خلت ورقة الحكومة اليمنية التي قدمها أمس رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال في جولة الحوار الثالثة مع الاحزاب والقوى السياسية المعارضة من أي مبادرة لاستيعاب ما قدمته لتعديل قانون الانتخابات. واعتمدت الحكومة في الورقة التي قدمها باجمال على طرح ملخص للآراء التي كانت المعارضة قدمتها سابقاً واعتبرها "حزبية"! مؤكداً ان الحوارات والمشاورات التي جرت كانت "ايجابية" كونها حققت الرغبة في "تجسيد المشاركة والتفاعل مع الأوساط السياسية والاجتماعية". وشعر ممثلو وقادة أحزاب المعارضة والمؤسسات والتنظيمات المشاركة في الحوار بأن ورقة باجمال غلب عليها طابع المفاهيم الفلسفية وشروحات "الثابت والمتحول في النهج السياسي الديموقراطي في اليمن"، ما يخرج الحوار القائم عن اطاره نظراً الى أهمية مشروع قانون الانتخابات. وشدد باجمال على ان من حق الحكومة ان تتعامل مع قضايا التطور السياسي للعملية الديموقراطية من خلال الحقوق والواجبات المناطة بها وفقاً للدستور من دون ان "تلزم نفسها بالتشاور أو تبادل الرأي مع الآخرين"، وهذا يعني انها غير ملزمة بطروحات ووجهات نظر الاحزاب المعارضة. وشددت ورقة الحكومة على ان اتجاهها الى الحوار هو رغبة منها في تأكيد اعترافها بوجود المعارضة والرأي الآخر "لكنها لا تقبل ان يعتقد بعضهم بأن الاستماع الى الرأي الآخر سيكون على حساب الثوابت والأسس الدستورية" التي هي من حق الحكومة. وتعرضت ورقة الحكومة الى تشخيص الواقع اليمني اقتصادياً وسياسياً وديبلوماسياً واستراتيجياً الخ... ولفتت الى ان "محددات التواصل واللقاءات التشاورية مع الاحزاب يجب ان تستند الى الأسس الدستورية والقانونية والنظامية "الراسخة"، وان اليمن ليس حالة استثنائية وشاذة، فكل التجارب التي خاضتها البلدان الأخرى المتماثلة مع الوضع اليمني قابلة للدراسة أو التعاطي الايجابي معها". والهدف النهائي من الحوارات هو ضمان دستورية وقانونية الاجراءات، و"تحقيق الاستقرار المؤسسي"، وضمان الحيادية والاستقلال للعملية الانتخابية كاملة. وتطرقت الورقة الى ان "الحزبية ليست مؤسسة بديلة ومحور خاصاً"، واعتبرها في ملاحظات وردت في نهاية الورقة انها "جزء من نظام مؤسسي متكامل وشامل". واعتبر ان محاولة المعارضة "توظيف الحالات الاستثنائية في التحالفات الراهنة واظهارها بمظهر "المطلق والثابت" مجرد تكتيكات وحالات محكومة بردود أفعال معينة أو قائمة على تراث من التفكير والممارسة السياسية المعروفة بنظرية ادارة الأزمة، بمعنى ربط وجودها بالأزمات"، مؤكداً ان مفهوم الديموقراطية وآلياتها تتلخص في ان "الغالبية هي صاحبة القرار في إشارة الى رأي الحزب الحاكم وبرنامج الحكومة. وقال ان واجب أي حزب حاكم ان يؤمن الوجود الدائم للشرعية، وان لا يسمح بأي فراغ دستوري أو وضع البلاد في "منزلة بين منزلتين". ولهذا لا بد من الاحتراز لأي طارئ يمكن ان يلحق الضرر بالنظام السياسي أو يسلم "رصيد البلاد الى المجهول". وتم الاتفاق بين الحكومة والمعارضة على دراسة ورقة باجمال وتقديم وجهات النظر الحزبية المعارضة فيها في الجولة المقبلة من الحوار.