سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجنود الإسرائيليون لم يجرؤوا على الخروج من دباباتهم تحت وابل الرصاص . أهالي جنين حولوا عملية اقتحام قوات الاحتلال مدينتهم احتفالاً بالتحام بنادق المقاومين ونجاحهم في التصدي للعدوان
كان للفلسطينيين في مدينة جنين ما يحتفلون فيه في ساعات الفجر الاولى امس في انقلاب للصورة التي جهدت الدبابات والمروحيات والطائرات المقاتلة الاسرائيلية رسمها على مدى ثلاث ساعات ل"مدينة القسام" في القاموس الفلسطيني ول"دفيئة المنتحرين وعش الدبابير الذي ينطلق منه المخربون" وفقا للوصف الاسرائيلي للمدينة التي استشهد فيها المناضل التاريخي عز الدين القسام. لم يلتفت الفلسطينيون الذين خرجوا الى الشوارع قبل بزوغ الشمس في جنين ومخيمها الى تصريحات المسؤوليين الاسرائيليين الذين تحدثوا عن "ارسال اشارة" الى السلطة الفلسطينية لامتناعها عن وقف الهجمات الفلسطينية و"الارهاب" وانشغلوا بالاحتفال بتصديهم للدبابات الاسرائيلية التي اجتاحت جنين من جميع الجهات، فيما كانت 60 قنبلة ضوء تنير لها الطريق لاقتحام المدينة، تغطيها من الجو ست مروحيات حربية من نوعي "اباتشي" و"كوبرا" واربع طائرات مقاتلة من نوع "اف 16". واراد الفلسطينيون ايضا الاحتفال بالوحدة الوطنية التي جسدها التحام نيران البنادق الخفيفة بايدي مقاتلي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" و"فتح" وباقي الفصائل والتنظيمات الفلسطينية جنبا الى جنب مع القوات الفلسطينية تساندهم هتافات المواطنين الذين خرجوا بدورهم للدفاع عن مدينتهم وتنادوا لصد الاجتياح الاسرائيلي. وقف صبي امس على انقاض مقر قوات الشرطة الخاصة الفلسطينية التي دمرتها الجرافات الاسرائيلية تدميرا كاملا في مشهد بات يتكرر بصورة شبه يومية في مناطق السلطة الفلسطينية وهو يرتدي قميصاً كتب عليه "سلطة بلا بناية افضل من سلطة بلا شعب". وهذه المرة، يرى الفلسطينيون ان العملية العسكرية الاسرائيلية "لم تنفذ مهماتها" التي كانت وسائل الاعلام الاسرائيلية تروج لها منذ ساعات المساء بينما بث التلفزيون الاسرائيلي صور الدبابات الاسرائيلية وهي تستعد لاقتحام المدينة بعد محاصرتها وفي مقدمها "الوصول الى عشرات المخربين الذين ينفذون العمليات الانتحارية وهؤلاء الذين يعدونهم لها" وذكرت على وجه الخصوص مخيم جنين وتحدثت عن تدمير منازل "هؤلاء المخربين" في قلب جنين. غير ان مجريات العملية لم تأت كما اشتهت الخطة العسكرية الاسرائيلية. فبعد قصف عنيف ومتواصل للدبابات الاسرائيلية استبق عملية الاقتحام انهمك خلاله المقاتلون الفلسطينيون بالاستعداد لمواجهة القوات الاسرائيلية، دخل اكثر من عشر دبابات عسكرية اسرائيلية من طريق ترابي شرق المدينة بالتزامن مع اقتحام عدد اخر من الدبابات على طريق حيفا - جنين . وانتظر المقاتلون الى ان وصلت الدبابات الى المنطقة المكتظة بالمباني السكنية حيث يسهل عليهم مهاجمة الدبابات التي حوصر عدد منها في محيط مقر قيادة الشرطة الخاصة الذي دمر بالكامل وهو عبارة عن مبنى ضخم مكون من طابقين بمساحة 1000 متر مربع. وهناك، كما في مناطق أخرى، لم يتمكن الجنود الاسرائيليون من الترجل من دباباتهم المصفحة "لتنفيذ المهمة" بسبب نيران الرشاشات الخفيفة التي انهالت عليهم من كل حدب وصوب ولم تتمكن من التوغل الى داخل الاحياء السكنية. وفي مرحلة ما استعانت الدبابات بقصف من الرشاشات الثقيلة المنصوبة داخل المروحيات العسكرية فوق رؤوس المقاتلين لتخفيف الضغط عليها ما ادى الى جرح ثلاثة منهم بشظايا الرصاص. وفي مخيم جنين الملاصق، لم تتمكن القوات الاسرائيلية من الدخول متراً واحداً أمام التصدي الفلسطيني الذي قال المواطنون انه "كان بطولياً". وأعلن الفلسطينيون من مكبرات الصوت باللغة العبرية ان 12 فلسطينياً تحزموا بالمتفجرات وجهزوا انفسهم للتفجير في اي مكان يتجرأ جنود الاحتلال فيه على الترجل على الطرق أو لدخول المساكن. وتكرر المشهد في محيط مقر المحافظة ومقر المقاطعة الذي يحوي مكاتب الاجهزة الأمنية الفلسطينية المختلفة. وفي الموقع الاول تمكنت الجرافة الاسرائيلية من تدمير جزء من المبنى غير ان الدبابات الاسرائيلية اجبرت على الانسحاب من محيط مقر المقاطعة. وفي مخيم جنين طغى ازيز الرصاص الذي اطلقه المقاتلون احتفاء بانسحاب الدبابات الاسرائيلية تحت النار على هتافات الجماهير التي دعت "يا شارون يا لئيم ان اعرف مخيم جنين". واعترف الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي بتصدي المقاتلين العنيف لعملية اقتحام المدينة. وتحدثت الاذاعة الاسرائيلية في نشرات الاخبار الاولى عن تدخل المروحيات الحربية ولكنها امتنعت عن ذكر ذلك في النشرات اللاحقة غير انها اكدت عدم وقوع جرحى او قتلى في صفوف العسكريين الاسرائيليين واعتبر احد اعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية افرايم سنيه العملية "اشارة للسلطة الفلسطينية التي لا تعمل شيئاً لوقف منفذي الهجمات، والسلطة تدفع ثمن ذلك"، مضيفاً ان ليست لدى الحكومة الاسرائيلية نية في "اعادة احتلال" مناطق السلطة الفلسطينية. وفي الوقت الذي تحدث فيه الاسرائيليون عن "ضرورة ضرب عش الدبابير" في جنين، وقالوا شارون نجح في "استعراض قوته" على الفلسطينيين، رأى الفلسطينيون ان عملية جنين العسكرية الاسرائيلية فشلت في تحقيق اهدافها.