كانت الساعة تقترب من فجر الخميس - الجمعة. عُنصران من الشرطة البريطانية، بلباسهما المدني على ما يبدو، كانا في دورية في منطقة فنسبري بارك، شمال لندن. شاهدا شخصاً يتصرف بشكل مريب في المنطقة، تحديداً قرب المسجد الذي يُشرف عليه "أبو حمزة المصري". ربّما ظنّا ان هذا الشخص، وهو صومالي بحسب ما تبيّن لاحقاً، يقوم بسرقة. حاولا توقيفه. لكنه فرّ وظل يركض حتى دخل بهو المسجد. هنا، ابتسم رجلا الأمن وظنّا ان فريستهما لم يعد قادراً على الهرب، وانهما لا بد خارجان ومعهما المشتبه فيه و"الأغلال في يديه". لكنهما كانا مُخطئين، مُخطئين جداً. فما ان دخلا المسجد حتى وجدا نفسيهما مُحاصرين بعدد من الشبان الذين يعيشون فيه والذين كانوا على أهبة البدء بصلاة الفجر. يا ليته بقي حصاراً، لسان حال الشرطيين يقول. لم يعرف روّاد المسجد، بحسب ما قال ل "الحياة" "المسؤول الشرعي" فيه "أبو حمزة"، ان الرجلين من الأمن البريطاني، خصوصاً انهما كانا بثياب مدنية. فأنهالوا عليهما ضرباً مُبرحاً. أُصيب أحدهما بجروح في عينه، وخرج مدمى. أما الثاني فانتُزعت منه "كلبشاته" وطُرد بدوره خارج المسجد. طلب رجلا الشرطة النجدة من زملائهم. فوصلت سيارات الأمن حاملة عشرات عناصر سكوتلنديارد. طوّق هؤلاء مسجد "أبو حمزة" ثلاث ساعات كاملة، لكنهم لم يستطيعوا دخوله "بعد اعتصام الموجودين فيه". لكن الأرجح انه لم تكن لديهم تعليمات باقتحام المكان لحساسيته الدينية. فكّت الشرطة الحصار بعد اتصالات أُجريت مع "أبو حمزة" الذي لم يكن موجوداً في المسجد ساعة وقوع الحادث. وسُوي الموضوع بعدما "تطوّع" ثلاثة من روّاد المسجد بتسليم أنفسهم الى سكوتلنديارد لتُحقق معهم في ملابسات الإعتداء على رجلي الأمن. نُقل الثلاثة، وهم بريطانيان من أصول إفريقية وعربي، الى مخفر إيزلنغتون، شمال لندن. ولم يُعرف إذا كانت الشرطة تنوي توجيه اتهامات اليهم، أو انها ستستعين بإفاداتهم فقط لمعرفة تفاصيل ما حصل للشرطيين. "أبو حمزة"، الذي قدّم هذه الرواية أمس الى "الحياة"، أشاد بحكمة الشرطة البريطانية في قرارها عدم اقتحام المسجد. لكنه قال ان عليها ان تشرح لعناصرها ان للمساجد حُرمة يجب أخذها في الاعتبار، وان دخولها له أصول ولا يتم عنوة. وتمنّى "لو ان سلطات الأمن العربية اتبعت خُطى سكوتلنديارد وحاولت الحصول على المُشتبه فيهم سلماً بدل هدم المساجد على رؤوس من فيها".