عكست الجلسة الثانية لقضية "قوم لوط الجدد" التي عقدتها محكمة امن الدولة العليا في مصر امس حجم الهوة بين ما يأمله العرب والمسلمون من الإعلام والرأي العام الغربي وبين توجهاته واهتماماته. وحين كان وزراء الاعلام العرب يبحثون في اساليب للتعاطي مع الطريقة التي يتعامل بها الاعلام الغربي مع القضايا العربية وعلى رأسها الاوضاع في الاراضي المحتلة والانتفاضة الفلسطينية، كانت قاعة محكمة جنوبالقاهرة تكتظ بعشرات من مراسلي الصحف ووسائل الاعلام الغربية، بعضهم اتى خصيصاً من الخارج لتغطية وقائع الجلسة. وربما فوجئت الاوساط المصرية بأن القضية تحظى بهذا القدر من الاهتمام لدى المجتمعات الغربية التي لا ترى في المنسوب الى المتهمين ما يدعو الى تحقيقات او محاكمات، لكن اللافت ان ردود الفعل الغربية الغاضبة من المقاربة المصرية الرسمية للقضية لم يغير من اسلوب الاجهزة المصرية في التعاطي معها. راجع ص 5 وكما جرت العادة منذ أن القت السلطات القبض عليهم، دخل المتهمون قاعة المحكمة امس وهم يخفون وجوههم عن عدسات المصورين وأعين الحاضرين، وشن الدفاع عن المتهمين هجوماً واسعاً على وسائل الاعلام التي اعتبر انها "اضرّت بسمعة ابرياء قبل الحكم عليهم". وردّ رئيس النيابة السيد اشرف هلال على طلب الدفاع اطلاق المتهمين محذراً من ان اطلاقهم "يمكن ان يؤثر في مجرى القضية". فاستجابت المحكمة وقررت استمرار حبس المتهمين الى حين الفصل في القضية. وكشفت المضبوطات التي عرضتها المحكمة على المحامين اثناء الجلسة عن وجود كتب صودرت من منازل المتهمين تتحدث عن إسرائيل والصهيونية، اضافة الى الكتاب الذي ألفه المتهم الاول المهندس شريف فرحات بعنوان "وكالة الله رب الجنود" الذي اعتبرت النيابة انه حوى افكار "التنظيم" ومبادئه "المخالفة للشرائع السماوية". وإذ رفض الدفاع محاكمة المتهمين أمام محكمة مشكلة حسب قانون الطوارئ المعمول به في البلاد منذ العام 1981 لفت المحامون الى ان اقصى عقوبة يمكن ان تصدر في حق المتهمين لن تزيد عن الحبس لمدة ثلاث سنوات ما يعني ان التهم الموجهة اليهم "لا تمثل خطورة على امن البلاد بفرض صحتها"، كما ان الدفاع رصد ما اعتبره "تناقضات في تقارير الطب الشرعي التي تضمنت ان بعض المتهمين مورس فيهم الفجور"، وتساءل المحامون عن "اسباب القبض على من مورس فيهم وعدم توقيف من مارسوا؟". واعتبر المحامي فريد الديب ان القضية "وليدة حملة ضارية شنتها وسائل الاعلام"، لافتاً الى ان تهمة ازدراء الاديان "لم توجه إلا إلى المتهمين الاول والثاني"، ما يعني ان القضية "لا تمثل اي خطورة على امن البلاد وسلامتها". وتترقب الاوساط المصرية الجلسة المقبلة يوم 29 آب اغسطس الجاري التي ستخصص لسماع مرافعة النيابة التي يتوقع أن تتضمن ردوداً على الحملة الغربية التي تفجرت ضد مصر ولصالح المتهمين وكذلك معلومات تمثل أدلة إدانة وردود على ما جاء في أحاديث المحامين.