25 في المئة من مجموع سكان الدول التي عمّ فيها التعامل اليومي مع الانترنت يرون، بحسب دراسة جديدة، انهم غير مهتمين بشبكة الاتصال هذه. 40 في المئة منهم يعلنون عدم حاجتهم اليها، وأخيراً 32 في المئة من سكان تلك البلدان لا يملكون حتى اليوم آلة كومبيوتر. قد تظهر هذه الدراسة ان تعميم الانترنت ليس بهذه السهولة، وان الأمر يحتاج الى بعض السنوات، على رغم ان انتشار الشبكة لا يزال يواصل تقدمه وان النساء بشكل خاص بدأن يشكلن نسبة مرتفعة من مستخدمي الشبكة في فرنسا 40 في المئة من رواد الانترنت نساء. بيد ان هذه الأرقام تخفي الفوارق الشاسعة بين الدول، خاصة عندما تكون هذه الدول ضعيفة في بناها التحتية، وعندما يكون النظام السياسي الحاكم فيها معاديا للانفتاح وللحريات. افغانستان عادت الى واجهة الحدث هذا الاسبوع عندما قررت "طالبان"، بعد منعها النساء من الخروج الى الأرياف أو الى الأماكن السياحية، تحريم استخدام الالانترنت لكافة المواطنين... المضحك في الأمر ان هذا القرار لا يعني عدداً كبيراً من الافغان بعض عشرات على الأرجح: ففي بلد لا يزال جهاز التليفون فيه نادراً سبعة مواطنين من كل الف يملكونه تبدو الانترنت حلماً بعيداً. الا ان مراقبة الاقلية التي تحوز التليفون والكومبيوتر والانترنت تبدو صعبة المنال قياسا بامكانات "طالبان" التقنية. فحتى اليوم ليس هناك مجال لفتح موضوع الاعلام في كابول، اذ ان "طالبان" ورثت عن الحكم الشيوعي وحكم المجاهدين الشغف ذاته في احكام الرقابة الصارمة على أدواتها. غير ان الحديث عن ذاك الارث يبدو غير محق في تفسير الظاهرة، اذ ان "طالبان" لم تكتف بالرقابة، بل ذهبت في تحريمها الى منع الموسيقى والسينما والتلفزيون. فمن أولى خطواتها بعد دخولها مدينة كابول سنة 1996 اغلاق محطة التلفزيون الناشئة ومنع اي بث تلفزيوني ومنع بث الموسيقى في الاذاعة التي لم تعد تذيع سوى برامج دينية وتصاريح زعماء "طالبان" السياسية. كذلك فإن الكاميرا وأداة الفيديو وكل ما يتعلق بالصورة لُقّبت بالعلب الشيطانية، وعقوبة الإعدام هي جزاء كل من يحاول التقاط صورة للملا محمد عمر، كما ان أي مالك لكاميرا فيديو قد يتهم بالتجسس لحساب لأميركا أو حتى لإيران. ووضع الإعلام المرئي في مناطق افغانستان التي لا تخضع لحكم "طالبان" ليس أفضل. فرغم وجود محطة تلفزيون "هاوية" في شمال شرق البلاد، وعلى رغم ظهور مذيعة على شاشة هذا التلفزيون، يبدو ان الحرية النسبية غير متوافرة لأسباب تعود الى الاقتتال الدائم في البلاد، والحديث عن مشاكل الحياة اليومية قد يحبط عزم المقاتلين... بيد ان وجود بعض الصحف في هذه المناطق، وخصوصاً امكان ادخال الصحف الاجنبية اليها يظهران الفرق الشاسع بين "حريات" يوفّرها معارضو "طالبان" لجمهورهم والوضع السائد في كابول. فمعظم الصحف اختفت من العاصمة الافغانية: فمن أصل 100 مطبوعة كان نظام نجيب الله الشيوعي قد أحكم الخناق عليها، لم يبق اليوم سوى عشر مطبوعات. والسبب اغلاق الصحف القسري وانعدام امكانات الطباعة والنشر وفرار الصحافيين الافغان الى الدول المجاورة أو الى الدول الغربية. "طالبان" عوضت رحيل الصحافيين بتوظيف اعداد من المحاربين لإدارة المطبوعات يشرف عليهم بعض المستشارين الباكستانيين. وهكذا غدا 21 مليون افغاني لا يتمتعون حتى بحق قراءة الصحف، اذا ما استثنينا تلك التي تصدرها "طالبان" من دون صور أو مقالات أو حتى بريد للقراء. في صيف 2000 أصدرت "طالبان" مجلة شهرية من مدينة قندهار ناطقة باللغة الانكليزية للتصدي، كما يقول مسؤولها، للأخبار الملفقة التي يبثها أعداء الاسلام. غير ان العدد الأول من هذه المجلة أظهر ان الغاية الوحيدة لها هي الترويج للنظام ومطالبة الاممالمتحدة بالمقعد المخصص لافغانستان والذي لا يزال في قبضة النظام السابق لبرهان الدين رباني. اما الصحافيون الافغان الذين فروا الى الخارج، فحاولوا اعادة بناء اعلامهم في دول كإيران وباكستان وطاجكستان أو حتى في الولاياتالمتحدة والمانيا. فحوالي 30 مطبوعة افغانية تصدر بشكل متقطع في هذه الدول وقد غدا للبعض منها عدد مهم من القراء، خصوصاً في ايران وباكستان حيث يقطن مئات الآلاف من اللاجئين الافغان. كذلك فإن حوالي عشر مطبوعات افغانية تظهر من وقت الى آخر على شبكة الانترنت غالباً مراكزها تعاني من مشاكل تقنية. اليوم لم يعد يمكن التكلم عن حرية العمل الصحافي في العالم العربي - الاسلامي، دون ذكر محتوى هذه الصحافة. ومن غير العودة الى قضية صحيفة "النبأ" المصرية وما آلت اليه عامة الصحافة القاهرية، لا بد من التوقف امام الظاهرة الجديدة في الصحافة التونسية: "الصباح"، "لوتان" و"الحرية"، فقد بدأت حملة تطالب الرئيس بن علي بتلبية الواجب وترشيح نفسه للمرة الرابعة لرئاسة الجمهورية، وهو ترشيح يتنافى مع الدستور التونسي. والأرجح ان بن علي سيخضع لرغبة الجماهير وصحفها.