تبدو توقعات النمو الاقتصادي لسنة 2001 في المغرب اكثر تفاؤلاً عما كانت عليه الحال العامين الماضيين حين شهدت تراجعاً في الاداء نتيجة سنوات الجفاف وارتفاع اسعار الطاقة الدولية وتدني سعر صرف اليورو الاوروبي التي كلفت الاقتصاد المغربي العام الماضي خسائر اجمالية بلغت نحو ثلاثة بلايين دولار. وقال وزير المال والاقتصاد فتح الله ولعلو في لقاء صحافي "ان النمو المرتقب السنة الجارية سيكون في حدود 8.1 في المئة على ان يبلغ اجمالي الناتج المحلي نحو 40 بليون دولار ويزيد الطلب الداخلي للاستهلاك على 9 في المئة ارتفاعاً من 4,3 في المئة عام 2000 الذي شهد نمواً بنحو 0,7 في المئة". وتوقع الوزير ان يرتفع معدل الادخار الوطني الى 22,3 في المئة والتضخم 2,5 في المئة على ان تزيد استثمارات المؤسسات العامة والقطاع الخاص بنحو 10 في المئة ويستقر عجز الموازنة في حدود 3 في المئة، ويتراجع عجز ميزان المدفوعات الى اقل من 1,5 في المئة من اجمالي الناتج. ويراهن المغرب في تحقيق هذه الاهداف على ثلاثة معطيات اساسية: 1 - عودة النشاط الى القطاع الزراعي بعد الامطار الكثيفة التي شهدتها مناطق البلاد وساهمت في امتلاء مخزون السدود وعودة الانتعاش الى اقتصاد الارياف المغربية التي كانت تضررت في السابق من الجفاف. ويتوقع المغرب زيادة الانتاج الزراعي بنسبة 43 في المئة من القيمة المضافة اي انتاج نحو 65 مليون قنطار من الحبوب الرئيسية ما سيوفر معه كلفة استيراد كميات اضافية من القمح الذي كان كلف المغرب العام الماضي نصف بليون دولار. وتحتل الزراعة نحو 17 في المئة من الناتج القومي. 2 - توقع استمرار استقرار اسعار النفط الدولية على اساس سعر البرميل في حدود 25 دولاراً ما سيساعد في خفض كلفة الانتاج في الشركات المغربية ويزيد من تنافسية الصادرات المغربية الى الاتحاد الاوروبي، وكانت فاتورة الطاقة بلغت العام الماضي نحو بليوني دولار زادها ارتفاع سعر صرف الدولار ضغطاً على احتياط المغرب من العملات. 3 - توقع استمرار تحسن اليورو في مقابل الدولار بعد ظهور مؤشرات على زيادة الطلب في اسواق الاتحاد الاوروبي وتراجع وتيرة اداء الاقتصاد الاميركي. ويرتبط الدرهم المحلي بسلة عملات على رأسها اليورو وكلما تراجع سعره تضررت الصادرات المغربية كما حدث العام الماضي في صناعة الملابس الجاهزة التي خسرت 400 مليون دولار بسبب معادلة اليورو مع الدولار. واذا سارت الامور كما هو مخطط لها سيستعيد الاقتصاد المغربي وتيرته تدريجاً بفعل الدينامية التي تشهدها قطاعات اخرى مثل الصناعة التحويلية وتكنولوجية الاتصال والطاقة والمعادن والبناء والاشغال العامة، كما تتواصل سرعة نمو القطاع السياحي الذي بات اول مصدر للعملة الصعبة ويتوقع ان ينال اكبر نسبة من حجم الاستثمارات المبرمجة في العقد الجاري لاستقطاب عشرة ملايين سائح. وتبدو وضعية الحسابات الماكرو اقتصادية مشجعة في المغرب على رغم تذبذب معدلات النمو في الاعوام الماضية، ولن تحتاج الرباط الى قروض خارجية السنة الجارية وهي تراهن على برامج التخصيص الاتصالات وحركة السياحة وتحويلات المهاجرين في امتصاص عجز الميزان التجاري اربعة بلايين دولار العام الماضي ويتوقع وزير المال فتح الله ولعلو ان يزيد احتياط المصرف المركزي الى 7,7 بليون دولار مقابل 5,3 بليون دولار في نهاية العام الماضي. وساعد بيع 35 في المئة من رأس مال "اتصالات المغرب" المملوكة للدولة في تحصيل 2,3 بليون دولار دفعتها مجموعة "فيفاندي" الفرنسية مقابل مقعدها في مجلس ادارة الشركة. وعبرت مصادر مغربية عن اسفها كون الظرفية الدولية في مجال الاتصالات وانخفاض اسهم شركات الاتصال لم تساعد في تحقيق ايرادات اكبر كانت الرباط تحددها بثلاثة بلايين دولار. ونتيجة ذلك لن يتجه المغرب سنة 2001 الى الاقتراض من السوق الدولية وسيكتفي بتدفقات الاستثمارات الخارجية لتمويل استثمارات اجمالية حددها بنحو 6,7 بليون دولار نصفها عبر استثمار اجنبي مباشر. ولم يقترض المغرب من البنك الدولي العام الماضي سوى 10 ملايين دولار ما اعتبر اصغر مبلغ منذ قرابة عشرين عاماً. واشار وزير المال الى ان سنة 2001 ستشهد تفعيل عدد من القوانين التي صادق عليها البرلمان مثل قانون العمل وقانون المنافسة والملكية الفكرية والصناعية وتبسيط الاجراءات ومواصلة اصلاح النظام المصرفي وتقليص الرسوم على الورادات، ومراجعة بعض الانظمة الجبائية على الشركات خصوصاً السياحية منها او التي تحقق جزءاً من حجم النشاط بالعملات الصعبة. الخلل الاجتماعي لكن المغرب يحتاج مع ذلك الى وتيرة نمو متواصلة على مدى سنوات عدة تحددها المؤسسات المالية الدولية في سبعة في المئة على عقد من الزمن لتمكين التغلب على الصعوبات الاجتماعية التي خلفها برنامج التقويم الهيكلي مع البنك الدولي وسنوات الجفاف وعدم الاهتمام بسكان الارياف في ظل الحكومات المتعاقبة. ويواجه المغرب اكبر نسبة بطالة بلغت 24 في المئة في اوساط الشباب والخريجين كما تراجع الدخل الفردي لسكان الارياف بفعل سنوات الجفاف وتدنى استهلاك الاسر ذات الدخل المحدود نتيجة برامج تحريرالاسعار لم يرافقها نمو في الاجور. ويصنف اكثر من خمسة ملايين شخص في المغرب في خانة الفقراء.