توالت ردود الفعل القضائية والسياسية المؤيدة لاستقالة رئىس الغرفة الجزائية لدى محكمة التمييز في لبنان القاضي رالف رياشي، في وقت سعى مسؤولون سياسيون الى معالجة الاستقالة باتصالات ولقاءات، من دون ان يتم البت بها من قبل مجلس القضاء الاعلى الذي ينتظر على ما يبدو عودة النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم من اسطنبول، اليوم من اجل التئامه. وكان قصر العدل شهد امس، حركة قضاة غير اعتيادية، اذ حضر البعض من مناطق خارج بيروت لاعلان تضامنهم مع رياشي فيما شهد مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى حركة مشاورات بين اعضائه الذين حضروا في غياب عضوم ومهيب معماري الموجود ايضاً خارج البلاد، اضافة الى غياب القاضي رياشي "عن السمع" كلياً امس، وكان الاخير زار، ليل اول من امس، رئىس الجمهورية اميل لحود برفقة القاضي حنين، ولم يصدر عن اللقاء اي معلومات سوى ان لحود طلب معالجة الاستقالة. وعلم ان رئيس الحكومة رفيق الحريري اتصل، ليل اول من امس، بالقاضي رياشي وأبلغه ان استقالته سترفض في حال احالها مجلس القضاء الاعلى الى مجلس الوزراء. وأشارت المصادر الى اتصالات تجرى لترطيب الاجواء بين القاضي رياشي ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي نصري لحود. ذلك ان كتاب استقالة رياشي اعتبر ان محكمته اهينت حين طلبت مفوضية الحكومة لدى المحكمة العسكرية نقض قرار اتخذه قبل ايام بعدم صلاحية المحكمة العسكرية النظر في قضية الموقوفين، واعتبر رياشي ان قراره مبرم. وكان رياشي هاله ان يكون طلب الطعن الذي تقدمت به المفوضية وصل الى وسائل الاعلام بواسطة الفاكس قبل ان يصل الى محكمة التمييز. وعلمت "الحياة" ان ملف الطعن لم يصل بعد الى محكمة التمييز الثالثة التي تنظر في دعاوى التمييز، وتردد ان الملف خرج من المحكمة العسكرية و"حط" في النيابة العامة التمييزية. وهو ينتظر عودة عضوم. وذكرت مصادر قضائية ل"الحياة" ان الملف "قد لا يصل الى محكمة التمييز وبالتالي لا يكون هناك طعن بقرار رياشي ما يشكل مخرجاً محتملاً للمشكلة القائمة اضافة الى رفض مجلس القضاء الاعلى الاستقالة". وكانت مصادر المحكمة العسكرية اشارت الى ان طلب الطعن جاء اثر استياء من قرار رياشي "المتسرع اذ كان يفضل لو انه أخّر قراره الى ما بعد انعقاد القمة الفرنكوفونية التي سيستضيفها لبنان الشهر المقبل، خصوصاً ان احكاماً صدرت في حق الموقوفين، فلا يستغل التياران اللذان ينتمي اليهما الموقوفون عونيين وقواتيين القمة ل"الفرعنة". وعقد مجلس نقابة المحامين جلسة استثنائية، امس، برئاسة ميشال اليان، ودعا في بيان له الى "رفع اليد عن القضاء وابعاده عن التجاذبات، وتمنى على مجلس القضاء الاعلى ووزير العدل رفض الاستقالة واتخاذ الاجراءات التي يراها مناسبة للحفاظ على استقلالية القضاء ومهابته. وأجمعت ردود الفعل السياسية على ضرورة رفض استقالة رياشي. وأعلن وزير الاعلام غازي العريضي تأييده لموقفه المبدئي الملتزم بالحرص على استقلالية القضاء واحترام مسؤولية كل قاض وصلاحياته"، اسفاً "لوصول الامور الى حد دفع القاضي الكبير الى تقديم استقالته" داعياً "الى اعادة الامور الى نصابها الصحيح تأكيداً لما وعدنا به في الحكومة وترجمة لشعار دولة القانون والمؤسسات واحترامها". ورأى وزير الدولة وزير العدل سابقاً بهيج طبارة "انه لا يجوز التعامل مع الاستقالة على ان صاحبها شخص عادي، انما المطلوب تبيان الاسباب التي دفعت رياشي لتقديم استقالته، وما ورد فيها يتطلب منا البحث عن الاسباب الحقيقية ومعالجتها بالعمق، اذ لا يكفي القول اننا لن نقبل استقالة رياشي. واعتبر طبارة انه "مثلما هناك قانون ينص على عدم المساس بالجيش يجب ان تكون هناك قوانين مماثلة لعدم المس بالقضاء اذا اردنا الحفاظ على كرامته". وطالب الرئىس حسين الحسيني الحكومة ب"الكف عن تقديم مشاريع قوانين تعرقل قيام السلطة القضائية"، مشدداً على "ضرورة تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات". ورأى الدكتور ادمون نعيم ان "كان على رياشي ان يصنع خضة وقد صنعها"، نافياً ان يكون للاستقالة اي خلفية سياسية بل خلفية سلطوية.