طلبت مؤسسات مالية دولية من المغرب وتونس خفض قيمة عملتيهما بنسبة ترواح بين خمسة وثمانية في المئة لتعويض الخسائر التي راكمها اليورو على العملات المغاربية في العامين الماضيين ولجذب الاستثمارات وانعاش قطاع السياحة الذي يعتبر من دعامات اقتصادي البلدين. قالت مصادر اقتصادية مطلعة ان مؤسسات مالية دولية طلبت من المغرب وتونس خفض قيمة عملتيهما الدرهم والدينار تماشياً مع الخفض الذي طبقته مصر على الجنيه الاسبوع الماضي، نظراً لتشابه اقتصادات الدول الثلاث الموقعة على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والمنطقة التجارية العربية الحرة. وأضافت المصادر ان نسبة الخفض المقترحة على العملات المغربية والتونسية تراوح بين خمسة وثمانية في المئة وصولاً الى خفض اجمالي لا يقل عن 10 في المئة لتعويض الخسائر التي راكمها اليورو على العملات المغاربية في العامين الماضيين على رغم خفض السلطات المالية في المغرب الدرهم في الربيع الماضي بنسبة خمسة في المئة. وحسب المصادر فإن المؤسسة الاميركية "سالمون سميث" انجزت دراسة عن اقتصادي البلدين اظهرت خلالها منافع خفض العملة على عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين وتنافسية الصادرات النسيجية والزراعية داخل أسواق الاتحاد الأوروبي الذي يمثل 64 في المئة من تجارة تلك الدولتين المغاربيتين. ونصحت المؤسسة الأميركية باعتماد خفض جديد على العملتين المغربية والتونسية استجابة لمطالب المستثمرين الأجانب في شمال افريقيا وسعياً لتقليص العجز الكبير المسجل في الميزان التجاري للبلدين والذي يزيد على خمسة بلايين دولار. وقالت الدراسة ان خفض الدرهم سيساعد المغرب على جلب مزيد من الاستثمارات وينعش قطاع السياحة الذي بات يشكل قاطرة الاقتصاد المحلي في حين ان تونس قد تستفيد من خفض الدينار في اتجاه جعله قابلاً للتحويل كلياً في السنوات الثلاث المقبلة. وكان البلدان طبقاً تحويلاً جزئياً للعملة في عام 1993 تنفيذاً للبند الثامن من ميثاق صندوق النقد الدولي. وينتظر ان تتخذ سلطات البلدين قرار التخفيض قبل الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن نهاية الشهرالمقبل. وكان البنك الدولي في مقدم الداعين الى تعديل سلة صرف العملات المغاربية تماشياً مع الخفض الذي طال العملة الأوروبية الموحدة. ونصحت الدراسة بأن تتم عملية خفض العملة خلال الشهور الستة المقبلة. واعتبرت ان خفض الدرهم بنسبة خمسة في المئة اضافية سيفيد الاقتصاد المغربي الذي عانى في الأعوام الثلاثة الماضية من مخلفات الجفاف وانكماش الاستثمار المحلي وارتفاع معدلات بطالة الشباب. وكان المغرب خفض الدرهم في نيسان ابريل الماضي نزولاً عند رغبة المصدرين وخصوصاً قطاع الملابس الجاهزة والنسيج. وحسب وزارة المال ساعد الخفض على زيادة تحويلات المهاجرين وعائدات السياحة المقدر لها نحو 4.5 بليون دولار السنة الجارية. وفي المقابل زادت اعباء الدين الخارجي المغربي بنسبة 500 مليون دولار وهو المبلغ الأقصى الذي كان يتوقع الاقتصاد المحلي جنيه من خفض العملة إزاء اليورو والدولار. وأدى خفض الدرهم كذلك الى ارتفاع محسوس في معدل التضخم الذي زاد الى ثلاثة في المئة بعدما كان أقل من اثنين في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي. وتعتقد الدراسة ان استقرار اسعار الطاقة وتراجع الطلب على واردات القمح، كما كان الشأن في العام الماضي، سيزيد من منافع خفض الدرهم. كما سيتيح توافر احتياط نقدي مقداره 7.5 بليون دولار تنفيذ خفض جديد للعملة. لكن المعارضين للاقتراح يعتقدون أن خفض العملة يزيد في كلفة المعيشة ويؤثر سلباً في القدرة الشرائية للفئات الضعيفة الدخل، كما حدث في مطلع التسعينات عندما خفض المغرب عملته بنسبة 11 في المئة نزولاً عند ضغوط البنك الدولي وأدى ذلك الى ظهور احتجاجات وأعمال شغب في عدد من المدن المغربية.