كيف تقتني آخر "طبعة" من سيارة، من دون أن تشتريه؟ تبدو الاجابة مستحيلة، وأيسَرُ منها حلٌّ وسط، وهذا ما فعله مهندس الكهرباء جمال حشوش في بلدته النبطية. فقد نجح في تحويل سيارة مرسيدس موديل 1994 في هيكلها الخارجي على الأقل الى سيارة مرسيدس موديل 2001، أو - بلغة المغرمين بالسيارات - من "شبح" الى "غواصة"! والتجربة ثانية، بعد تجربة أولى أكثر غرابة، إذ "طوَّر" سيارة فولفو موديل 1962 فجعلها سيارة رولز رويس سيلفر شادو فخمة، وجهزها بأجهزة كومبيوتر وتلفزيون ورادار وصندوق أسود للمراقبة، بتقنيات عالية. ومن دون أن يقصد وكلاء شركة المرسيدس في لبنان، بحثاً عن سيارة العام 2001، قرّر - بما يملك من خبرة وعزيمة - أن يخرجها من "الأتيلييه" الذي يملكه في النبطية، وأن يثبت من جديد أن طرافة الفكرة تستحق المحاولة. وهذا ما حدث، ويرويه المهندس حشوش بتواضع. يقول: "قبل عام شرعت في تنفيذ الفكرة، فبدأت بتعديل الواجهة الأمامية، بما فيها من غطاء محرك ودفاعات، ثم انتقلت الى صنع الجوانب والمسكات والأبواب، وصولاً الى القسم الخلفي، وراعيت شروط الانسياب والطول والعرض والارتفاع، وحرصت على مطابقة ما أصنع للنموذج المعروف... لقد دام العمل عاماً كاملاً، وكان صعباً، واعترضته اخفاقات ومحاولات تصحيح، حتى استقام الأمر لي، فكانت هذه السيارة". واضطر المهندس حشوش الى تصغير حجم السيارة، وكان ذلك عملاً صعباً. إلا أنه دأب على العمل بعناد، واستعان في بعض المراحل بعمال وفنيين على تنفيذ التصاميم التي رسمها بدقة، كما لقي العون عند عملية التركيب. وإشباعاً لفضول العارفين، المولعين بالسيارات الحديثة، يؤكد حشوش وتؤكد السيارة في صورتها النهائية، انها "صنعت بدرجة عالية من الاتقان، بدءاً من الواجهة الأمامية والمصابيح والمصدَّات وغطاء المحرك والرفارف، مروراً بالجوانب والمسكات والأبواب التي تفتح بالبصمات، وغير ذلك مما في السيارة الجديدة الخارجة من مصانع الشركة". ويضيف: "صنعت بعض عناصر المقصورة من ألومينيوم، وبعضها من فولاذ، وجهزتها بعوازل صوت اضافية في المقصورة، وبوسائد هواء وأحزمة أمان، وبمعيّرات للجهد، وجهاز للابلاغ بهامش وقف السيارة PARK DISTANCE، ونظام رصد لضغط الهواء في الاطارات، مع تشغيل المساحات اوتوماتيكياً فور تبلل الزجاج الأمامي بالماء". كذلك طوّر التابلوه، فجعله غير منظور العدادات والأرقام إلا في حال التشغيل، مع إضاءة نيون من نوع جديد، ومرسلات أشعة لايزر من الخلف تعمل عند الفرملة ليلاً، حيث توجه مباشرة الى الأرض. تفاصيل كثيرة اضطر المهندس حشوش الى انجازها على مدى عام، في بلدته النبطية، لا في مدينة صناعية أو داخل مصنع. والأمر عنده لا يعدو كونه هواية، واثباتاً للطاقات الخلاقة في الشباب اللبناني، "فنحن لسنا شركة صناعية تملك الامكانات الضخمة. ولكننا نملك الإرادة". فماذا عن الجانب الاجرائي القانوني؟ يقول المهندس حشوش: "سجلتها في دائرة تسجيل السيارات باعتبارها مرسيدس 1994 طبعاً. ويتطلع حشوش الى أبعد من هذا الانجاز، ويأمل، وهو في الطريق الى ما هو أهمّ، أن يجد المساعدة من القادرين... "فلعلني أستطيع خدمة بلدي".