ألقت الأحداث الدموية والانفجارات التي وقعت أول من أمس في واشنطن ونيويورك بظلالها على أجواء دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط المقامة حالياً في تونس وتستمر الى السبت المقبل، وتخوف كثيرون من ان تنعكس هذه الأحداث على فاعليات الدورة وتؤثر سلباً على منافساتها. وتردد أن تعليمات أمنية مشددة قضت بمنع خروج الرياضيين من القرية المتوسطية بعد الساعة العاشرة ليلاً قد صدرت، لكن الجهات المسؤولة التونسية المسؤولة وقيادات اللجنة المنظمة للألعاب نفوا الأمر بشدة، وأكدوا ان مثل هذه التعليمات لم تصدر ولم يقع فيها أصلاً. وأوضح رئيس لجنة الاعلام صلاح الدريدي ل"الحياة" ان لا صحة لما تردد حول تشديد الاجراءات الأمنية "الأمور تسير على ما يرام، وليس هناك أي تخوف على الرياضيين الأوروبيين الموجودين في تونس". وأضاف "جميع الرياضيين ينعمون بحرياتهم، ولا قيود على تحركاتهم" والحقيقة تقال ان اهتمام الجماهير التونسية والوفود المشاركة ال23 في هذه الدورة شهد تحولاً بمقدار180 درجة منذ ظهر يوم اول من امس، وسادت حالة من الوجوم والتساؤل وتحولت الانظار من مواقع الألعاب الى القنوات الفضائية الأوروبية والاميركية والعربية لتتابع بدهشة وانذهال كبيرين مشاهد "القيامة" التي عاشتها الولاياتالمتحدة بعد الانفجارات التي شملت مواقع حيوية عدة فيها. واذا كان التلفزيون التونسي واصل نقله المعهود للألعاب والمسابقات بحسب البرنامج الموضوع، فإن الحجم الكبير للكارثة وانشغال الوفود في الضفة الشمالية بمعرفة تفاصيل الاحداث، فرض على القناة التلفزيونية المحلية قطع البث المباشر مرات عدة. وعلى رغم صعوبة الجزم في طبيعة رد الفعل لدى الوفود المشاركة لارتباط ذلك بالمشاعر والعواطف التي لا تخضع للقياس، فإن طبيعة الوجوه بين ارتياح مبطن بالسرية ووجوم وحيرة وقلق لدى وفود الضفة الشمالية لم يكن غائباً عن العيون. أما في الشارع التونسي ومع مشاعر احترام لحظات الموت فإن تساؤلات في المقاهي والجلسات العائلية تمحورت حول منفذي هذه الانفجارات. ولم تشهد العاصمة التونسية أية اجراءات أمن استثنائية وحاول كبار المسؤولين في لجنة تنظيم ألالعاب التأكيد على أهمية الجغرافيا وأولوية استكمال العرس المتوسطي مع تعاطفهم مع الشعب الاميركي في محنته وقد تجسد ذلك رسمياً في البرقية التي بعث بها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الى نظيره الاميركي جورج بوش الابن. ساعات قلق على صعيد آخر، عاشت البعثة المصرية ساعات قلق وتوتر بعد أن حامت شبهة تناول منشطات من قبل اثنين من رباعيها الفائزين بميداليات. واستدعت اللجنة الطبية المستشار خالد عز الدين رئيس البعثة وأبلغته ان نتيجتا فحص المنشطات الخاصة باللاعبين محمد موسى الديب وأحمد حسين كانتا ايجابيتان. بيد ان طبيب البعثة المصرية أوضح للجنة الطبية انه سمح للرباعين بتناول عقار "فولتارين" المسكن للآلام بعد أن شعرا ببعض منها في العظام تحديداً. وأوضح عز الدين ل"الحياة" ان اللجنة الطبية اقتنعت بموقف الطبيب المصري، وقررت تبرئة الديب وحسين من الشبهات التي حامت حولهما "لكنها أكدت ضرورة ان يطلعها طبيب البعثة على كل الوصفات والعقاقير التي يسمح بتناولها". وتعيش البعثة المصرية، عموماً، أوضاعاً سيئة على الصعيد الفني بعدما توقف رصيدها عند 4 ميداليات ذهبية فقط، وهو ما لا يتناسب أبداً وريادتها الافريقية والعربية، فضلاً عن، انها صاحبة فكرة اطلاق هذه الدورة في عام 1951 من طريق محمد طاهر باشا رئيس اللجنة الأولمبية المصرية ونائب رئيس اللجنة الأولمبية آنذاك. وعلى رغم ان الحصيلة الاجمالية للميداليات المصرية وصلت الى 28، الا ان احتلالها المركز التاسع على لائحة الترتيب العام يؤكد ضعف الاداء الفني لرياضييها في شكل عام، وقياساً على النتائج التي حققها الآخرون أو النتائج التي حققتها مصر في الدورات المتوسطية السابقة. ولفت ان اربع دول عربية من بين ثماني مشاركة هي التي ذاقت طعم الذهب حتى الآن، وتتصدر تونس اللائحة برصيد 13 ميدالية ذهبية و8 فضيات و18 برونزية، وتليها الجزائر 5 - 3 - 4 ومصر 4 - 12 - 12 والمغرب 1 - 2 - 3... في حين حصلت سورية على خمس فضيات وأربع برونزيات، وليبيا على برونزية واحدة، وبقي رصيد لبنان والأردن صفراً. وبعيداً من الأحداث الدموية والشبهات التنشيطية والنتائج العربية غير المقنعة، التقت "الحياة" عضو اللجنة الأولمبية الدولية وحامل ذهبية سباق 110 م حواجز في أولمبياد مونتريال 1976، الفرنسي غي دروت، فأكد ان التنظيم التونسي للدورة جيد، "صارت الألعاب حدثاً عالمياً بفضل التجهيزات المتوافرة والتنظيم الرائع، وجعلت مهمة من يأتي بعد تونس في التنظيم صعبة جداً لأنها لم تترك شيئاً للصدفة". ورأى دروت ان تطور الألعاب على صعيدي التنظيم والحضور القوي لدول الحوض أسهم في تحقيق نوع من التوازن بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط. وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه الالعاب المتوسطية لجهة التقريب بين شعوب المنطقة، قال: "الرياضة صارت أهم عناصر التقارب بين الشعوب، ويستحق ان نوليه اهتماماتنا سياسياً وثقافياً واجتماعياً وطبعاً اقتصادياً، اللقاءات الرياضية هي بمثابة أعياد للانسان في كل مكان. وبالنسبة الى الدورة الحالية فهي تمثل فرصة ابناد حوض المتوسط بملتقياتهم الرياضية والثقافية. وأبدى دروت اعجابه بالمنشآت التونسية الجديدة وخصوصاً مدينة "7 نوفمبر" الرياضية والقرية المتوسطية في رادس، واعتبر الأخيرة بادرة فريدة من نوعها في تاريخ هذه الألعاب المتوسطية من شأنها أن تسهم في تقريب شباب المتوسط وتبادل ثقافاتهم المختلفة، وتوطيد العلاقات بينهم ،وهو ما يمثل الهدف الأساسي من وراء هذه الملتقيات. بديل سياف في اليوم العاشر من المنافسات، عوض العداء الجزائري محمد الخالدي غياب مواطنه علي سعيدي سياف وصيف بطل اولمبياد سيدني العام الماضي وبطولة العالم الشهر الماضي في ادمونتون في سباق 5 الآف متر، حين احرز ذهبية السباق ذاته، مسجلاً 30،06،14 دقيقة، متقدماً على المغربي محمد امين 73،06،14د، والاسباني ريكارد فرنانديز 20،07،14د. وكان مقرراً ان يشارك سياف في الدورة، الا ان ايقافه من قبل الاتحاد الدولي بسبب تناوله منشطات حال دون خوضه المنافسات، فقررالاتحاد الجزائري ادراج اسم الخالدي، المتخصص في سباق 1500م، في السباق في محاولة لعدم اضاعة ميدالية ذهبية كانت من دون شك ستكون من نصيب سياف في حال مشاركته في الدورة. وأعرب الخالدي عن سعادته باحراز اللقب المتوسطي، وتحقيق الآمال المعقودة عليه في غياب سياف، في حين اعرب المغربي امين عن استيائه بحلوله في المركز الثاني، وقال: "لست راضياً عن نتيجتي على رغم انها ايجابية، كنت اود احراز الذهب، لكنني ارتكبت خطأ فنياً في اللفة الاخيرة، كما ان السرعة خانتني في الامتار الاخيرة. وعموماً انها نهاية الموسم والجميع متعب واحراز الفضية يبقى انجازاً في حد ذاته". وأصيبت القوى المغربية بضربة موجعة، بعدما اضطر العداء مصطفى اسداد الى الانسحاب من سباق 400م حواجز بسبب الاصابة، كما ان عبدالرحيم الغمري غاب عن سباق 5 الآف متر لتعذر وصوله الى تونس قادماً من استراليا حيث شارك في نهائي الجائزة الكبرى. وفي باقي نتائج فئة الرجال، نال الايطالي فابريتسيو دوناتو ذهبية مسابقة الوثبة الثلاثية بتسجيله 05،17م امام الفرنسي سيباستيان بينسومايل 58،16م، والاسباني راوول شابادو 41،16م. وأحرز اليوناني بيريكليس ياكوفاكيس ذهبية سباق 400م حواجز، مسجلاً 21،54 ثانية امام الكرواتي داركو يوريسيتش 35،50ث والايطالي لوران اوتوز 75،50ث، كما غنم اليوناني غافيلاس ذهبية سباق 100م بزمن 14،10 ثانية. ونال الفضية الايطالي كيكوتشي 15،10ث، والبرونزية القبرصي ماركوليد 21،10ث. ولدى السيدات، خيبت التونسية سيرين البلطي، بطلة افريقيا في القفز بالزانة، آمال جمهورها، وحلت سادسة مكتفية بقفز 70،3 امتار. ونالت الذهبية الاسبانية دانا سيرفانتيس 10،4م، والفضية اليونانية تاليا ياكوفيدو 00،4م، والبرونزية الفرنسية سيلين بواسونييه 90،3م. وأحرزت التونسية منية كاري برونزية مسابقة رمي القرص بتسجيلها 44،56م، ونالت الذهبية اليونانية اريتي امباتزي 42،61م، والفضية الايطالية انييس مافيس 38،57م. وحققت كاري انجازها في محاولتها الثالثة، وأعربت عن سعادتها بانتزاع الميدالية البرونزية معتبرة اياها نتيجة جيدة بالنظر الى قوة منافستيها صاحبتي الذهب والفضة، ثم الاسبانية أليس ماتيكوفيتش صاحبة المركز الرابع 23،56م. وأحرزت التونسية هناء الشاوش برونزية مسابقة 3 الآف متر موانع مسجلة 31،18،10 دقائق امام مواطنتها مليكة الغرياني 65،38،10د. وكانت الميدالية الذهبية من نصيب الفرنسي ايلودي اوليفاريس 68،44،9 دقائق، والفضية لمواطنتها لورانس دوكينوي 90،65،10د. وهي المرة الاولى التي يدرج فيها سباق 3 الاف متر موانع للسيدات، وقد عرف مشاركة العداءات الاربع فقط. وأحرزت الفرنسية سيلفاني موراندي ذهبية سباق 400م حواجز مسجلة 02،57 ثانية متقدمة على الايطالية مونيكا نييدرستاتر 22،57ث التي نالت الفضية، والسلوفينية ميتا ماكوس 51،57ث صاحبة البرونزية. ونالت التركية نورا غانر ذهبية سباق 100م مسجلة 25،11 ثانية، في حين كانت الفضية من نصيب الايطالية مانويلا ليفوراتو 25،11ث، والبرونزية من نصيب اليونانية افروسيني باتسو 45،11ث. الألعاب الجماعية وفي الالعاب الجماعية، تلتقي تونس مع تركيا على استاد المنزه وفرنسا مع ايطاليا في بنزرت اليوم في الدور نصف النهائي لمسابقة كرة القدم بموجب القرعة التي سحبت امس. وكانت تونس بلغت الدور نصف النهائي كصاحبة افضل مركز ثانٍ في الدور الاول الذي شهد مشاركة 9 منتخبات وزعت على ثلاث مجموعات وتأهل اصحاب المركز الاول في كل منها الى دور الاربعة مباشرة. وفازت تونس على سان مارينو 5-صفر وخسرت امام فرنسا ضمن المجموعة الاولى التي تصدرتها الاخيرة بعد فوزها الساحق على سان مارينو 6-1. وتصدرت ايطاليا المجموعة الثالثة بتغلبها على المغرب والجزائر بنتيجة واحدة 2-1، في حين انتزعت تركيا المركز الاول في المجموعة الثانية بعد فوزها على اليونان 2-1 وتعادلها سلباً مع ليبيا. وفي دورة المتوسط، احرزت سيدات ايطاليا ذهبية مسابقة الكرة الطائرة بفوزهن على تركيا 3-صفر الاشواط 25-9 و25-23 و25-18. ونالت فرنسا الميدالية البرونزية بفوزها على اليونان 3-صفر.