عين الرئيس الاميركي جورج بوش أمس السناتور السابق جون دانفورث مبعوثاً خاصاً للسلام في السودان وكلفه مهمة السعي الى تحقيق اتفاق سلام بين الحكومة والمتمردين الجنوبيين. واستقبلت الحكومة السودانية الانباء بترحيب حذر، في حين قابلها متمردو "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بالتأييد. راجع ص 6 وحمل بوش، في كلمة القاها في حديقة الزهور في البيت الابيض خصصت لاعلان تعيين دانفورث، الحكومة السودانية مسؤولية حرب الجنوب قائلاً أنها "خاضت لنحو عقدين حرباً بشعة ومخجلة ضد شعبها. هذا امر خطأ الحرب ويجب ان يتوقف فوراً. هذه الحكومة استهدفت المدنيين بالعنف والرعب، وسمحت بالرق وشجعته، والمسؤولية عن وقف هذه الحرب تقع على عاتقهم. عليهم الآن السعي من اجل السلام. ونحن نريد المساعدة" في ذلك". وقال اثناء الاعلان عن تعيين دانفورث الذي وصفه بأنه "سناتور سابق وقس رسمته الكنيسة البروتستانتية ويحظى باحترام". واضاف "لست واهماً. جون دانفورث يتولى منصباً صعباً للغاية. درجة الصعوبة عالية. لكن هذه مسألة مهمة حقاً. انها مهمة لهذه الادارة. مهم للعالم ان يعيد بعض الرشد للسودان". وتحدث دانفورث أيضاً في الاحتفال الذي حضره وزير الخارجية كولن باول وعدد من اعضاء الكونغرس وصفهم بوش بأنهم "تعاملوا مع هذا الموضوع بجدية" والديبلوماسيين. وقال المبعوث الجديد أن "احتمالات السلام في السودان تتوقف على نيات المتحاربين. الولاياتالمتحدة تستطيع تشجيعهم، لكنها لا تستطيع جلبه". واوضح انه سأل خبراء في الشأن السوداني عن قدرة الولاياتالمتحدة على لعب دور مفيد في تحقيق السلام "وابلغني بعضهم صراحة أن الاجابة لا". وتابع أن "آخرين كانوا أكثر أملاً. نعتقد أنا والرئيس انه ما دامت هناك فرصة فإن علينا درس الاحتمال بجدية". وعلقت مصادر في البيت الابيض على القرار، معتبرة انه ترجمة للاهتمام الذي توليه ادارة بوش للموضوع. واعتبرت ان اطلاق عملية سلام خاصة بالسودان تشير الى امرين، أولهما، أن فرص تحقيق السلام الآن عالية وإلا لما اعلن عنها بوش في وقت يتردد فيه في اطلاق عملية سلام تعالج النزاع العربي - الافريقي. وشرحوا أن السبب الثاني للاعلان هو أن الرئيس "يريد ارضاء القاعدة المسيحية المحافظة في الحزب الجمهوري التي شكلت أساس قاعدته الانتخابية". وتعرض البيت الابيض لضغوط مكثفة من اللوبي المسيحي والنواب السود للتدخل في السودان. يذكر أن دانفورث سيناتور جمهوري سابق من ولاية ميسوري المحافظة، ويأتي تعيينه تأكيداً لأن الادارة ترى موضوع السودان من منظار التيار المسيحي المحافظ. الى ذلك، رحبت الخرطوم بحذر أمس بتعيين دانفورث للاشراف على مبادرة وساطة لاحلال السلام في جنوب السودان. ورأى وزير الخارجية السوداني أن الخطوة "من شأنها فتح صفحة جديدة في العلاقات". وأكد "دعم الحكومة السودانية الخطوة اذا ارادت بها واشنطن لعب دور لوقف الحرب". وقال إن "هذا الدور سيتعاظم كلما كان موقف واشنطن متسماً بالحياد والشفافية".وقال الوزير للصحافيين قبل اعلان بوش عن مبادرته ان الخرطوم "حريصة على ترك المبعوث الاميركي ليتعرف بحرية على الواقع والحقائق ووجهة نظر الحكومة في اطار من الشفافية". وأيد متمردو "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق المبادرة الاميركية، مؤكدين أن بامكان واشنطن العمل على تحقيق تقدم في عملية السلام. وقال ممثل الجيش الشعبي لتحرير السودان في القاهرة جورج كوج باراش لوكالة "فرانس برس" انه "اذا كانت الولاياتالمتحدة تريد بذل جهود لتحقيق السلام فبإمكانها تحقيق تقدم لانها القوة الوحيدة العظمى في العالم". وقال جورج كوج ان "تفاصيل المبادرة الاميركية ما زالت مجهولة ومن غير الواضح اذا كانت ستسمح بالجمع بين عناصر المبادرات الافريقية والعربية للسلام كما يأمل الجيش الشعبي". واضاف: "لا نؤمن بتعدد منابر التفاوض للتوصل الى حل للمشكلة". وجاء اعلان بوش بعد ساعات من تأكيد رئيس مجلس الامن السفير الفرنسي جان دافيد لافيت عن تفاؤل حذر في شأن اتفاق أميركي - سوداني على ان يرفع مجلس الامن العقوبات المفروضة على السودان عند انعقاد المجلس في 17 الجاري. وقال لافيت مساء الاربعاء أن ادراج المسألة في برنامج عمل مجلس الامن "يشكل رسالة بأننا نشعر بالتشجيع من جانب السودان والولاياتالمتحدة بأن في إمكاننا التحرك الى أمام" لرفع العقوبات. وأشار الى الأهمية الخاصة التي توليها واشنطن لملف السودان. وحرص على تأكيد الحذر في التوقعات نظراً إلى تاريخ العلاقات الأميركية - السودانية.