آثار، وشواطئ، وشوارع مزدحمة، ومراكز تجارية راقية، وأسواق شعبية، وأزمات مرورية، وشعب دافئ ودود، ومقاهٍ، ورحلات نيلية... مصر بلد لا ينام. قبل أن تحزم حقيبتك استعداداً للسفر اليها، تذكر جملة الفنان فؤاد المهندس المشهورة في مسرحية "السكرتير الفني": "الجو في مصر حار وجاف صيفاً، معتدل وممطر شتاء"، إلا أن ثقب الأوزون أحدث قليلاً من التعديل على تلك المقولة، وأصبح الجو في مصر في فصل الصيف حاراً رطباً، ولذا عليك التسلح بقبعة أو كاسكيت لحمايتك من الشمس، وعدد من التي - شيرت القطنية، والبنطلون أو الشورت، وملابس البحر أو النظارات الشمسية. بعد الوصول الى مطار القاهرة، والانتهاء من اجراءات ختم جواز السفر، وتسلم الحقيبة، يمكنك تبديل مبلغ يوازي 50 دولاراً اميركياً من أحد فروع البنوك الموجودة في المطار الدولار = 386 قرشاً تقريباً. بمجرد الخروج من المطار، ستتلقى عروضاً عدة من سائقي سيارات الاجرة والليموزين، ارفضها جميعاً بكلمة "شكراً" حاسمة، وامشِ في خط مستقيم لمسافة 500 متر تقريباً، ستجد موقفاً للباصات العامة المتجهة الى وسط المدينةوالجيزة والأهرام. اصعد الباص المكيف الرقم 790، وقيمة التذكرة جنيهان مصريان فقط، إضافة الى جنيه واحد عن كل حقيبة سفر. مهمة الباص هي توصيلك الى خارج ضاحية مصر الجديدة، وذلك حقناً للجدل مع سائقي سيارات الأجرة، وغالبيتهم يبالغ في أجره، الذي على رغم خضوعه للتسعير الحكومي، يحتفظ بخاصية الElastiuty. وإن لم تكن قد حجزت محلاً للإقامة قبل وصولك، فلا تقلق، لأن الخيارات كثيرة. والأحياء المرشحة لأن يقيم فيها زائر القاهرة هي: منطقة وسط القاهرة والزمالك والمهندسين والدقي، إذ ان جميعها يتميز بسهولة الوصول الى الأماكن الجديرة بالزيارة في القاهرة، وفي تلك الأحياء، يمكن الاختيار بين عدد كبير من البانسيونات الفنادق الصغيرة، ويمكنك الحصول على غرفة مكيفة بدورة مياه خاصة، إضافة الى وجبة الافطار، بسعر يتراوح بين 15 و20 دولاراً اميركياً لليلة الواحدة. وبغض النظر عن موعد الوصول، من الممكن البدء في استكشاف قاهرة المعز صباحاً أو ظهراً أو ليلاً، والتحرك بمبالغ صغيرة نسبياً ما يوازي 50 دولاراً اميركياً، أما الباقي فمن المفضل تركه في خزنة الفندق أو البانسيون. ولعل خير بداية لاستطعام نكهة المدينة التي يقطنها بين 15 و20 مليون نسمة، وجبة صغيرة في أحد المقاهي أو المطاعم الكثيرة ذات المستويات المختلفة والمطابخ المتنوعة في أرجاء القاهرة. أنت في القاهرة، وهو ما يجعل وجبة الفول والفلافل أو الكشري إجبارية، وهناك بالطبع الأطباق الدولية، مثل اللحم المشوي أو الفيليه المقلي أو الدجاج مع الخضروات المسلوقة والبطاطا المحمرة. رسمياً، لا وجود للحمى القلاعية أو جنون البقر في مصر، ولكن لا بد من الحذر في تناول السلَطة الخضراء في المطاعم الرخيصة، إلا بعد التأكد من غسلها بالماء على الأقل. متاحف مختلفة وإذا كان خير الأمور الوسط، فلنبدأ من الوسط، وتحديداً المتحف المصري في ميدان التحرير - قلب القاهرة. المتحف مفتوح يومياً من التاسعة صباحاً الى الرابعة مساء، باستثناء يوم الجمعة إذ يغلق ما بين الساعة 15،11 صباحاً الى 30،1 ظهراً للصلاة. المتحف بالطبع عامر بالمقتنيات الأثرية من الممالك القديمة والوسطى والحديثة، ويمكنك - من دون مبالغة - أن تمضي أياماً في دهاليز المتحف من دون أن تتمكن من مشاهدة ال150 ألف قطعة. وعلى الصعيد الأثري كذلك، هناك اهرامات الجيزة، وأبو الهول، وهرم سقارة، وقلعة صلاح الدين. ويمكنك الحصول على حسومات كبيرة على تذاكر الدخول، إذا كنت تحمل بطاقة طالب معترفاً بها. ومن المتاحف أيضاً المتحفان الاسلامي والقبطي، الأول ي حي باب الخلق، ويضم نحو 80 ألف قطعة أثرية اسلامية، والثاني في حي مصر القديمة. ويمكن القاهرة أن تقدم لك لمحة عن الأديان السماوية الثلاثة من خلال مجموعة من المساجد والكنائس والمعابد. اقتناء كتاب سياحي أمر ضروري لزيارة الأماكن الأثرية، والكتب الموجودة في هذا المجال لا حصر لها. وكما أشرنا من قبل، فإنه على رغم انخفاض تسعيرة سيارات الأجرة مقارنة بدول اخرى كثيرة، تحولنت عدادات تلك السيارات الى قطع ديكور، شأنها شأن الورود الاصطناعية او دلايات الخرز الأزرق التي تتدلى من مرآة السائق، ما جعل التفاوض حول أجرة التوصيل أمراً شاقاً يحتاج أحياناً الى خبرات المحكمين الدوليين، فإن لم تكن تتمتع بقدرة تفاوضية فذة، عليك بالمواصلات العامة، وهي متعددة، سواء الباصات المكيفة وغير المكيفة، والميني باصات، والميكروباصات السرفيس، ومترو الأنفاق. والأخير هو الأفضل من دون منازع طالما سيوصلك الى نقطة قريبة من مقصدك. لا بد للزائرين من رؤية اللون الأخضر بعدما تشبع بتلك الكمية من الآثار والمباني القديمة، وحديقة مريلاند في ضاحية مصر الجديدة، وهي مترامية الأطراف بين حديقة عامة، ومطاعم، ومنطقة ملاهٍ نموذجية لهذا الغرض، هناك كذلك حديقة الأندلس القريبة من دار الأوبرا ذات التصميم الأندلسي. ولا يزيد سعر دخول تلك الحدائق على جنيه مصري واحد. لتمضية فترة ما بعد الظهر والمساء والسهرة، ما عليك سوى الاطلاع على صفحة السينما والمسرح في أي من الصحف اليومية، حيث يمكنك أن تنتقي ما تود مشاهدته، بدءاً من الجاد على مسارح الدولة وتتميز غالبيتها برخص أسعارها، ومروراً بعروض القطاع الخاص المسرحية ويتميز أغلبها بالتفاهة قلباً وقالباً، وانتهاء بالأفلام المصرية والأجنبية. دار الأوبرا قد تكون اختياراً أفضل لآخرين، وهي تقدم عروضاً مختلفة على المسرحين الكبير والصغير، إضافة الى المسرح الصيفي، ومركز الهناجر: باليه، اوبرا، اوركسترا، موسيقى عربية، جاز، موسيقى نوبية، فرق رقص أجنبية، والقائمة طويلة، والأسعار مخفضة للطلاب. الملاهي الليلية منتشرة في القاهرة وعلى أطرافها، وجميعها يحمل أسماء أجنبية من دون سبب واضح، ربما باستثناء ملاهي السندباد الواقعة على أول طريق مصر - الاسماعيلية الصحراوي، وتحوي القائمة كوكي بارك منطقة الاهرامات واكوا بارك طريق القاهرة - الاسماعيلية وماجيك لاند ودريم بارك مدينة 6 اكتوبر، واذا كنت تود اضافة قليل من الماء الى المرح، فهناك كريزي ووتر مدخل مدينة 6 اكتوبر. وتتراوح أسعار تذاكر تلك الملاهي بين 35 و45 جنيهاً مصرياً للفرد، وتشمل استخدام كل أو عدد من الألعاب، وأحياناً وجبة غذائية. ولهواة الرقص، يوجد عدد كبير من صالات الديسكوتيك ذات المستويات المختلفة، والكثير منها يحظر دخول الشبان من دون فتيات درءاً للمشكلات، وغالبتها تفرض حداً أدنى للطلبات يتراوح بين عشرة جنيهات للأماكن المتواضعة، ويصل الى 80 جنيهاً في الأماكن غير المتواضعة. وقد تحلو لك فكرة نزهة نيلية على متن فلوكة، ومراسيها منتشرة على طول كورنيش النيل من ماسبيرو مبنى التلفزيون الى المعادي مروراً بغاردن سيتي، وشأنها شأن سيارات الأجرة، تتطلب وقفة تفاوضية مع "الريس" قائد الفلوكة قبل بدء الرحلة. الى الاسكندرية ساعتان ونصف الساعة أو ثلاث ساعات هي كل ما يفصل بينك وبين "عروس البحر المتوسط" الاسكندرية معقل الجميلة كليوباترا آخر ملكات مصر. وعموماً، كن على يقين من أن خطواتك الأولى في تلك المدينة العريقة ستمنحك شعوراً مختلفاً عما شعرت به في القاهرة. اذا كنت تتوق الى السباحة على شواطئ المتوسط، فخذ كفايتك من عشرات الشواطئ العامة التي تمتد على جانب كبير من ال16 كلم، طوال امتداد الاسكندرية على شاطئ المتوسط. وبعد الحصول على الاستجمام المطلوب، عليك الاختيار بين قائمة المزارات: قلعة قايتباي، مسجد المرسي أبو العباس وكوم الدكة، وزيارة الأخيرة ضرورية، فهي تحوي مسرحاً رومانياً بديعاً يتسع ل800 متفرج، وبالقرب منه توجد الحمامات الرومانية التي تعود الى القرن الثالث. ويجب عدم مغادرة الاسكندرية قبل ضخ نسبة من الفوسفور في الجسم من خلال وجبة أسماك في أبي قير، هذه المدينة الصغيرة الواقعة على مسافة 24 كلم شرق الاسكندرية، وهي بمثابة ضاحية من ضواحي الاسكندرية. إلا أن أبا قير ليست المكان الوحيد الذي يمكن أن يقدم وجبة أسماك ممتعة، فهناك شارع سعد زغلول في وسط المدينة المدججة بكل أنواع المطاعم، وهناك مثلاً مطعم الاخلاص وجبات مصرية تقليدية، سانت لوتشيا أسماك، شي غابي مطعم فرنسي ذو تأثير مصري وباستروديس مطعم يوناني. شرم الشيخ والغردقة النكهة المتوسطية للاسكندرية تطغى على أي طعم آخر، وأمام الراغبين في التنويع أمران، اما جنوبسيناء وأبرز مدنها شرم الشيخ ودهب وطابا أو الغردقة أو كلاهما. واذا استثنينا الطيران الداخلي، لن يبقى أمامك سوى الباصات السريعة التي تتوجه يومياً الى شرم الشيخ، وسعر التذكرة نحو 50 جنيهاً مصرياً. وفي شرم الشيخ، مجموعة متنوعة من أماكن الاقامة بدءاً من فنادق ومنتجعات الخمسة نجوم ومروراً بفنادق النجوم الثلاثة وانتهاء بالمخيمات والتي يندر أن تجد لها مثيلاً في العالم. المشكلة الوحيدة التي قد يواجهها زائر شرم الشيخ هي غلاء أسعار المواد الغذائية، ولن يضر اذا اصطحبت عدداً من المعلبات ضغطاً للنفقات. والخيار الثاني هو الغردقة التي تقع على بعد 525 كلم جنوبالسويس على البر الغربي للبحر الأحمر، والباصات هي أيضاً طريقك الى هناك. شاطئ الغردقة الممتد على مسافة بين 20 و30 كلم متخم بالفنادق والمنتجعات أيضاً، ولا بد من أن تجد هناك ضالتك لجهة الموقع والموازنة، من بين 30 ألف غرفة فندقية، إضافة الى نحو 60 ألف غرفة قيد الانشاء. ويتكلف الباص من القاهرة الى الغردقة أيضاً نحو 50 جنيهاً مصرياً. ويمكن زيارة شرم الشيخ والغردقة معاً وذلك من طريق الباخرة التي تبحر بينهما، لكن عليك أن تتأكد من المواعيد، إذ انها لا تبحر بانتظام. وعموماً هناك فكرة أخرى قد تروق لك، شرط أن تكون ممن يتحملون درجات الحرارة العالية، وفي المقابل، فإن مكافأتك ستكون أسعاراً معقولة جداً في الفنادق التي عادة ما تقدم اسعاراً مرتفعة جداً في موسم الشتاء. والمقصود هنا هو زيارة الأقصر وأسوان والمدن الأثرية المحيطة في جنوب مصر.