تفاعلت قضية توقيف الزميل في "الحياة" حبيب يونس ليل السبت بأيدي رجال المخابرات للتحقيق معه في اقوال نسبت الى الصحافي انطوان باسيل، عما تردد في شأن اتصالات يجريها الأخير مع المستشار الإعلامي لأوري لوبراني، اوديد زاراي. وفيما جاء توقيف الزميل يونس في وقت يشهد لبنان استنكارا واسعاً للتوقيفات التي تستهدف اصواتاً معارضة وباسلوب يتنافى والقوانين والتقاليد الديموقراطية. وتحرك نقيب المحررين ملحم كرم مستنكراً ما حصل، كذلك النائب بطرس حرب الذي قبل وكالته عن الزميل يونس وسط قلق من زملائه في "الحياة" وعائلته على وضعه. بيروت - "الحياة" - أُخذ حبيب يونس من منزله في منطقة مستيتا - قضاء جبيل في الثامنة والربع من مساء السبت في 18 آب اغسطس بأيدي رجال المخابرات الذين قالوا لزوجته ميراي انهم سيطرحون عليه اسئلة ويعود، وبالتالي لا ضرورة لأن يبدل ثيابه. وكانت طفلته لين الى جانبه حين أخذ من المنزل وسألت رجال الأمن: هل ستضربون أبي؟ ولم تبلغ بالاعتقال مسبقاً لا نقابة المحررين ولا إدارة الجريدة، ومن دون اي مذكرة جلب. ولم يتضح الهدف من توقيفه إلا بعد ان اتصلت إدارة الجريدة، اثر اتصال زوجته لإنبائها بأنه تم توقيفه، مع كل من نقيب المحررين ملحم كرم، النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم، وزير الإعلام غازي العريضي، ومدير المخابرات العميد ريمون عازار. وبنتيجة الاتصال أبلغ العميد عازار الى كل من كرم والعريضي ان الصحافي انطوان باسيل، الموقوف بقضية تأمين صلات بين توفيق الهندي المستشار السياسي في القوات اللبنانية وبين الإسرائيليين، اتفق مع الزميل يونس على السفر الى قبرص امس الأحد، كما جاء في بيان أصدره كرم ليلاً، وفي اتصال جرى بين "الحياة" ووزير الإعلام، إلا ان "الحياة" ابلغت الى كل من العريضي وكرم ان دوام العمل ليوم الأحد يقضي بأن يكون الزميل حبيب يونس مناوباً، وعليه مسؤولية كسكرتير تحرير مراجعة الكثير من المواد الصحافية التي على مكتبه وأنه متفق مع إدارة الجريدة على أن يعمل امس، لذا فإن غيابه كان مستحيلاً. وشملت اتصالات "الحياة" أيضاً النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم ومديرية التوجيه في الجيش. وبعد تأكيد "الحياة" انه لم يأخذ إجازة أو يخطط للتغيب عن الجريدة يوم الأحد، لأنه لا إمكان لغيابه من دون اجازة او اتفاق مع اي من الزملاء المناوبين، على الأمر، جرى نفي انه كان ينوي السفر الأحد. وفي اليوم التالي امس، نشرت صحف بيروتية تسريبات اخرى عن اعترافات للصحافي باسيل تتناول الزميل يونس. ثم تدرج التسريب في اتجاه جديد مثل القول ان باسيل عدل عن الذهاب مع يونس الى قبرص بناء لاتصال اجراه مع الأول أوديد زاراي المستشار الإعلامي لأوري لوبراني، إثر توقيف الهندي، طالباً تأجيل السفر الى قبرص. في هذا الوقت، كان رجال المخابرات دخلوا منزل الزميل يونس، في الثانية عشرة والنصف ظهر امس، للبحث في أوراقه الخاصة والأرشيف الذي يحتفظ به في مكتبته، وأمضوا ثلاث ساعات أخذوا خلالها مجموعة من الأوراق، ودفاتر ارقام الهواتف بينها، تعود الى الأيام التي عمل فيها في جريدة "العمل" التي كانت تصدر باسم حزب الكتائب في اوائل الثمانينات. وازدادت التسريبات المتناقضة طوال بعد الظهر حول ما نسبه انطوان باسيل الى الزميل يونس، حول اتهامات موجهة الى الزميل في "الحياة"، منها انه سافر الى قبرصمرات عدة والتقى زاراي، فيما أشار جواز سفره الى أن المرة الوحيدة التي سافر فيها الى قبرص كانت في 17 نيسان ابريل وعاد في اليوم التالي. وكان الزميل يونس ابلغ اصدقاء له ان الغرض من السفر هو المشاركة في عمل اعلامي متلفز. وحاولت "الحياة" امس عبر اتصالاتها بالمراجع الأمنية، الحصول على موافقة لتأمين لقاء احد المحامين وزوجة الزميل يونس معه، فقيل ان الأمر متعذر اليوم في انتظار إحالته غداً اليوم على القضاء. وصرح نقيب المحررين ملحم كرم بالآتي: "لا أخاف على الحرية ابداً، الحرية يدافع عنها كل اللبنانيين بلا استثناء. إذا خيّرتهم بين حرية التعبير وأي شيء آخر، اختاروا حرية التعبير. وإذا حللت دماءهم فيها 99 في المئة حرية. لا أعتقد ان أحداً تسول له نفسه ان يفكر في النيل من الحرية في لبنان. استشعر بخوف من اعتقال حبيب يونس وأجري اتصالات واجتماعات. هناك مسلك قانوني ومسلك مهني يجب ان يتبع في ملاحقات كهذه. ان يقال عن انسان انه كتب مقالاً عارض فيه، فهذا ليس اتهاماً. ولكن ان يقال انه يتعامل مع إسرائيل فهذا اقصى الاتهام، وهو يتناول كرامة الإنسان. إخواني الصحافيين ليسوا من هذا الفريق من الناس، ولا يمكن ان يتعاملوا مع إسرائيل. يقيني ان هناك خطأ في السلوك يجب تصحيحه. اما الزميلان حبيب يونس وانطوان باسيل فيقيني ان القضاء الذي نؤمن به سيبرئهما، لأن الاتهام لا يكفي للوصول الى إدانة. فهناك حكم قضائي. عند ذلك يلفظ الحكم. لا نأتي ونقول ان فلاناً يتعامل مع إسرائيل، لأن الشبهة والظن أوهمانا بذلك". وأكد كرم "يقيني ان زميليَّ، ويقال ان هناك زميلاً ثالثاً كما قرأت في الصحف اليوم، كأن التوجيه وكأن الغاية كلها ان ينالوا من حملة الأقلام. هذا مسلك لن نسمح بقيامه ولن نسمح بتعاظمه ولن نسمح باستمراره وكلنا جاهزون للرد عليه سواء في نقابة المحررين او في نقابة الصحافة أو في اتحاد الصحافيين العرب أو في الاتحادات الدولية والهيئات التي تتعاطى مع الحريات ومع المبادرات الإنسانية". وأضاف: "ما حصل كان خطأ كبيراً ويجب الرجوع عنه. يجب ألاّ تكون هذه سابقة لأننا إذا تساهلنا مع ما حصل، كنا من المسهلين لقيام ما هو ادهى وما هو أعظم. الرد سيكون سريعاً. غداً نحن في القضاء مع الزملاء الموقوفين الذين احيلوا على قصر العدل. غداً سنكون في قصر العدل وسنكون في المحكمة العسكرية وسنكون في الأروقة مع المحققين. وإذا ثبت ان احداً من اخواننا مرتكب، فنحن اول من يدينه ويشطبه من الجدول النقابي. أما إذا كان من اتهم بريئاً فسيكون لنا موقف به نحاول ألا تتكرر هذه المحاولة". وختم بالقول: "سيكون الرد عنيفاً وسيكون في اقصى التصعيد حيث لا يتجرأ احد على ان يتصدى للصحافي ما لم تكن في يديه كل الشواهد التي تدين". واستنكر "نادي الصحافة" الذي يشغل الزميل يونس منصب امين سره، "الأسلوب الذي اتبع في التوقيف، معتبراً انه يتنافى والأصول القانونية المرعية الإجراء". كما اعتبره "جزءاً لا يتجزأ من مسلسل الممارسات الذي يستهدف الحريات العامة في لبنان لا سيما الإعلامية منها". وأجرى نادي الصحافة اتصالات مكثفة بوزير الإعلام ونقيب المحررين وعدد من النواب والفاعليات، وقرر ابقاء اجتماعات هيئته الإدارية مفتوحة. وأعلن النائب المحامي بطرس حرب قبول وكالته عن الزميل يونس واعتبر في تصريح له "ان الطريقة التي تم فيها توقيف يونس تتعارض مع احكام القانون اللبناني، باعتبار انها جرت خارج أوقات الدوام وليلاً، ولم يحترم في اثنائها اي من الأصول المنصوص عنها، إن لناحية احترام حرمة المنزل لمخالفة اصول الدخول الى المنازل ومداهمتها ام لناحية عدم وجود مذكرة قضائية تجيز في ضوء تحقيقات قضائية إلقاء القبض عليه، لا سيما ان ما أطلق عليه عبارة تحقيقات مع الدكتور توفيق الهندي هو موضوع طعن ومطالبة بإعلان بطلانه اصلاً لمخالفته كل الأصول القانونية والجزائية. هذا من ناحية الشكل، اما في ما يتعلق بأساس التحقيق فكل المعلومات المتوافرة لدينا، اكان في ما يتعلق بأسباب التوقيفات الأولى، أم بأسباب توقيف الأستاذ يونس فهي بالإضافة الى تناقضها مع بعضها بعضاً، تتعارض مع المعطيات العملية الحقيقية لوقائع التهم ولظروف المتهمين، إذ من غير المعقول ان تكون التهم المنسوبة إليه صحيحة. فمن غير الصحيح ان يكون يونس ذاهباً الى قبرص اليوم امس، او ما بلغنا بالتواتر من ان التهمة الجديدة هي انه اجتمع بمسؤول إسرائيلي منذ اسبوعين في قبرص في الوقت الذي لم يغادر الأستاذ حبيب يونس طوال الثلاثة اشهر الأخيرة. وفي كل الأحوال نخشى ان يكون تحريك هذه الملفات قضائياً مؤامرة على حقوق اللبنانيين السياسية وحرياتهم".