صدر في القاهرة كتاب "مساجد المغرب والاندلس في عصر الموحدين" من تأليف محمد الكحلاوي استاذ العمارة والآثار الاسلامية في كلية الآثار في جامعة القاهرة. تعود اهمية هذا الكتاب الى أنه الاول من نوعه باللغة العربية الذي يتناول عمارة الموحدين الدينية، فقد شهد الفن المعماري الديني عناية كبيرة في هذا العصر، وبقي عدد من المساجد الاثرية التي شيدها الموحدون، ومنها مسجد تازي ومسجد تينملل ومسجد الكتبية في مراكش ومساجد القصبة الوادية وقصبة اشبيلية والسقاية والقصبة في تونس ومسجد حسان. واللافت في هذه الدراسة توصل المؤلف الى ان المسجد الموحدي هو الوحيد الباقي في اشبيلية تحول بعد سقوط اشبيلية الى كنيسة صغيرة ثم أقام الاسبان على مساحة ظلة القبلة كنيسة اشبيلية العظمى، التي استمر العمل فيها نحو قرن ونصف القرن ما جعلها من أكبر كاتدرائيات العالم المسيحي ضخامة وروعة في أعمال الزخرفة. كذلك شيّد الإسبان قبراً للرحالة كريستوف كولمبس تحت القبة العظمى التي كانت قديماً أمام محراب المسجد، ولهذا السبب، كما يرى المؤلف، اختفت معظم معالم المسجد الموحدي باستثناء جزء بسيط من الصحن الكبير الذي ما زال يشغل موقعه القديم، ويعرف اليوم بفناء البرتقال. كذلك ما زالت بعض عقود البوائك الواقعة في الضلعين الشمالي والغربي قائمة إلى اليوم، وما زال الباب الرئيس الواقع على شمال الصحن يحتفظ بكثير من تكويناته وزخارفه وكتاباته الاسلامية. وتنقسم طرز المساجد الموحدية في رأي المؤلف الى طرازين، وتمتاز مساجد الطراز الاول بالتقليل الى حد كبير من الاسراف في الزخرفة وقصرها على اضيق الحدود من المسجد، فلم تكن تخرج عن المحراب وواجهته. واهم مميزات الطراز الثاني، تعدد الصحون، فبعد أن كانت ظلات القبلة تلتف حول الصحن الاوسط، اصبح عدد صحون المسجد خمسة كما في مسجد القصبة او ثلاثة كما في مسجد حسان، مع ضخامة برج الصومعة وظهورها في تصميم معماري وزخرفي فريد.