بعدما ذرفت اسرائيل دموع التماسيح على استشهاد طفلين فلسطينيين في المجزرة التي ارتكبها جيشها في نابلس أول من أمس، مع الاشارة الى انها تشكك في الرواية الفلسطينية عن ظروف قتلهما، أكد المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في ختام اجتماع دام ست ساعات مواصلة سياسة الاغتيالات و"تصعيدها كلما اقتضت الضرورة ذلك". وبعدما استمع المجلس الى التقارير الأمنية والانعكاسات المتوقعة من العملية العسكرية تباهى رئيس الحكومة ارييل شارون حين اعتبرها "واحدة من أنجح وأهم العمليات في تاريخ اسرائيل" فيما انشغل سائر الوزراء في البلاغة اللفظية رافضين اعتبار العدوان عملية تصفية انما "عملية وقائية لمنع قتل يهود". وانفلت غالبية الوزراء وأركان المؤسسة العسكرية في التهديد والوعيد ودعا وزير الأمن الداخلي عوزي لنداو الى القيام بمزيد من العمليات "لأنها توفر الرد الوافي للتهديدات الفلسطينية المستمرة ضد أهداف اسرائيلية". ولفتت مقدمة احدى البرامج في الاذاعة العبرية الى ان الأجواء السائدة حالياً في الشارع الاسرائيلي تذكر بتلك التي سبقت الاجتياح الاسرائيلي للبنان في حزيران يونيو 1982 وسط "إجماع وطني" على ضرورة الرد على "الارهاب الفلسطيني" بزعم ان "لا مفر" أمام اسرائيل سوى اجتياح الأراضي الفلسطينية وهو "الاجماع" ذاته الذي مهد للعدوان على لبنان. الى ذلك، يسود الاعتقاد لدى الجهات الأمنية بأن الفلسطينيين سيردون بقوة وعنف على مجزرة نابلس، وخصوصاً في الأيام القليلة المقبلة. ونقل عن مصادر سياسية رفيعة قريبة من شارون رفضها التنديد الأميركي بالعملية وقالت انه "لا يعقل ان تقف اسرائيل مكتوفة الأيدي إزاء موجة الارهاب المتعاظمة ضد مواطنيها"، وذكرت الولاياتالمتحدة بعدم ترددها في قصف ليبيا وقتل ابنة الزعيم الليبي معمر القذافي وقصف العراق والنشاط المتواصل ضد ايران "دفاعاً عن مصالحها". وتباهت المصادر بما اسمته نجاعة سياسة الاغتيالات واشارت الى أن مجزرة أول من أمس زرعت الارتباك في نفوس الفلسطينيين ورممت قوة الردع الاسرائيلي. واطلقت وزارة الخارجية حملة اعلامية خارج اسرائيل ترتكز أساساً على تحميل السلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات مسؤولية استمرار أعمال العنف "وسعي عرفات الى تحويل نزاع سياسي الى حرب دينية وقراره تصعيد العنف في القدس بشكل خاص". وبدون حياء اعلنت الوزارة ان اسرائيل اضطرت الى القيام بعملية نابلس لاحباط عمليات عسكرية انتحارية داخل المدن الاسرائيلية "لو وقعت لكان الرد الاسرائيلي اعنف وأوقع اصابات أكبر في صفوف الفلسطينيين". الى ذلك، وضعت قوات الأمن الاسرائيلية في أقصى درجات التأهب في جميع المدن تحسباً لعمليات فلسطينية "إزاء انذارات ساخنة غير مسبوقة حول نية عناصر تخريبية تنفيذ عملية عسكرية انتحارية استعراضية". وضاعفت الشرطة عدد الحواجز المنصوبة وتفتيش السيارات وأعلن قائدها العام شلوموا هرونيشكي انه لا يمكن الاستخفاف بالتهديدات الفلسطينية بالانتقام كما أعلن تشديد الحراسة على الشخصيات الاسرائيلية التي اعلنت حركة "حماس" نيتها ملاحقتها.