وجدها أول مرة في كورنيش العزيزية. اعتاد ان يتجول هناك مساء يتفرج على الفتيات. كانت بصحبة رفيقاتها يأكلن الآيس كريم ويتضاحكن. اضطر الى التوقف والاستدارة ليشبع عينيه منها قبل ان تبتلعها موجات الشبان والفتيات. ولكنه التقى بها بهن مرة ثانية. كان يتفرج على معروضات احدى فيترينات محلات الموضة حين وجدها في الداخل تقيس قبعة هي في غنى عنها لجمال شعرها. وقف هناك يتابعها وهي تجرب قبعات عدة وتستمع الى نصائح رفيقاتها المتضاربة حتى لمحته ولكنها اهملته فقرر ان يرحل. لكن حظه اليوم شيك، فبعد تسكع طويل في الطرقات وأمام الفيترينات قرر ان يدخل ليستريح في الديسكو فشاهدها هناك جالسة مع رفيقاتها يتحدثن في موضوع جاد لأنهن كن مقطبات. انتقى طاولة قريبة منهن وجلس يتمعن فيها. سمعها تطلب من النادل نوعاً خاصاً من الكاتوه وكوباً من الشاي. لفت انتباهه طريقة لفظها للشاي. قالتها جاي مائلة، لطيفة ومحببة جعلته يبتهج وداخله يزغرد. كلمة جاي هذه جعلته مغرماً بها. حاول لفت انتباهها. ذهب الى دورة المياه. مشط شعره وربط منديلاً ملوناً حول رقبته وتفقد سوية شاربيه وبياض اسنانه. نتف شعرة بيضاء اكتشفها في شعره ثم خرج ليجلس قبالتها لعلها تكتشفه. كانت تشرب الشاي الجاي بنعومة ويبدو ان الحديث بينهن اصبح اكثر مرحاً. تلك الجميلة لم تكن تعير انتباهاً اليه. مرة او مرتان نظرت اليه ولكنها اسرعت بتحويل وجهة نظرها نحو الراقصين. سمعها تضحك في شكل رائع فعشق ايضاً طريقتها في الضحك. سمعها ايضاً تردد إيه... إيه تشجع احدى رفيقاتها في أمر معين. عشق أيضاً هذه ال إيه... إيه. قرر ان يتصرف ليلفت انتباهها بطريقة أكيدة. نهض وذهب الى دائرة الرقص. كان راقصاً ممتازاً وكان يجيد رقص الراب كالراقصين السود. كان يرقص ويلقي نظرات سريعة الى حيث تجلس ذات العيون السود التي سحرته بطريقتها في قول كلمة جاي. انسحب جميع الراقصين وفضلوا التحلق حول دائرة الرقص لمشاهدة رقصه البديع. راحوا يصفقون بحسب الايقاع بينما كان يرقص. استند بيده على الارض ومد جذعه. راح يحرك ساقيه في الفضاء. ثم سار على يديه. استلقى على ظهره وهو يرقّص وسطه وبحركة واحد من دون الاستعانة بيديه جلس القرفصاء وراح يمد ساقيه ثم يطويهما بحسب الاغنية وتصفيق الجمهور. لاحظ ان فتاة الجاي ذات العيون السود تصفق له مع رفيقاتها. كانت معجبة برقصه سعيدة بما كان يقوم به. استطاع اخيراً ان يلفت انتباهها. تركها وأصبح يأتي بحركات أصعب بحسب الايقاع ليجعلها تعجب به أكثر. قام بحركة مايكل جاكسون في السير الى الخلف. حصل على صيحات إعجاب أكثر حرارة. قام ببعض الحركات البهلوانية الصعبة ثم تحول الى رقص الروبوت ولكن يبدو ان مهندس الصوت اراد ان يتحداه فوضع اغنية بلوز. لم يخف ولم يهتم لشيء ما دامت الفتاة تتابع رقصه باهتمام، حتى انها وقفت لترى جيداً. اشار لها بيده بينما كان يقوم بحركات تلائم ايقاع البلوز. أشارت له بيدها وهي تهديه ابتسامة. راح يتلوى برقص تعبيري جعل الناس يتوقفون عن التصفيق ويتابعونه باعجاب منقطع النظير. انتهت الاغنية فتوقفت الموسيقى. استراحة. سمع اصوات الاستهجان تتردد. صفقوا له. صفقت له ايضاً تلك الفتاة التي تضحك بطريقة فتّاكة. انحنى للجمهور انحنى لها ثم سار مبتعداً من دائرة الرقص فلاحظ انه متعرق فقرر ان يذهب الى دورة المياه ليغسل عرقه عن وجهه ورقبته قبل ان يعود ليجلس الى طاولته، فقد تدعوه الفتاة لينضم اليهن. يجب ان يكون بكامل لياقته. في دورة المياه راح يؤلف الجمل المناسبة التي سيقولها لها. سيدعوها للرقص وان اعتذرت بسبب خجلها او جهلها للرقص فإنه سيريها مواهبه الاخرى. اما اذا وجدها قد تعلقت به فإنه سيدعوها للالتقاء في الغد. لكنه عندما عاد تجمد قرب الباب، فقد كانت طاولتهن فارغة. كن قد غادرن اثناء غيابه في دورة المياه. لعن حظه التعس. دعاه البعض ليرقص من جديد الا انه كان قد فقد الحماسة فاستدار وخرج. * كاتب سوري.