الراقصة سماره فنانة تقول الكلام المدوزن بجسدها، ويمكن القول ان لغة رقصها رصينة ولا تبوح الا بما يجول في الذات. هادئة وتتحدث بلطف مهما كانت الأسئلة الموجهة اليها، وهذا ما يزيد الى شخصيتها المزيد من نكهات مختلفة. ففي نبرة صوتها دفء، وفي اشارات يديها ونظراتها دلالات جميلة وفي صمتها ايضاً تكمن اجابات جاذبة. جلسنا في مكتب سمارة وتناولنا أطراف الحديث وامتد الكلام وتوزع وانتشر وكان كالآتي: عملك الجديد "كلثوميات" كيف ولدت فكرته وتم التحضير لانجازه؟ - في الواقع أحببت تقديم عمل جديد يكون بمثابة تحية وهدية الى الجمهور، ولما وجدت معظم الألحان الحالية من "مودرن" وغيرها قد استهلكت، حاولت التفكير بشيء مميز من حيث الموسيقى والايقاع، فلم أجد أفضل من ألحان أغنيات السيدة أم كلثوم. هل مسلسل "أم كلثوم" كان دافعاً لتقديم هذا العمل؟ - لا، كانت الفكرة موجودة وواردة قبل عرض المسلسل، الا ان التعايش معه أعطاني حافزاً أكبر للتنفيذ. وقد صادف تنفيذ العمل مع عرض مسلسل أم كلثوم في الوقت نفسه. كيف تم التعاون مع الموسيقار توفيق الباشا؟ - لقد اطلعت توفيق الباشا على الفكرة، وباشر هو في الإعداد والتوزيع، كما اختار لي أجمل الألحان التي تضم مقطوعات ايقاعية راقصة كأغنيات "أنت عمري"، "ليلة حب" وغيرها ونسقها في شكل رائع. ماذا عن التأليف الخاص؟ - سوف يحصل تعاون في ما بيننا أنا وتوفيق بهذا الخصوص لاحقاً، ولكن أنا أركز اليوم على الألحان القديمة، وأفكر أيضاً بتقديم عمل من الحان محمد عبدالوهاب. ما الجديد الذي أدخلته على صعيد الرقص؟ - الجديد يأتي دائماً في طريقة التعبير، وفي هذا العمل بالذات شعرت انني اعبر بطريقة مختلفة جداً، فقد تفاعلت مع الموسيقى والايقاع في شكل جميل جداً. بماذا تتميز سمارة عن بقية الراقصات؟ - ككل شيء في الحياة مهما تشابه مع غيره يبقى له خصوصيته، فالأصوات والوجوه مثلاً تتشابه ولكن يبقى لكل فرد شخصيته المستقلة، وكذلك لكل راقصة أسلوبها الذي يميزها عن غيرها مهما تشابهت الحركات واقتربت من بعضها. كما ان للجمهور دوراً كبيراً في هذا الموضوع لأنه هو من يحكم ويعطي النجومية للفنان، لذا أترك الجواب له. هل تفكرين بعمل استعراضي ضخم؟ - الفكرة موجودة، الا انني أفكر حالياً في تأسيس مدرسة لتعليم الرقص، وأعمل فعلياً على هذا الموضوع. ما هدفك من انشاء مدرسة لتعليم الرقص؟ - الاستمرارية وتعليم الجيل الصاعد الخبرة التي اكتسبتها من تجاربي الشخصية، وتحضير الصبايا لمباراة "استديو الفن"، بالاضافة الى وضع خبرتي ومعلوماتي عن المسرح في متناول من يرغب. ماذا يعني لك الرقص؟ - الرقص كل شيء في حياتي منذ طفولتي، انه "سمارة". اشعر بسعادة كبيرة بفضل هذا الفن، وطموحي الوصول الى الجمهور عبر المسرح وليس فقط من خلال الرقص، لأنه يشعرني بأني ملكة ومكاني الحقيقي فيه، وليس خارجه. الى أي مدى تحرص سماره على ارضاء الجمهور في اعمالها؟ - انا اختار دائماً ما يعجب الجمهور، وأحرص على هذا الاختيار. أحياناً لا أحب موضوع العمل الذي أقدمه ولكن اضطر الى تقديمه ارضاءً للجمهور. ألا يؤثر ذلك سلباً على عملكِ؟ - لا ليس كثيراً، لأنني ما زلت اقدم الأعمال في اطار المسرح الضيق، في شكل لوحات وقصص صغيرة وليس على مستوى عمل استعراضي ضخم. وربما عندما ادخل في اجواء الاستعراض قد يختلف الأمر. كيف كانت الأصداء الإعلامية مع عمل "كلثوميات"؟ - حتى اليوم ما زلت أتلقى اتصالات التهنئة والاطراءات على العمل، ولا ادري ما اذا كان هناك رأي معاكس لم أسمعه بعد. هل تهتمين بمتابعة الإعلام؟ - طبعاً، أتابع الإعلام وأهتم بالجانب السلبي منه كي أعرف أخطائي وأصححها وأطور نفسي، لأنني اعتقد انه ما من ضغينة بيني وبين صحافي كي يكتب عني في شكل سلبي، ولولا وجود شيء ما سلبي في عملي لما انتقدني. ما هدف سمارة من الرقص؟ - الرقص كالحب عطاء بل مقابل، إذا دخلت المصلحة فيه يفشل. انه العطاء والاحترام الدائم للجمهور. هل من عمر معين للراقصة؟ - العطاء لا ينضب الا اذا نفذ مخزون الإنسان، وكما الأم لا تضع حداً لعطائها، أنا لا أستطيع ان أحدد عمر معين لهذا الحب والعطاء في الرقص. هل تستطيع سماره وصف شعورها في حالة الانسجام التام في الرقص؟ - قمة الانسجام لا تحصل في جميع الأوقات، بل في 75 في المئة منها. وفي هذه الحالة أنسى كل شيء، ولا أفكر الا في العطاء وتقديم افضل ما عندي. كيف ترى سماره حال الرقص حالياً؟ - مثله مثل جميع الفنون، خفت حركته وتأثر بالوضع الاقتصادي القائم عموماً. فالأعمال تحتاج الى انتاج، ومن لا ينتج لا يستطيع الاستمرار في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، كما ان الأوضاع الأمنية التي ألمت في لبنان قبل فترة التحرير أثرت كثيراً عليه. ما هو مردود "الفيديو كليب" لدى الراقصة؟ - "الفيديو كليب" هو نوع من الشهرة والانتشار في سبيل الوصول الى الجمهور في شكل أسرع، فهو يطلعه على المستوى الذي يقدمه الفنان. هل تأثرت سماره بإحدى الراقصات؟ - نعم، نعيمة عاكف، أحب رقصها ومعجبة بأعمالها الاستعراضية، كما احب سامية جمال التي امتازت بنكهة خاصة في الرقص، علماً انها لم تغير كثيراً في حركاتها. تزوجت أخيراً، هل أثر زواجك على مسيرتك الفنية؟ - نعم، لقد أثر الزواج على عملي في شكل ايجابي جداً، ولو كنت أعلم ان النتيجة ستكون كذلك لكنت تزوجت منذ زمن. الزواج حقق لي الاستقرار والنظام في كل شيء في حياتي، لأن زوجي يقف الى جانبي ويدعمني. هل يساعدك في أعمالك؟ - لا، انه بعيد من الوسط الفني ولا يحب التدخل في أعمالي، الى درجة انه لا يحب مشاهدة العمل الا بعد انجازه. عندما تعارفنا لم يعجب بي كسمارة الراقصة، بل كإنسانة اسمها "طاهرة" وما زلت أعيش معه ومع أهلي كطاهرة وليس سماره. ألا يجعلك هذا الوضع تعيشين بشخصيتين؟ - لا، لأنني أترك لكل شيء وقته ولا أدخل العمل في حياتي الخاصة. الى أي مدى يثير عملك غيرة زوجك؟ - شهادتي به مجروحة، وكنت أتمنى أن يجيب شخص غيري على هذا السؤال، زوجي انسان صاحب عقل كبير ومتفهم، ولكن هذا لا يعني انه غائب عن الأجواء ولا يعرف ماذا يحصل، اضافة الى ان هناك ثقة متبادلة بيننا. هل أنت راضية عن نفسك؟ - لا أحب ان اكون راضية عن نفسي مئة في المئة، لأن ذلك يعني ان كل شيء وصل الى النهاية، لذا لا اقتنع بما لدي واطمح الى تحقيق الأفضل.