بدأت الاجهزة العسكرية الاسرائيلية في تنفيذ قرار "المطبخ الامني" الاسرائيلي ب"توسيع دائرة" الاغتيالات ضد الفلسطينيين وفقا لتعليمات "إكتشف وصفّ" التي صادق عليها المجلس الوزاري الامني المصغر ظهر امس الاربعاء. وتمثلت بداية التنفيذ بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها الشاب حازم النتشة، بعد ساعة فقط من انفضاض اجتماع المجلس المذكور، على خط التماس الفاصل بين شطري مدينة الخليل. ونقل عن مصادر امنية اعتبارها ان العد التنازلي لتوجيه ضربة قوية تشمل "اربعين هدفا استراتيجيا فلسطينيا" يبدأ اعتبارا من عودة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون من زيارتيه الى فرنسا والمانيا غدا الجمعة. أكدت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان قناصا اسرائيليا تمركز فوق سطح بؤرة "بيت هداسا" الاستيطانية المطلة على ساحة ملعب المحمدية في الجزء المحرر من المدينة اصاب الشاب النتشة بثلاث رصاصات في الظهر اخترقت الصدر ووصفت حالته بأنها "خطيرة جدا". واشارت المصادر ذاتها الى ان النتشة 22 عاماً وهو من كوادر حركة "فتح" معروف بنشاطاته ضد الاحتلال الاسرائيلي وتعرض لمحاولة تصفية مماثلة قبل ثلاثة اسابيع. ويرى الفلسطينيون ان اسرائيل باشرت بتنفيذ "احكام الاعدام" ضدهم بشكل جماعي في دولة حرمت على نفسها اصدار احكام قضائية بالاعدام. وقالت مصادر صحافية اسرائيلية ان القرار الحكومي الاسرائيلي الخاص بالتصفية ونشاطات جيش الاحتلال الاخرى ستركز على اهداف "لا تحظى بتغطية اعلامية واسعة". ووفقاً لما تسرب من اجتماع المجلس الامني المصغر الذي استمر نحو اربع ساعات والذي جاء امتدادا لاجتماع "المطبخ السياسي" اول من امس، فوض الوزراء الاسرائيليون الاعضاء في هذا المجلس الجيش الاسرائيلي وجهاز المخابرات الداخلية "شاباك" بتوسيع عمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين، ما يعني تصفية اكبر عدد من الفلسطينيين "وليس فقط كل من يعتبر قنبلة موقوتة" وفقا للمصادر الاسرائيلية. وأوضحت المصادر ان القرار الوزاري يشمل تصفية الناشطين الفلسطينيين "حتى لو لم تصل نيتهم تنفيذ عمليات الى مرحلة متقدمة من التخطيط". وفي هذا الصدد، اشارت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية الى ان الحديث يدور عن قائمة تضم 26 فلسطينيا حددهم "شاباك" وشعبة الاستخبارات العسكرية وهم نشطاء من "فتح" وحركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن رئيس اركان الجيش الاسرائيلي شاؤول موفاز الذي قطع زيارته للولايات المتحدة للمشاركة في الاجتماعات الامنية قوله ان الرئيس الفلسطيني "ياسر عرفات يخادع ويتحايل علينا يوميا واي دولة عادية لا يمكن ان تتغاضى عن الاوضاع التي نمر فيها". وقال موفاز ان "احدا لا يستطيع ان يقول ان هناك وقفاً لاطلاق نار، ولن يكون هنالك وقف للنار على ارض الواقع". وتشمل القرارات الاسرائيلية التي صادق عليها المجلس الوزاري بالاضافة الى توسيع سياسة الاغتيالات ضد الفلسطينيين: - اطلاق يد الجيش الاسرائيلي كليا للقيام بمزيد من العمليات العسكرية "المبادرة والخاصة" في المناطق المصنفة ب و ج في الاراضي الفلسطينية الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية. - تكثيف النشاطات العسكرية في محاور الطرق في الاراضي الفلسطينية. - الاسراع في تحصين سيارات المستوطنين اليهود وباصاتهم. - تكثيف وجود الجيش والشرطة على طرفي خط التماس. - اقامة جدران واسلاك شائكة في المناطق المأهولة بالسكان الفلسطينيين. - وحفر قنوات وخنادق لاحباط محاولات فلسطينيين لاجتياز الخط الاخضر. وقالت المصادر ذاتها ان المجلس الوزاري المصغر وافق لوزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر على "حركة أكبر في نشر قوات الجيش في المناطق أ وب وتدمير منازل "يشكل وجودها مجازفة امنية". وطالب عدد كبير من الوزراء الاسرائيليين بالكف عن ما اسموه "سياسة ضبط النفس" ضد الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية وب"تغييرات جوهرية في سياسة اسرائيل في المناطق الفلسطينية". وقال احد المشاركين في الاجتماع ان وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز "وقف وحيدا" في معارضته طلب الاجهزة العسكرية المصادقة على "ضرب 40 هدفاً استراتيجياً" داخل مناطق السلطة الفلسطينية. واضاف ان بيريز ايد مواصلة سياسة الاغتيالات "ضد من يعتبرون قنابل موقوته فقط" وليس تصفية مطلوبين من اجل منع عمليات مستقبلية ضد اسرائيل. واشار المحلل السياسي في "يديعون احرونوت" شمعون شيفر الى ان المقربين من بيريز يرفضون توسيع نطاق الاغتيالات "لأن ذلك سيؤدي الى تصعيد يقود بالضرورة الى ولادة مبادرة سياسية ستكون لصالح الفلسطينيين". وفي مقابل ذلك، عبر شارون، حسب قول شيفر، عن قناعته بانه يستطيع مواصلة اللعب بكل الكرات: وصف عرفات بأنه اسامة ابن لادن وفي نفس الوقت اعتباره مسؤولاً وشريكاً في التسوية، وتصفية الفلسطينيين وتكثيف العمليات العسكرية في المناطق الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية الكاملة والتجول في العالم والحديث عن السعي نحو السلام". ونقل مراسل "يديعوت احرنوت" للشؤون العسكرية عن مصادر في الاجهزة الامنية انهم "يشيرون الى موعد عودة شارون من رحلته الدعائية الى اوروبا على اساس انها ساعة الصفر للبدء بالعد التنازلي لتوجيه ضربة عسكرية للسلطة الفلسطينية". وقال اليكس فيشمان انهم في الجيش الاسرائيلي ينتظرون "التوقيت السياسي المناسب" لتنفيذ خطة الهجوم المفصلة والى ان تأتي هذه اللحظة المناسبة سيواصلون الحديث عن "ضبط النفس" و"الدفاع الفعال عن النفس". الى ذلك، قتل مستوطن يهودي امس قرب قرية الشويكة شمال مدينة طولكرم خلال عملية اطلاق نار على سيارته.