ضجت أحياء دمشق بحكاية زوجة الأب التي وضعت مربى المشمس حول أنف ابنة زوجها وعرّضتها للشمس المحرقة طوال أسبوع. راقب أبو الفتاة زوجته واكتشف انه تضع للطفلة مربى المشمشم والطفلة ترجوها بأن لا تدع النمل يدخل الى انفها، فلم يتمالك اعصابه وقتل زوجته خنقاً وسلّم نفسه الى الشرطة. وبعد فحص الفتاة من قبل مجموعة أطباء تبين ان النمل أكل دماغها وهي الآن تصارع الموت، بلا أمل في الشفاء. تبدو المقدمة قاسية مع الأخذ في الاعتبار ان زوجة الأب مهما كرهت أولاد زوجها لا يمكن ان تقوم بعمل كهذا، ولكن خصوصية موضوع زوجة الأب ومعاملتها لأبناء الضرة أو أبناء الزوج وكيف ينظر الأبناء الى زوجة أبيهم دعتنا الى سؤال بعض زوجات الأب وبعض الأبناء حول واقعهم ومشاعرهم. تبدأ زوجة الأب ريما القضماني 37 عاماً - ربة منزل، حديثها قائلة: "نعم أكرهها وأكره إبناءها ولا أحبهم ولا أريد ان يعيشوا في بيتي، ولن اعتبرهم كأبنائي، فهم يكرهونني أيضاً ولا يحبون اخوتهم ويوجهون إليّ الكلمات الفظة، فأنا من سرقت أباهم منهم ومن أمهم، علماً انني لست الملامة. فأبوهم اختارني بعدما طلق امهم ورفضت ان يظل أبناؤها معها، فلماذا أتحمل هذا العبء الكبير وهم دائماً يذكرونني بأنني نصف زوجة، وأن ثمة من يشاركني في زوجي وأولادي، فلا أستطيع ان أعاملهم كأبنائي الذين ولدتهم وربيتهم. لست ظالمة ولا أنكر كراهيتي لزوجته الأولى وأولادها، ولكنها ليست بريئة، كما ان أولادها مشاغبون، مع انني أطعمهم وأغسل لباسهم وأعتني بدراستهم، ولكن ما الفائدة إذا اعتبرونني ظالمة. الابنة لورا ذكية ونشيطة، في الثامنة من عمرها وتستطيع ان تعتمد على نفسها في أشياء كثيرة. أما رامح 10 سنوات فهو في الصف الرابع وقد أصبح يقدر المسؤولية لتصرفاته وأقواله حتى أنه يخبر أباه بكل كبيرة وصغيرة ليجعلني أتشاجر معه وأقضي أسبوعاً كئيباً لأن زوجي يأخذ بأقوال أبنائه". صوت الاولاد - لورا عبدالله الحسين: "كنت أبلغ من العمر بضعة أشهر عندما طلّق أبي أمي ورفض أهلها استقبالي وأخي في بيتهم، بل حرّضوها على الزواج بآخر. وكذلك أبي سرعان ما تزوج من كانت السبب في مأساتي وأخي، إذ كانت تضغط على والدي ليقسو علينا بتهديده بطردنا من المنزل. وبعد سنة من زواج أبي توفيت جدتنا ولم يبق لنا أحد يدافع عنا ويحمينا من ظلم "خالتي". لم أشعر يوماً بطعم الحياة إلا في المدرسة مع أصدقائي وصديقاتي، حيث أضحك وألعب وأفرح معهن، بل أتمنى ان تكون الحياة كلها مدرسة لأتخلص وأخي من هذه الحالة التي باتت مصيبة، علماً ان والدي يقف الى جانبنا مرة في حين يقف الى جانبها مرات ، والعكس مع اخوتي الذين من زوجة أبي، فهم يحبوننا ويتمنون أن يأكلوا معنا مرة في الأسبوع، ولكن لا يستطيعون فعل شيء أمام امهم التي تنهال عليهم بالضرب إذا أحست انهم اقتربوا منا، مع أن الثلاثة تقريباً في سني وسن أخي. صغيرهم لا يأبه لشيء، كما ان أبي يجبرنا على ان نقول لها ماما وهي ليست كذلك لأنني وأخي لا نستطيع أن نجعلها في مقام الأم، حتى وان كانت تحنو علينا كالأم احياناً". - رامح شقيق لورا يكمل: "بعد موت جدتي لم يبقَ لنا أحد يدافع عنا ويحمينا من قسوة خالتي، فأبي دائماً في العمل ولا يجد الوقت ليسمعنا ويرى ما تفعله، فمرة زارتني أمي في المدرسة فوقعت زيارتها علينا كوقع الصاعقة على مسامع خالتي، واضطربت علاقتنا بالبيت وبأبي ومعها. لا أتمنى أن تفرق الأيام بين أب وأم لكي لا يؤول الحال كحالنا، فخالتي ليست سيئة جداً ولكنها ليست جيدة أيضاً، وأنا أعرف أنه لا يوجد خالة تحب أبناء ضرتها. ولكن ما ذنبنا نحن إذا كانت الظروف وضعتنا في هذا الحال. فأبي لا يرى ما تفعله مع أبنائها من حنان ورأفة ورعاية وما تفعله معنا من قسوة. وجوده معنا يشعرنا بالأمان لأنه يهتم لشؤوننا ويلاعبنا ويشتري لنا أغراضنا خفية عنها ومع ذلك نحبه. ونحب اخوتنا الذي يحاولون بشتى الطرق ان يقنعوها بأن تحبنا وتعتبرنا مثلهم في الأكل أو الشرب أو النزهات... الخ. لكن وضعنا هذا أفضل من حالات أخرى كثيرة، كما آمل من خالتي عندما تقرأ ما قلناه عنها، ألا تزعل منا لأننا على الأقل نحمل الاسم نفسه الذي يحمله أولادها". العاقر والمستقبل - السيدة آلاء كربوج طبيبة: تزوجت وعمري خمس عشرة سنة وصار عمري تسعاً وثلاثين سنة والى الآن لم أنجب. ولم أتخيل أبداً أنني لن أنجب ولم أتقبل فكرة أنني سأربي أبناء زوجي الخمسة بعدما ماتت أمهم وأصبحوا لا يملكون معيناً لهم، بل كنت أتخيل دائماً أنني سألد أطفالاً لي وأربيهم كما أريد، ولكن ومنذ سنتين فقط طلبت من زوجي أن يأتي بأولاده الخمسة من بيت أمه ليعيشوا معي في بيتي ويكونوا تحت رعايتي واشرافي، ربما لأنني لم أعد أطيق العيش من دون أطفال أو أنني قطعت الأمل بالانجاب. وأحسست انهم الحل الوحيد للخروج من المأزق، لم يبلغ الأطفال سن العاشرة الى الآن. وبينهم طفل صغير لا يتجاوز عمره السنتين وشهراً، فقد ماتت أمه بعد ان ولدته بشهر وأسميته أمير، وترعرع في حضني ولا أشعر الآن وبعد سنتين أنني لم أنجب، فالأولاد لم يكونوا كما توقعتهم، وهم يشعرون الآن بأنهم لم يفقدوا كل شيء بل أخذوا يتآلفون معي بانسجام لم أتوقعه، وأنا لا أقصر معهم في شيء بل بدأت أعلمهم ما كان ينقصهم حتى أصبحت راضية عن تعاملهم مع الناس وعن ثقتهم بأنفسهم وعن نظامهم الغذائي والصحي والمدرسي. ومع مرور الزمن سأصبح راضية تمام الرضى، فلا أعتبر نفسي زوجة أب. - أمير بيرقدار 10 سنوات: "لم نكن نتوقع ان زوجة أبي التي نقول لها ماما ستبدو كما هي الآن من رعاية ومحبة وحنان، فقد أحببناها لأنها عوضتنا عن أمنا التي ماتت وهي قلقة علينا كيف سنعيش بعدها لأن المرض سمّرها في الفراش أكثر من سنة، ولم نتوقع ان نعيش مع "ماما آلاء" بهذه الراحة والألفة إذ علمتنا أشياء كثيرة لم نكن نعرفها، ونحن مدينون لها حتى آخر حياتنا، فلولاها لا نعرف ما كان سيكون مصيرنا وبخاصة أن أخي لم يكن يتجاوز الشهر الواحد عندما أتينا لنعيش في بيت أبي الذي يكاد يطير فرحاً عندما يرانا متحابين، فتربية خمسة أطفال ليست بالعملية السهلة وبخاصة ان لها عيادتها وهي تنظم وقتها مع وقت البيت لتتفادى التقصير، وأنا نيابة عن أخوتي الخمسة سنظل أوفياء لليد التي حنت علينا وربتنا وحملتنا على أكتافها". - الطفلان لؤي وأحمد سلو 12 سنة: أكثر من مرة طردتنا زوجة أبينا من البيت وأخذت النقود التي أعطتنا اياها أمنا، انها لا تعاملنا كأبنائها الذين كرهونا لكثرة ما تكذب مما يزيد في تعاستنا. أبونا يسمع كلامهم وكلامها ولا يرفض لهم طلباً، حتى أخوتنا لا يستطيعون ان يقتربوا منا أو يلعبوا معنا، إلا سامر الذي يسرق الطعام والشراب ويقدمه الينا، فهي لا تهتم لنا أبداً، وانما ينصب اهتمامها على شكلها الخارجي الذي لا نحبه، وبخاصة انها تعرف أن أمنا موظفة فهي تسيء معاملتنا لنذهب اليها ونستجدي منها المال لنستطيع العيش، أما مدارسنا فهي من توافه الأمور لديها، ولا تصرف من راتبها في البيت بل بالعكس تنفقه على هندامها في حين أن بيتنا يحتاج الى اصلاحات كثيرة فهو يكاد يهبط فوق رؤوسنا، بل أفكر وأخي بعد سنتين أو ثلاث أن نخرج من هذا البيت ونستأجر بيتاً آخر ونعيش فيه ونكمل دراستنا ونعمل بعد المدرسة لنستطيع العيش بسلام من دون مشكلات.