لترسّخ نقدياً وأكاديمياً مفاهيم النثر ومقاييسها. ويفترض ماكس جاكوب على قصيدة النثر ان تكون "كتلة ذات قابلية لتوليد انفعال خاص يختلف كلياً عن الانفعال الحسي أو العاطفي". ويفترض جاكوب أيضاً ان على القصيدة هذه ان تكون قصيرة ومكثفة وخلواً من الاستطرادات والتطويل والسرد المفصّل والبراهين والمواعظ. ولعل هذا الافتراض هو الذي أوحى الى سوزان برنار استخلاص ذلك المثلث: الايجاز، الكثافة والمجانية. ولكن يجب عدم الأخذ بأن كل نص قصير هو قصيدة نثر. وهذا ما يدفع فعلاً الى ضرورة تفسير معاني هذا المثلث: فالايجاز والكثافة يدلان على "سياق متوتر تشتجر فيه الجمل المركبة" كما يقول الجنابي، أما المجانية أو الجزاف فيعني أنّ "على قصيدة النثر ان تكون قائمة بذاتها، مستقلة في شكلها ومبناها وألاّ تستمد وجودها الا من ذاتها هي". ربما لم تعد تحتاج قصيدة النثر الى الزائد من التنظير فما كُتب عنها في العالم العربي بات يكفي ليكوّن مرجعاً نظرياً ينطلق من القاعدة التي أسستها سوزان برنار. ويجب عدم اغفال أن كتاب سوزان برنار هذا نُقل كاملاً الى العربية راجعه وقدم له الشاعر رفعت سلاّم وبات متوافراً أمام الشعراء والنقاذ الذين لا يتقنون الفرنسية. غير أنّ الجنابي يعتمد مراجع حديثة وربما هي أحدث من ذلك الكتاب - الأسطورة، منهجاً ورؤية، ومنها مثلاً كتاب ايف فاديه "قصيدة النثر" 1996 أو كتاب ميشال ساندراس "قراءة قصيدة النثر" 1995 علاوة على اعتماده "عيون" المختارات وهي أصلاً قليلة ومنها "مختارات" موريس شابلان التي تعتبر أول "أنطولوجيا" لقصيدة النثر الفرنسية 1946 وكذلك "مختارات" لوك ديكون التي أعادت دار سيغير طبعها في العام 1984. والطريف ان موريس شابلان قسم مختاراته الى مرحلتين: العصر الكلاسيكي وضمنه بودلير ومالارميه ورامبو ولوتريامون وعصر "الفيض المعاصر" وضمنه مارسيل بروست وماكس جاكوب وهنري ميشو وسواهم... أما لوك ديكون فحضر مختاراته بين العامين 1942 و1945 وقد أسقط اسمين كبيرين هما: لوتريامون من القرن التاسع عشر وسان جون بيرس من القرن العشرين، معتبراً ان نتاجهما لا يخضع لمقاييس قصيدة النثر. وقد أخذ ديكون في مقدمته على مواطنه موريس شابلان اختياره هذين الشاعرين ضمن مختاراته وكأنه عبر اختيارهما يناقض ما يفترض من شروط أو مقاييس لقصيدة النثر. هذه القضية انتبه لها عبدالقادر الجنابي فأدرج لوتريامون وسان جون بيرس في ملحقين على حدة واختار لهما مقاطع منفصلة. لوتريامون وبيرس ولئن اعتبر الجنابي أنّ كتاب لوتريامون "أناشيد مالدورور" الذي اكتشفه السورياليون غداة ثورتهم "سيقلب لغة المستقبل الشعرية" وانه سيكون له بعد جذري في تغيير مسار قصيدة النثر وكسر كلّ اطار يحدد تلك القصيدة "ضمن شكل منغلق"، فهو يعترف ان الاعتراض على ادراجه في "مختارات" قصيدة النثر مقبول ولكن ليس على ضوء المفهوم الشائع لهذه القصيدة. أما قضية سان جون بيرس فيبررها انطلاقاً من تبرّؤ بيرس نفسه من كل الأنواع الشعرية: كالشعر الحر وقصيدة النثر والنثر الشعري. فشعر بيرس يميل الى "الفخامة الملحمية" و"الايقاعات الوزنية" وبعيد جداً من شروط قصيدة النثر. لعل ما اختار الجنابي من شعراء وقصائد يكفي القارئ العربيّ كي يؤلّف صورة بانورامية وتاريخية شاملة عن قصيدة النثر الفرنسية في محطاتها الأبرز. واضافة الى تعريبه القصائد عمد الى تقديم الشعراء تقديماً نقدياً مسهباً في أحيان على عكس "المختارات" الفرنسية التي لا تطيل في تقديمها الشعراء. وبدا عمل الجنابي أميناً على الشعراء وعلى المرتبات التي يحتلونها في المشهد الشعري الفرنسي العام. فما كتبه عن الشعراء نمّ عن مرجعية بيّنة وعن معرفة تطلبت الكثير من المراس والدأب والجهد. أمّا السابقة التي تميّز بها الجنابي فهو تقصّيه معالم قصيدة النثر في التراث الشعري العالمي الحديث انطلاقاً من بعض المراجع الانكليزية أو الأميركية. وقد اختار قصائد نثر لشعراء من أنحاء العالم: الاسباني خيمينيث، التشيلي بيرودا، الأرجنتيني بورخس، المكسيكي باث، البولونية شيمبورسكا، الأميركي روبرت بلاي، واللبناني أنسي الحاج. والمفاجأة الجميلة تمثلت في إدراجه ضمن "الملحقات" المقالة التي كتبها الشاعر الأميركي رسل ايدسن عن قصيدة النثر الأميركية وهي بمثابة بيان أميركي عن قصيدة النثر. وبحسب هذا البيان يعترف النقد الأميركي بأن بودلير أطلق قصيدة النثر وأن لوتريامون ورامبو عمّداها، وان ماكس جاكوب وبيار ريفردي والسورياليين ادخلوها هذا القرن لتصبح "الآن متوافرة لأي شخص". وتبدو قراءة الشاعر الأميركي ايدسن لهذه القصيدة أشدّ تحرراً من قراءة الفرنسيين لها. فهو يرى ان قصيدة النثر "لا تنحدر من فكرة القصيدة المنثورة بل من الشعر الحديث نفسه"، ويضيف: "ان الشعراء الذين نجلّهم ويكتبون قصيدة النثر فإنما نجلهم لأنهم شعراء". ويرفض ايدسن مقولة "القوانين الجاهزة" ومقولة "القوانين التي يجب انتهاكها". فقصيدة النثر في نظره هي "ملك مَن يكتبها" وما يبدو فيها على سهولة في التأليف هو "ما يجعلها صعبة المراس". ترى هل أصبحت قصيدة النثر نوعاً من "الأنواع" الشعرية التي باتت وقفاً على تاريخ الشعر؟ هل ما برحت معاييرها قائمة؟ هل ما زال من شعراء يلتزمون الشروط التي استخلصتها سوزان برنار من نتاج هذه القصيدة نفسها؟ هذه الأسئلة يطرحها بإلحاح من يقرأ "مختارات" عبدالقادر الجنابي والمقدمة التي وضعها. ولعلها الأسئلة نفسها التي يطرحها القارئ الفرنسي على نفسه حين يقرأ "مختارات" قصيدة النثر. فهذه القصيدة التي رُسمت تخومها عند العام 1945 ما برحت قصيدة اشكالية بامتياز كما عبّر الناقد الفرنسي ميشال ساندراس. ولعل بعدها "الأشكالي" هو الذي سيجعلها مادة لسجال لن ينتهي حتى وان أصبحت نوعاً من الأنواع الشعرية "الراسخة" وخصوصاً بعدما تحرّر الشعر ليس من القوافي والأوزان فحسب وانما من القوانين المسبقة والجاهزة التي طويلاً ما قيدته وحالت دون تحوله فعل حياة بامتياز وفعل ابداع بامتياز. * صدر الكتاب عن دار النهار بيروت 2002 تحت عنوان "الأفعى بلا رأس ولا ذيل - أنطولوجيا قصيدة النثر الفرنسية".