حرص رئيس الحكومة ارييل شارون أمس على الدفاع عن وزير خارجيته شمعون بيريز أمام منتقديه على لقائه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ليل الجمعة الماضي في لشبونة وبدا واضحاً انه يسعى الى تجنب أزمة ائتلافية من شأنها ان تكون بداية نهاية حكومته. ونقل عن قريبين الى شارون رؤيته في مواصلة "حكومة الوحدة" مشوارها مهمة استراتيجية وأمراً بالغ الأهمية لاسرائيل اضافة الى تأكيد شارون ان اللقاء في لشبونة تم بتنسيق تام بينه وبين بيريز وان الأخير لم ينحرف قيد أنملة عن الخطوط الأساسية للحكومة، لا بل طرح بكل حزم مواقف الحكومة ورئيسها وبخاصة مطالبته بتحقيق وقف شامل لاطلاق النار شرطاً لتنفيذ المراحل الأخرى في توصيات لجنة ميتشل الدولية. وإزاء موقف شارون هذا شهدت جلسة الحكومة الاسبوعية أمس نقاشاً صاخباً حين أعلن رئيس الحكومة انه يكتفي بالاستعراض الذي قدمه بيريز عن لقائه عرفات، ورفض طلب وزير السياحة المتطرف رحبعام زئيفي اجراء نقاش حول الموضوع فما كان من زئيفي إلا أن ترك الاجتماع غاضباً. وهدد زئيفي، في حديث للاذاعة العبرية، بالانسحاب من الحكومة زاعماً ان هذه رغبته لكن أقطاب حزبه يعارضون ذلك. وزاد انه لا يعارض مبدئياً مشاركة بيريز في اجتماعات الاشتراكية الدولية لكن لقاءه عرفات لا لزوم له ولا يجلب سوى الضرر لاسرائيل لأن من شأنه تمهيد الطريق لعرفات لزيارة البيت الأبيض. ولم يخف زئيفي غضبه من الابتسامة التي ارتسمت على وجه بيريز أثناء مصافحته عرفات وهي ما أغضبت أيضاً وزيرة التعليم ليمور لفنات. وعلى رغم طلب شارون من وزراء حزبه "ليكود" عدم التعرض لبيريز، إلا أن وزير شؤون البيئة تساحي هنغبي لم يتردد في اتهام وزير الخارجية بعرقلة الجهود السياسية الرامية الى عزل عرفات دولياً وزيادة الضغوط عليه "لوقف الارهاب"، وان اللقاء يمنح الرئيس الفلسطيني مجدداً الشرعية ومن دون مبرر. وانضمت الوزيرة العمالية دالية ايتسك الى جوقة المنتقدين واعتبرت اللقاء سابقاً لأوانه، فيما قال الوزير داني نافيه ليكود ان المشكلة ليست في المصافحة التي بثت الى العالم انما في الظروف التي وفرت التقاط هذه الصورة. وشن أركان المستوطنين هجوماً شديد اللهجة على بيريز، ورأى مجلس المستوطنين في لقاء لشبونة بمثابة اعطاء ضوء أخضر لعرفات "ليواصل اعتداءاته". واعتبره الحاخام الياكيم لبنون "خيانة قومية"، وزاد ان اسرائيل بحاجة الى زعيم آخر يحل محل شارون. ودعا بنحاس فلدشتاين، رئيس احدى المستوطنات، الى محاكمة "مجرمي أوسلو". ويتفق محللون سياسيون على أن ما يقلق اليمين حقاً هو إمكان ان يؤدي لقاء بيريز - عرفات الى دعوة الأخير لزيارة واشنطن. وكتب المعلق السياسي في صحيفة "معاريف" حيمي شليف يقول انه على رغم محاولات التقليل من أهمية لقاء لشبونة ونتائجه فإن المصافحة التي تمت على مرأى العالم من شأنها أن تؤثر الى انقلاب في سياسة الحكومة وربما في تركيبتها أيضاً في المستقبل البعيد. وزاد ان بيريز، بحكم منصبه ومكانته، فكك دائرة الخناق السياسي الذي حاول شارون به الضغط على عرفات. وأضاف: "انه اللقاء في واقع الحال رد الاعتبار للشريك. انه تحد لسياسة التنديد والمقاطعة التي حاول شارون اتباعها حتى الآن تجاه عرفات بتأييد متحمس من الرأي العام ومنحه شهادة تأهيل في الحلبة الدولية كشريك للمفاوضات وربما زرع بذور المصاعب التي ستؤدي الى حل الائتلاف الحكومي الحالي". ودافع بيريز من ناحيته عن عقد اللقاء بالقول انه كان عبارة عن "تبادل آراء" من دون الخوض في مفاوضات سياسية. وزاد، في حديث للاذاعة العبرية أمس انه يجب "بذل جهد أقصى لوقف الارهاب والعنف والتشديد على أن اسرائيل تسعى الى السلام وليس للكراهية والقتل". اضاف ان من غير المعقول ان يحذر منتقدوه من أن عرفات يسعى الى تدويل الأزمة ويلتقي وزير الخارجية الأميركي ووزراء خارجية اوروبيين وفي الوقت نفسه يطالبون بعدم لقاء عرفات. أما رئيس الحكومة فأكثر الحديث عن نجاح زيارته للولايات المتحدة وزيارة وزير خارجيتها للمنطقة، مشيراً الى أن الادارة الأميركية تبنت مواقفه وشروطه لتنفيذ توصيات لجنة ميتشل. وأمس أعلن ان فترة الأيام السبعة التي تسبق بدء حساب فترة التهدئة لم تبدأ بعد "إزاء عدم وفاء عرفات بتعهداته وقف العنف".