لم ينل كثير من الأطفال حقهم في الرعاية والتوجيه فخرجوا عن المعايير الاجتماعية بسلوكيات مخالفة للقوانين والأعراف، احياناً يجتمع بعض الأطفال في المدرسة ويشكلون عصابة صغيرة يطلقون عليها اسماء مختلفة، ويقومون بأعمال عدوانية داخل مدارسهم قد تصل الى شتم أو ضرب المدرّسين. وقد شهدت المدارس السورية أخيراً حوادث اجرامية بدأت من مشاجرات بين التلاميذ وأدت الى نهايات مؤسفة فمنهم من ذهب الى سجن الأحداث ومنهم من ذهب الى المستشفى. وحين نجد أطفالاً في الشوارع لا يجدون رقيباً على تصرفاتهم يهابهم الأطفال الآخرون لأنهم مشهورون بعدوانيتهم. ومن المتوقع ان تتطور بعض حالات العنف في سن المراهقة فيتحولون الى السرقة والجريمة والمخدرات وجرائم الآداب، ناهيك عن القتل. حول هذه القضية الشائكة التقينا مربين واخصائيين، هنا آراؤهم. * الدكتورة ندى محمد أخصائية في طب الأطفال تقول: هناك حالات اعالجها ناجمة عن مشاجرات بين الأطفال بعضها خفيفة وبعضها شديدة، والذي يلفت انتباهي ان نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال من الأحياء الشعبية الفقيرة التي يقضي صغارها معظم أوقاتهم في الشوارع في هيمنة الجهل وغياب الرعاية الأسرية، فهناك الكثير من أولياء الأمور يسيئون التعامل مع مثل هذه المواقف فيضربون الطفل ظناً منهم ان الضرب هو الحل الأفضل، ولكن بتصرفهم هذا يزيدون الطين بلة لأن الموقف يتطلب الإرشاد والتوجيه، وأتمنى ان تكون هناك مؤسسات وبرامج اذاعية وتلفزيونية توجه الآباء والإمهات قبل ان تتوجه الى الطفل، لأن اللوم يقع بالدرجة الأولى على الأسرة ومن ثم المجتمع. * السيدة منى أسعد 30 عاماً - مطلقة ولديها ثلاثة أولاد تقول: قبل طلاقي كنت أعيش مع زوج عنيف جداً لا يستعمل لسانه سوى للشتائم ويديه للضرب، مما اضطرني الى ترك المنزل والأولاد وطلب الطلاق، وحين قرر طليقي الزواج حاولت بشتى الطرق الحصول على الأولاد الذين أفسد تربيتهم بهمجيته وتخلفه الشديد، لكنني أعيش الآن في معاناة كبيرة لأن ابني البكر عدواني مع اخوته ومع جميع أولاد الحي. طُرد من مدرسته بسبب مشاكله الكثيرة التي كان آخرها رجم احدى المعلمات بالحجارة في الشارع، والأسوأ ان اصدقاءه سيئون جداً، تعلم منهم التدخين وحمل السكين والى ما هناك من العادات الموبوءة. وحاولت كثيراً أن أبعده عن هذا الطريق وأن أخفف من عدوانيته حتى اضطررت الى طلب المساعدة من أهلي من دون جدوى ولا أعرف كيف أتغلب على هذه المشكلة الكبيرة. * الأستاذ حسن عمر مدرس لغة انكليزية يقول: نواجه عدداً من المشكلات بسبب عنف الأطفال وإذا لم ننجح بالأساليب التوجيهية نضطر الى طلب ولي الأمر لمناقشة الموضوع معه وهناك الكثير من الأهل لا يعيرون القضية أهمية كبيرة، فباعتقادهم ان الطفل سيتغير حين يصبح شاباً، ولا يدركون ان طفلهم سيخيب ظنهم وسيصبح شاباً منحرفاً بدلاً من ان يكون رجلاً صالحاً. لكن تجب الاشارة الى ان بعض الأهالي يهتمون بمطالبنا ويتعاونون معنا في ضبط أولادهم، ومن خلال عملي كمدرّس أقترح على جميع الجهات التربوية سواء في المدارس أو الحضانات أو حتى الجامعات تعيين مرشد نفسي وتربوي مختص يشرف على مراقبة سلوك الأطفال والمراهقين ليكون علاج مشاكلهم في شكل سليم وعملي، فالطفل العنيف يسبب قلقاً لإدارة المدرسة خوفاً عليه وعلى الأطفال والأمن في شكل عام، كما أنَّ أعداد الأطفال كبيرة في الصف الواحد ومشاكلهم كثيرة مما يصيب المدرّس بالملل من كثرة الشكاوى، واعتقد ان هذا من أهم الأسباب التي تزيد في تفاقم المشكلة، فكلما زاد عدد التلاميذ كلما قلّت قدرة المدرّس على ضبطهم والتعمق في حل مشكلاتهم. * السيدة ليالي العلي 35 عاماً تقول: - مشاكل الأطفال كثيرة جداً ويجب على الأسرة ان تتفهمها وتحاول حلها وألا تشجع أولادها على العنف، فالأسرة هي الموجّه الأساس لسلوك الطفل، وأنا أحاول دائماً ان أوجه أولادي وأبعدهم عن التصرفات العنيفة خصوصاً عبر اللهو في الشارع فلا يكتسبون عادات سيئة كالشتائم أو المشاجرات، فأصدقاء السوء محرض أساسي للعنف وما ينتج عنه من تدخين ومخدرات وجرائم وسرقة، وبإمكانهم تحويل الطفل الى مخلوق عدواني خطير.