لجأ المسؤولون عن كرة القدم السعودية من جديد الى اسطوانتهم المفضلة دائماً وهي ابعاد المدربين، لكن هذا اللجوء جاء بمباركة منتظرة من جماهير اللعبة التي طالبت باقصاء مدرب المنتخب اليوغوسلافي سلوبودان سانتراتش اثر العروض السيئة التي قدمها "الاخضر" ابان توليه مهمة المدير الفني. ويرى كثر من السعوديين ان تغيير المدرب جاء متأخراً بسبب فشله في ايجاد توليفة طوال 40 يوماً قضاها "الأخضر" السعودي في معسكرات متنوعة وفي بلدان مختلفة. ويعتقد الرياضيون السعوديون ان المدرب المعفى من منصبه قتل الآمال المشروعة في التأهل للمرة الثالثة على التوالي الى نهائيات كأس العالم. وكان الاتحاد السعودي تعاقد مع سانتراتش قبل نحو ثلاثة اشهر، وبدا يومها انه وجد فيه الضالة التي يبحث عنها اثر فشل المنتخب في المحافظة على لقبه بطلاً لآسيا وتخليه عن اللقب لمصلحة اليابانيين، بعدما اطاح السعوديون برأس المدرب التشيخي ميلان ماتشالا وأسندوا المهمة الى مواطنهم ناصر الجوهر، وما اشبه الليلة بالبارحة اذ ان الاتحاد اسند المهمة من جديد الى الجوهر نفسه. تبريرات غير مقنعة وتمحورت ملاحظات السعوديين على سانتراتش انه لم يستطع اقناعهم بايجاد تبرير للعرض السيئ الذي ظهر عليه "الاخضر" في مباراة البحرين، واشراكه لثلاثة لاعبين في وسط الميدان وهم عبدالله الواكد وعمر الغامدي ومحمد نور، وعرف عنهم جميعهم نجاحهم في اداء الادوار الدفاعية وضعفهم في المساندة الهجومية، في الوقت الذي كان يجدر بسانتراتش ان يلجأ الى الهجوم مستفيداً من عاملي الارض والجمهور. واستغربوا ابعاده أبرز اللاعبين الذين خاضوا المباريات التجريبية في شكل اساس، وهم القائد سامي الجابر ولاعبا الوسط ابراهيم ماطر ومناف ابو شقير، المعروفان باجادتهما صناعة اللعب وميلهم الى المساندة الهجومية. ويوضح لاعب الوسط البارز محمد نور اسباب التراجع في "ان سانتراتش لم يضع بعض اللاعبين في الاماكن المناسبة التي يجيدون اللعب فيها، وأنا واحد منهم. فالجمهور يعتقد بأنني بعيد من مستواي، لكن سانتراتش بدّل مركزي فكلفني بمهمة في مركز يمين الوسط، وأنا اجيد دور لاعب الوسط المدافع". وما زاد من حنق السعوديين والاعلام الرياضي وجعلهم يصبون جام غضبهم على سانتراتش هو فترة الاعداد التي خضع لها المنتخب والمنتخبات الضعيفة التي قابلها خلالها، وهي ماليزيا وسنغافورة وكوريا الشمالية، اي انها فرق لا يمكن ان تهيئ منتخباً لخوض تصفيات نهائية وحاسمة، على عكس المنتخبات التي تلعب الى جانب "الاخضر" في المجموعة الاولى، فايران مثلاً واجه ما لا يقل عن 20 منتخباً وفريقاً قبل مباشرته التصفيات الحاسمة. وطغت اصابات عدد من اللاعبين على كثير من احاديث الرياضيين، وأرجعوا تلك الاصابات الى طريقة تحضير اللاعبين وتجهيزهم بدنياً بعد عودتهم من اجازاتهم السنوية، اخضعهم سانتراتش لتدريبات شاقة تسببت في اصابة عدد كبير منهم، امثال طلال المشعل والحسن اليامي، اللذين افتقد المنتخب الى جهودهما. ويرجع النقاد الرياضيون الاصابات التي لحقت باللاعبين وعدم ابلالهم سريعاً الى الجهاز الطبي الذي اصر سانتراتش على التعاقد معه والذي اعفي مع اعفائه وفشله في تشخيص الاصابات، الامر الذي جعل اللاعبين يعودون الى انديتهم ويخضعون للعلاج في العيادات المتعاقدة معها. عنق الزجاجة وينتظر المسؤولون السعوديون من الجوهر ان يعيد ما فعله في لبنان خلال كأس آسيا الاخيرة، وان يسهم في رفع الروح المعنوية التي انعدمت لدى اللاعبين ، وجعلتهم اشبه بالتائهين. ويواجه الجوهر معضلة كبيرة تتمثل في اقناع الجماهير بوضع الثقة في اللاعبين، وستكون مباراة العراق غداً بمثابة عنق الزجاجة الذي يحتاج الى جهد كبير للنفاذ منه. تفاؤل ويزخر تاريخ المنتخب السعودي بابعاد الكثير من المدربين واسناد المهمات الى عناصر محلية كفية، وكانت البداية مع المدرب البرازيلي الشهير ماريو زاغالو الذي فشل مع "الاخضر" في دورة كأس الخليج السابعة التي اجريت في سلطنة عمان، وأُبعد بعد مباراتين، وأسندت مهماته الى مدرب الاتفاق آنذاك وعضو الاتحاد السعودي الحالي خليل الزياني الذي حقق المركز الثالث في تلك الدورة، ثم قاد المنتخب للتأهل الى دورة لوس انجليس الاولمبية 1984 وحقق كأس آسيا للمرة الأولى في العام ذاته. ثم جاء الدور على المدرب البرازيلي الآخر جوزيه كاندينو الذي استبعد بعد الشوط الاول في المباراة مع العراق عام 1993 خلال التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لكأس العالم 1994، واستدعي المدرب محمد الخراشي ومساعده حمود السلوة واشرفا على "الاخضر" في مباراة واحدة. ونجح الخراشي في تأهيل المنتخب الى مونديال الولاياتالمتحدة 1994 بعد الفوز على ايران 4-3. وفي مونديال فرنسا 1998 اقصي المدرب البرازيلي الذائع الصيت كارلوس البرتو باريرا بعد هزيمتين متتاليتين امام الدنمارك صفر-1 وفرنسا صفر- 4، ونجح الخراشي في التعادل في المباراة الاخيرة امام منتخب جنوب افريقيا 2-2. وفي كأس امم آسيا استبعد التشيخي ماتشالا بعد الخسارة المدوية من اليابان في المباراة الافتتاحية صفر- 4، وعُين الجوهر بديلاً منه، ونجح في ايصال "الاخضر" المباراة النهائية وخسر بشرف امام اليابان صفر-1، بعدما اقصى من طريقه منتخبي الكويت 3-2 وكوريا الجنوبية 2-1. وتتفاءل الجماهير السعودية وقبلها اتحاد اللعبة بالتغيير، لأن التاريخ يؤكد نجاح مثل هذه الخطوات. المدير الاداري وبعد ان اطيح بالمدير الفني، بدأ الحديث يكثر عن جدوى استمرار المدير الاداري فيصل العبدالهادي، فعدد كبير من السعوديين يحمّلون الطاقم الاداري الكثير من السلبيات التي وقع فيها المنتخب، ومنذ ان تولى العبدالهادي ادارته بعد كأس العالم 1998، وحصيلة "الاخضر" من الالقاب تبدو خاوية، عدا لقب كأس العرب، في مقابل فشل كبير في كأس الخليج الرابعة عشرة التي اجريت في البحرين، وبطولة القارات والكأس الافرو اسيوية وكأس آسيا، على عكس النجاح الذي تحقق للمنتخب ابان ادارة الخبير فهد الدهمش الذي أُبعد مع المدرب باريرا في فرنسا. وكثرت الانتقادات حول طبيعة اداء العبدالهادي، وطالب رئيس النصر الأمير عبدالرحمن بن سعود بابعاده ووافقه الرأي قائد المنتخب السابق صالح النعيمة وعدد من النقاد الرياضيين.